أعلنت اللجنة الدينية بمجلس الشعب برئاسة أحمد عمر هاشم رفضها المطلق لمشروع قانون جديد أعدته وزارة العدل المصرية يتضمن بنودًا تقيّد تعدد الزوجات، مؤكدة تعارضه مع أحكام الشريعة الإسلامية. وأكد هاشم "رفض أي مساس بالشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالقانون الجديد، لتعارضه مع أحكامها، خاصة البند الذي يوجب الطلاق أمام القاضي وإثباته بشهادة شاهدين". وينص مشروع القانون على وجوب موافقة الزوجة الأولى على الزواج الثاني لزوجها، وأن تحضر أمام القاضي لتقر بموافقتها. مستنبطًا في ذلك بعض الأحكام من القانون المغربي. وينص القانون كذلك أنه في حال وافقت الزوجة يدرس القاضي حالة الزوج المادية، كما ينظر فيما إذا كانت المرأة غير مكرهة على الموافقة. وقال "هاشم" خلال ندوة "إن لجنة الشؤون الدينية بالمجلس تضم 10 من علماء الأزهر لن يقبلوا المساس بالشريعة في القانون الجديد", مؤكدين وقوفهم له بالمرصاد. وكثر في الفترة الأخيرة سن القوانين التي تتلاعب بأحكام الشريعة الإسلامية, وتهدف إلى نشر الفساد والرذيلة في المجتمع المصري, وتقويض دعائم المجتمع عبر هدم الروابط الأسرية بين أفراده. قانون الطفل الجديد: وكان من ضمن هذه القوانين التي جوبهت بمعارضة شعبية من علماء وقانونين ومفكرين وفقهاء مصريين قانون الطفل الجديد بتعديلاته الذي أقر العمل به في مجلس الشعب مؤخرًا. وقد اتهمت "جبهة علماء الأزهر" مجلس الشعب والحكومة المصرية بالخروج عن نصوص الشريعة الإسلامية بعد إقرار تعديلات على قانون الطفل. وأكدت أن تلك التعديلات تبيح الزنا وتقننه وتحلل الحرام, وذلك في ظل حظر الزواج على من هم دون الثامنة عشرة, في الوقت الذي لا يجرَّم فيه مرتكبو جريمة الزنا. وهاجم بيان أصدرته الجبهة كذلك تعديلاً يبيح للأم نسبة طفلها إليها بشهادة الميلاد, متهمين واضعي القانون بفتح باب الزنا أمام الحرائر والعفيفات بعدما انتفت مساءلتهن عن إنجاب الولد وتقنينهم لتلك الجريمة بالتستر عليها وسهولة تسجيل المواليد الذين أتوا من خلالها. ويقع هذا التعديل في إطار تعديلات قانون الطفل الجديد التي أعلنها المجلس القومي المصري للأمومة والطفولة وأثارت جدلاً واسعًا بين المثقفين والفقهاء المصريين. ومن ضمن بنود هذه التعديلات التي أثارت لغطًا بين مختلف الفئات المصرية: ما يتعلق بتسجيل الطفل المولود خارج إطار الزوجية، وعدم جواز توثيق عقد زواج لأقل من ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة لكلا الجنسين، وتجريم ختان الإناث. ورأت الجبهة أن السماح للمرأة بنسب مولودها إليها من شأنه أن ييسر شيوع أمر الفاحشة، ويؤكد سقوط حق المرأة في صيانة سمعتها، وعرضها الذي أهدرته باختيارها، فلم تعد شرعًا بهذا الولد محصنة ولا عفيفة، بعد ما وثقت زناها وفقًا للقانون وأعلنته بإرادتها على الملأ. مواءمة مع المواثيق الدولية: كما شن البيان هجومًا ضاريًا على وزارة الخارجية المصرية التي حاولت تبرير قانون الطفل على لسان نائلة جبر مساعدة وزير الخارجية للشئون الدولية متعددة الأطراف، بقولها: إنه تم إصداره استجابة للالتزامات التي قطعتها الحكومة المصرية على نفسها بعد توقيعها على المعاهدات الدولية الخاصة بهذا الشأن. وتقع تلك الالتزامات بالمعاهدات الدولية في إطار المواءمة مع "وثيقة الطفل" سيئة السمعة المصدق عليها بالأمم المتحدة في العام 2002 والوثيقة التي هي محل نقاش بالأمم المتحدة والمسماة "إزالة جميع أشكال التمييز ضد الطفلة الأنثى". ومن ضمن بنود هاتين الاتفاقيتين ما جاء في "وثيقة الطفل" "المادة 37 الفقرة 3، والمادة 44، الفقرة 4" الإقرار الصريح بحق الفتيان والفتيات في ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج عن طريق إتاحة خدمات الصحة الإنجابية لهم, والمقصود بها وسائل منع الحمل, حتى لا يعكر عليهم صفو ممارستهم المحرمة، بالإضافة إلى "المادة 15" التي تدعو إلى الحق في الشذوذ الجنسي بدعوتها إلى الاعتراف بالأسر المتنوعة والمقصود بها الأسر التي تقوم على العلاقات المثلية الشاذة والطبيعية . أما الوثيقة الأخرى التي تصب اهتمامها على الأنثى فإنها كما جاء في الفقرة 115 تقضي "بحق" الطفلة [أقل من 18 سنة] في تحديد متى تصبح ناشطة جنسيًا، إضافة إلى الفقرات رقم 27, و82, و130 من الوثيقة والتي توصي بتوفير معلومات الصحة الجنسية للطفلة وتوفير احتياجات الصحة الإنجابية للمراهقين لتعليمهم ممارسة الجنس الآمن، أي تعليم ممارسة الجنس في المدارس خارج إطار الزواج شريطة توفير وسائل منع الحمل والوقاية من مرض الإيدز. فيما تصف الوثيقة عذرية المرأة بأنها نوع من الكبت الجنسي وتعدها أحد أشكال التمييز ضد الأنثى, كما تكفل في الفقرة 96 حق الفتيات السحاقيات في ممارسة السحاق مع إثبات حقهن في اختيار جنس الشريك, كما تدعو إلى مراعاة حق الشاذات في التعبير عن آرائهن حول الشذوذ. قانون الأحوال الشخصية: ومما يدور في هذا الإطار مشروع تعديل على قانون الأحوال الشخصية يخالف إلى حد كبير ما أقرته الشريعة في مسائل الزواج والعلاقات الأسرية. وقد اعترض علماء الأزهر الشريف على المشروع الذي تقدَّمت به زينب رضوان إلى مجلس الشعب، معلنًا رفض ست نقاط أساسية تخالف روح الشريعة الإسلامية. وكشفت مصادر في مجمع البحوث الإسلامية عن أسباب الاعتراض على مشروع القانون الجديد، وحذر أعضاء المجمع من عدم الالتزام بالرأي الشرعي للعلماء الذي جاء لوجه الله، رغم أنه ليس إلزاميًّا، إلا أنه يجعل الأمر في رقبة نواب مجلس الشعب، ويجعلهم وحدهم الملومين على هذا القانون إن لم يأخذوا بالرأي الشرعي فيه. وأهم تلك النقاط كانت حول المادة الأولى من القانون، والتي تناولت المسئول عن نفقة الأبناء، والمادة الثالثة بشأن مكان رؤية الصغير، بالإضافة إلى المادة الرابعة والسابعة اللتين تفرضان منظومةً عقابيةً على الأب والأم المخالفَين تصل للحبس أو سحب الحضانة؛ الأمر الذي يرفضه المجمع بشدة لخصوصية موضوع القانون, وأخيرًا المادة الخامسة حول عمْر اصطحاب الطفل مع غير الحاضن والمادة السادسة المنظِّمة لسفر الطفل مع الحاضن. وتنص المادة الأولى للقانون على تحديد نفقة الأبناء على الأب أو من يليه شرعًا؛ أي يمكن تحميلها للجدين مثلاً رغم وجود الأب واستطاعته، الأمر الذي رفضه مجمع البحوث؛ لأن النفقة واجبة على الأب والشريعة الإسلامية تلزمه بالإنفاق على أسرته، وهذا الاختصاص لا يجوز نقله إلى غيره إلا في حالة حدوث عجز يمنع الأب من الكسب والإنفاق. واعترض المجلس أيضًا على إعطاء المرأة الحق في ادعاء تطليق زوجها لها، وإثبات ذلك بإحضار شاهدين وإعلام المحكمة الزوج بعنوانه، فإن لم يحضر خلال أسبوعين حكم القاضي بطلاقها؛ لأن هذا مع فوات الذمة وتغيُّر الأخلاق يعطي الفرصة للزوجة للادِّعاء كذبًا أو كتابة عنوان وهمي؛ فاشترط المجلس حضور الزوج وأن يكون حضوره بطلب ضبط وإحضار وليس مجرد إعلان بالدعوة. وأيَّد المجمع بنود مشروع القانون في عدة نقاط هي: الربط بين أداء النفقة للأبناء انطلاقًا من القاعدة الشرعية التي تقول: "الغنم على قدر الغرم"، ومن غير المعقول أن يتعنَّت الأب في الإنفاق وتتم مطالبته بحقه في ولده. بيان اعتراض: وقد أصدر عشرات العلماء والدعاة والمثقفين المصريين بيانًا يحذرون فيه من القانون, ويتهمون التعديلات التي ستقر على القانون المعمول به الآن بالريبة وعدم الوضوح والمخالفة الصريحة للشريعة الإسلامية. وطالب البيان بالكف عن المضي في تمرير ما أسماها المؤامرة, والكشف التام عن تفاصيل ذلك المشروع أمام علماء الأمة قبل أي شروع في عرضه للمناقشة أمام مجلس الشعب, حتى لا يتكرر تمريره قانونًا ملزمًا, مثلما حدث في مشروعات سابقة, كما طالب البيان بعدم الاستجابة لتوجهات وتحركات المؤسسات والمنظمات العلمانية ذات الأجندات الخارجية.