1- استمرت كوريا الشمالية في برامجها النووية متجاوزة ي ذلك النتائج التي كانت توصلت اليها مع الولاياتالمتحدة في مباحثاتهم برعاية الصين, أكثر من ذلك فإنها هددت برد شديد ضد كوريا الجنوبية و الولاياتالمتحدة إذا ما أجريا مناوراتهما العسكرية,حيث اعتبرت هذه المناورة المشتركة على حدودها مع كوريا الجنوبية عملاً معاديا فيعه تهديد صريح لأمنها القومي. و يبدو أن السبب وراء تحدي كوريا الشمالية لكوريا للولايات المتحدةالأمريكية يرجع إلى عاملين: الأول هو الضغوط العسكرية الشديدة التي تواجهها أمريكا في العراق و أفغانستان , و الثاني الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجهها الولاياتالمتحدة, أدركت كوريا الشمالية أن هذين العاملين أصابا الولاياتالمتحدة بالعجز و فقد القدرة على مواجهتها. 2- كانت الولاياتالمتحدة قد استأجرت قاعدة جوية في جمهورية قرغيزستان , هذه القاعدة كانت تعد ذات أهمية استراتيجية كبيرة من حيث توصيل الإمدادات للقوات الأمريكية و قوات حلف الأطلنطي العاملة في أفغانستان لمواجهة القاعدة و طالبان, إلا أن الولاياتالمتحدة عجزت بسبب الأزمة الاقتصادية عن سداد المتراكم من القيمة الإيجارية للقاعدة , و قد أوعزت روسيا إلى قرغيزستان أنها من الممكن أن تحل محل الولاياتالمتحدة في استئجار القاعدة مع الالتزام بسداد قيمتها الإيجارية,فأسرعت قرغيزستان و أخطرت الولاياتالمتحدة بإنهاء تواجدها في القاعدة التي كانت تعد من أهم القواعد العسكرية استراتيجيا لمساندة قواتها في أفغانستان, لم تخش هذه الدولة الصغيرة الولاياتالمتحدة المريضة و أمرتها بالانسحاب من أراضيها. 3- إن هدف الحقيقي للولايات المتحدة الذي تخفيه تحت غطاء الحملة ضد الإرهاب هو محاربة الإسلام و منع تطبيق الشريعة الإسلامية و لتحقيق هذا الهدف وسعت عملياتها العسكرية في أفغانستان لتشمل باكستان لمواجهة نفوذ طالبان الباكستانية في إقليم سوات , إلا أن الحكومة الباكستانية التي قرأت عجز الولاياتالمتحدة وقعت اتفاقا مع طالبان يقضي بتطبيق الشريعة الإسلامية في الإقليم مقابل وقف دائم لإطلاق النار . 4- قرأت ست دول في أمريكا اللاتينية العجز الاقتصادي و العسكري للولايات المتحدة و أعلنت تحديها بتبني سياسات دولية و اقتصادية و اجتماعية مناهضة لها , و لم تعد أمريكا الجنوبية الحديقة الخلفية للولايات المتحدة. 5- قرأت إيران مبكراً علامات العجز الأمريكي بعد أن وقعت الولاياتالمتحدة في الحفرة العراقية و تمكن المقاومة العراقية من القوات الأمريكية , و تصريح العديد من المسئولين السياسيين و العسكريين في الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق بهزيمة أمريكا في العراق و رغبتها في الانسحاب بشرف من العراق , استغلت إيران ورطة أمريكا في العراق و رغبتها, و في هدوء تام و رغماً عن ضوضاء الإعلام الدولي و عيون الصحافة العالمية بدأت برامجها النووية و الفضائية...و قد ساعدت الأزمة الاقتصادية التي تواجه أمريكا و الدول الصناعية إيران في إعلان التحدي لمواجهة أمريكا , و أعلنت نفسها لاعب إقليمي أساسي و قوة كبرى في المنطقة, تدعم و تساند القوى المناهضة للصهيونية و أمريكا مثل سوريا و حزب الله و حماس و الجهاد و بقية الفصائل المناهضة للوجود الصهيوني في فلسطين, و قد استطاعت إيران بذلك أن تلوي ذراع أمريكا و أجبرتها على الدخول في مفاوضات سرية معها لتسوية الأوضاع في المنطقة بدءا من منطقة الخليج و مروراً بالعراق ووصولاً إلى لبنان و فلسطين. 6- أدركت تركيا الحالة المرضية الأمريكية , ووظفت ذلك توظيفاً جيداً, فعملت على الاستفادة من مساندة أمريكا لها في فتح بوابة الإتحاد الأوروبي لها , و دعمها سياسياً في مواجهتها لمتمردي حزب العمال الكردستاني, و في نفس الوقت بدأت توسع نفوذها في المنطقة العربية فلم تعد تابعاً للسياسة الإسرائيلية بشأن الصراع العربي الإسرائيلي, و دعمت علاقاتها بسوريا و حماس, و حضرت مؤتمر الدوحة لمساندة المقاومة الفلسطينية و حماس لمواجهة العدوان الصهيوني الأخير على القطاع, و أصبحت تركيا لسان حال حماس في المحافل الدولية , و أصطدم أردوغان رئيس الوزراء التركي مع بيريز رئيس دولة الكيان الصهيوني في مؤتمر دافوس الأخير, و استقبل في تركيا استقبال الفاتحين بعد عودته و أعلن اكتشاف تركيا لهويتها الحقيقية حينما قال أنه سليل العثمانيين و أنه مسلم, و قد أيدته تركيا كلها في هذا الاكتشاف , و أصبحت تركيا بعد إيران قوة كبرى في المنطقة لابد من مراعاتها في تسوية قضايا المنطقة. 7- هكذا قرأت الدنيا من حولنا أحوال أمريكا التي أصبحت رجل العالم المريض , أمريكا التي كانت تملأ العالم هيمنة و سيطرة و إهانة و إذلال أصبحت مريضة تلعب في الوقت الضائع لتوهم الجهلاء أنها بعافيتها , و للأسف فإن الإدارة المصرية هي "أبو جهل"الذي يجهل تماماً أن أمريكا أصبحت رجل العالم المريض, و نتيجة لهذا الجهل و لعوامل أخرى سلمت مصر صاحبة السبعة ألاف سنة حضارة و الثمانين مليون نسمة ثقلها العربي و الإسلامي ليس لإيران و تركيا فقط و إنما لقطر أيضاً , ما زالت مصر بفضل هذه الإدارة و الفكر الجديد متخندقة في خندق كامب ديفيد خادم أمين للمصالح الصهيونية في الأمريكية ضد مصالحها الذاتية و أمنها المباشر , ووحدتها الوطنية, لقد أحكمت الصهيونية محاصرتها لأمن مصر من الشمال الشرقي و من الجنوب , و تقف هذه الإدارة المصرية بتحدي لمشاعر الناس إلى جانب العدو الذي يحاصرنا . إن هذه الإدارة إن لم تفك ارتباطها بالمصالح الصهيونية الأمريكية , و تدرك أن عهد كامب ديفيد ولى إلى غير رجعة بما فيه من مذلة و إهدار سافر لثوابت الأمن القومي لمصر اقتصاديا و ثقافيا و تعليميا و سياسيا , و تعيد ترتيب أولوياتها إقليمياً و دولياً كما فعلت كل القوى الإقليمية في العالم على قاعدة أن الوقت لم يعد وقت أمريكا و الصهيونية, و انحازت لمصر و محيطها القومي العربي الإسلامي , هذه الإدارة إن لم تفقل ذلك فإن هذا الشعب قادر على أن يزيلها و يضعها في مزبلة التاريخ لأننا نستحق إدارة أنظف و أطهر و أقوى من هذه الإدارة, هل من المعقول أن تعتبر كوريا الشمالية مناورات كوريا الجنوبية تهديداً لها و عدواناً عليها و تهدد الاثنين برد غير متوقع إذا ما أجريا هذه المناورة؟ و تقبل الإدارة المصرية أن تقتل إسرائيل ثمانية عشر مصرياً خلال السنوات القليلة الماضية على مناطق الحدود,و تقبل غارات غارات صهيونية و حشية على الشريط الحدود مع غزة بحجة تدمير الخنادق فتتصدع منازل المواطنين و يصاب العديد من الأهالي, و تقبل أن يوقع اتفاق تفاهمات أمنية بين أمريكا و إسرائيل يشمل المنطقة من جبل طارق إلى باب المندب و خليج السويس و العقبة وخط الحدود بين غزة و مصر و ساحل غزة خروجاً على نصوص كامب ديفيد الموقعة بين مصر و إسرائيل , و تقبل إهانات ليفني عندما أعلنت الحرب على غزة من القاهرة بعد مباحثاتها مع الرئيس مبارك, و تقل إهانة أولمرت للرئيس مبارك عندما ربط التهدئة بالإفراج عن الجندي شاليط عكس ما كان متفق عليه من أن ملف شاليط مرتبط بملف الأسرى الفلسطينيين و ليس بملف التهدئة, قبلت الإدارة المصرية كل هذا العدوان و الإهانات و لم ترد هذه الإهانات أو حتى تعترض عليها دفاعاً عن كرامة الوطن كما فعلت تركيا و كوريا , إن العبيد يثورون و هذه الحكومة لا تثور على الإهانة و لا تخجل منها , إن مصر تستحق أن يحكمها أحرار يعرفون وزنها التاريخي و السياسي و دورها الحضاري العربي الإسلامي الذي لا يمكن أن يسجن في خندق كامب ديفيد , خندق المصالح الأمريكية الصهيونية , خاصة و أن أمريكا أصبحت رجل العالم المريض , أما إسرائيل فإنها تعيش سنواتها الأخيرة.