لا يتوقف المسلمون وخاصة العرب منهم عن الحديث حول دولة ايران , إنهم يكثرون الحديث عن اسلامها وعن قوميتها ومذهبها وعن صناعاتها الصاروخية والعسكرية وعن مشروعها النووي ويتحدثون حول كل ما يصدرعنها من طروحات وآراء تتناول القضايا الإسلامية والعربية وعلى رأسها قضية فلسطين التي عاشت وما زالت تعيش في وجدان المسلمين والعرب منذ العام 1948 ولازمتهم في جميع أحوالهم المعيشية بحلوها ومرها ولم تفارق وجدانهم بفعل الزمن أو التقادم , اللذان عجزا عن إخراج إسم فلسطين من عقول الجماهير العربية والمسلمة . نقول.. رغم ابتعاد حكام العرب والمسلمين عن فلسطين وقضيتها على امتداد العقود الماضية إلا ان القضية بقيت حية في نفوس أبناء الأمة ثم أعادت الثورة الايرانية الى الحياة من جديد "الشعار الأول" الذي لازم القضية وأعني "إزالة الكيان الإسرائيلي من الوجود" . وهو شعار سعى العدو الإسرائيلي بقوة من أجل شطبه ومسحه من ذاكرة أصحاب الحق فكاد يدرك العدو غايته لولا نجاح ايران المسلمة في ثورتها, فعوضتنا بذلك عن خسارتنا لمصر بعد "معاهدة كامب ديفد" والتي اخرجتها من حلبة الصراع مع عدو الأمة الصهيوني . إن تبني ايران وحلفائها في لبنان وفلسطين لشعار إزالة إسرائيل ورفعها لهذا الشعارالمحق والجاذب والمعبرعن أماني المسلمين والعرب الممتدة بلادهم من الرباط حتى جاكرتا أعاد الرجاء الى النفوس وأحيى الكبرياء والعنفوان فيها وجاءت ايران بهذه الإندفاعة الجديدة بعد أن أخذ معظم الحكام والكثير من المثقفين يتخلون عن فلسطين جريا وراء طروحات وحلول استسلامية عملا بثقافة أطلقواعليها "ثقافة الحياة" عوضا عن ما اسموه "ثقافة الموت" التي ينادي بها المقاومون فكادوا بهذا التوجه يدفنون حقوق الأمة وكبريائها وعنفوانها في "مقبرة الماضي والنسيان" . الجميع يعلم أن ايران دولة مسلمة شيعية المذهب بمعظمها وفارسية العرق بأكثريتها ونظامها اسلامي ثوري وايران تواجه أعداء كثر وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة واسرائيل إضافة للعداوة التي تواجه بها من قبل معظم الأنظمة العربية المحيطة بها او القريبة منها . منذ اليوم الأول لنجاح الثورة (شباط 1979) وعلاقة ايران الدبلوماسية وغيرالدبلوماسية مقطوعة مع أميركا ومنذ اليوم الأول أعلنت ايران عدائها لاسرائيل لدرجة كسر العظم ثم طردت العاملين في سفارة العدو واسقطت اسم سفارة اسرائيل عن مبنى سفارتهم في طهران واستبدلته بسفارة فلسطين ثم تبنت شعارا يقوم على مطلبين: الموت لأميركا والموت لإسرائيل, واليوم وبعد ثلاثين عاما على قيام دولة الثورة ما زال هذا الشعار المزدوج يرفع رسميا من قبل الحكومة وينادي به الشعب الإيراني في المناسبات الوطنية والإسلامية . يطول الحديث عن العداء الذي نصبته لإيران انظمة عربية عديدة وبدعاوى مختلفة, فتارة لمذهب ايران المختلف عن مذهب أكثريتهم وتارة لقومية ايران غير العربية , وتارة أخرى يعلنون رفضهم وخوفهم من ايران النووية... لكن من يمحص ويدقق جيدا لا يفوته أن يسجل أن هذه الأنظمة المعادية تتصدى لإيران, لا لمذهبها وان ادعت ذلك ولا لقوميتها وإن صرحت بهذا ولا لخوفها من ملفها النووي ولكن لثورتها التي تحمل بذور التغيير بين ثناياها واولى بشائر هذا التغيير ما قامت به ايران من نشر وتبنّي لثقافة المقاومة في كل من فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان وليس ببعيد اليوم الذي سوف تزهر فيه بذور ايران الثورية "حرية" للشعوب بعد التخلص من الظلم والطغيان وتزهر "تحريرا" للأراضي العربية والإسلامية المحتلة وزوالا لاسرائيل وإتحادا لبلاد العرب والمسلمين, وتغييبا للهيمنة الأميركية على إقليمنا , وهنا يمكننا ان نقول بصوت عال.. إذا عرف السبب بطل العجب...!