هذا سؤال افتراضي كما نعلم فان للأرض دورتان نلاحظهما خلال فترة حياتنا، دورة حول محورها ودورة حول الشمس ( لم نتحدث هنا عن دوران الأرض مع المجموعة الشمسية حول مركز المجرة)، فإذا حصل أمر ما تسبب بتوقف دوران الأرض حول محورها، فإن أشياء كثيرة سوف تحدث على الأرض، ولكن دعونا في البدء نسمح ببعض الافتراضات، أولها إن الأرض توقفت عن الدوران حول محورها بشكل تدريجي، لان التوقف المفاجئ سيعني كارثة تُهلك كل شيء، ثانيا لنفترض بان الأنظمة البيئية بقيت حتى لحظة التوقف سليمة. حسنا، والآن كيف سيبدو هذا العالم الجديد؟ أول شيء فان الأرض سوف تستغرق الآن عاما كاملا لتفعل ما كانت تنجزه في يوم واحد، أي أن يومنا المعتاد من شروق الشمس إلى الغروب ومن ثم الشروق التالي سوف يستغرق عاما كاملا، فالمدن سوف تقضي نصف العام في الظلام، ونصفه الآخر تحت أشعة الشمس، بشكل مشابه لما يحدث عند القطبين حاليا. وكل منطقة سوف تتعرض لفصول مختلفة، لكن تأرجح درجات الحرارة من فصل إلى آخر سوف يبلغ مداه الأعظمي من اجل المناطق الواقعة على طول خط الاستواء، فالمنطقة الاستوائية الأقرب والمقابلة للشمس سوف تقضي أشهر ذات حرارة جهنمية، أما المنطقة الاستوائية المناظرة لها من الجانب الآخر سوف تعيش في ظلام دامس وبرد قارس بعيداً جداً عن الظروف المناخية المعتادة فيها، مما سيسبب اضطرابات عند النباتات والحيوانات التي تكيفت مع المناخ في تلك المناطق، وبالتالي بالنسبة لحياة البشر ايضا. هل دفعك ذلك بان تفكر بالرحيل إلى مناطق مستقرة نسبيا، كالمناطق القطبية مثلا، بالرغم من أنها لا تزال تقبع في برد قارس؟ لا تفكر بذلك مطلقا، لان المناطق القطبية حينها سوف تكون مغمورة عميقا تحت الماء. إن الحدود الفاصلة بين المحيطات واليابسة في الأرض التي لا تدور حول نفسها، لن تبدو كما هي في يومنا الحالي. والسبب أن دوران الأرض حول نفسها يؤدي لتشكل قوة نابذة، تتسبب في انتفاخ الكرة الأرضية على طول خط الاستواء، وانعدام الدوران سوف يعني زوال ذلك الانتفاخ، وبالتالي فان كل الماء الإضافي المُحتفظ به في المحيطات على طول خط الاستواء سوف ينسكب باتجاه القطبين. أما شكل الأرض التي ستبدو عليها بعد زوال ذلك الانتفاخ الاستوائي فهو عبارة عن شريط عريض من اليابسة، يطوّق خط الاستواء ويشكّل قارة واحدة ضخمة تفصل محيطين هائلين إلى شمالي وجنوبي ما سبق ليس كل شيء، الحقل المغناطيسي للأرض قد يتلاشى ايضا. حتى الآن لسنا متأكدين بشكل كامل من الطريقة التي ينشأ بها الحقل المغناطيسي، لكن واحدة من النظريات الأساسية تقول بان ذلك الحقل نشأ نتيجة لكون اللب الداخلي للأرض يدور بسرعة أكبر قليلا من دوران اللب الخارجي، أي هناك دورتان مختلفتان داخل نفس الكوكب، وتوقف الأرض عن الدوران، يعني توقف الآلية المسببة لنشوء الحقل المغناطيسي، وبالتالي إمكانية تعرض الأرض للرياح الشمسية المؤذية. ويبقى السؤال مطروحا إلى أين يجب أن نرحل؟ البشر يستطيعون التأقلم مع غياب التكنولوجيا الحديثة، لكن البقاء في تلك الظروف البيئية الجديدة يعتبر تحدياً كبيراً. قد نستطيع إضاءة منازلنا في الظلام ورفع أو خفض درجة الحرارة داخلها خلال التغيرات الكبيرة في درجات الحرارة، لكن لن يكون كل شيء تحت السيطرة. هل تعتقد أن المحاصيل الزراعية سوف تبقى في مثل تلك الظروف؟ السلسلة الغذائية بأكملها قد تكون معرضة للخطر، لكن مع ذلك قد نجد محاصيل جديدة أو معدّلة لتتحمل تلك الظروف القاسية، إن ذلك قد يبعث في نفسك القليل من الطمأنينة، ولكن في الواقع إن العالم وعلى الأرجح سيصبح جحيماً غير قابلٍ للحياة.