على الطريق من رئاسة الحكومة إلى قصر الرئاسة، يخطط أردوغان أن يقيم فى بلاده حكومة رئاسية على غرار الولاياتالمتحدة، وسيستمر فى الحكم من وراء الستار. للمرة الأولى فى تاريخها ستنتخب تركيا رئيسها بانتخابات مباشرة. سيصل أكثر من 53 مليون صاحب حق اقتراع إلى أكثر من 160 ألف صندوق؛ كى يصوتوا لأحد مرشحى الرئاسة الثلاثة. من المتوقع أن يحوز رئيس الحكومة الحالى، رجب طيب أردوغان، أغلب الأصوات، وإذا ما حظى بأكثر من 50% من أصوات الناخبين، فسيكون رئيس تركيا القادم منذ الجولة الأولى. تشير التقديرات فى تركيا، إلى أن توقيت الحرب فى غزة جيد لأردوغان، إذ إنه من المتوقع أن يحظى بنسب دعم أخرى بسبب آرائه المهاجمة لإسرائيل. تغطى شعارات تأييد للفلسطينيين، لبس الكوفية على الرقبة، والخطاب الحماسى ضدّ "أعداء تركيا" على فشله الإدارى فى السياسة الخارجية، التى أبعدت تركيا عن مراكز التأثير فى الشرق الأوسط، وسببت أزمة فى علاقاتها مع مصر والعراق، وزادت التوتر حدّة مع الحكومة الأمريكية. رجب طيب أردوغان
لكن من هو فى الحقيقة رجب طيب أردوغان؟ إليكم بعض الحقائق المثيرة عن الرجل الذى نما فى تركيا العلمانية، وفى العقد الأخير عمل بلا كلل على تقدمها نحو الإسلام الحديث، الذى يدمج بين السياسة الإسلامية، بحياة إسلامية اجتماعية واقتصادية متقدمة تتجه إلى آفاق جديدة، بعد أن رفض الاتحاد الأوروبى مرة بعد مرة طلب تركيا الانضمام إليه: وُلد رجب طيب أردوغان فى تركيا فى 26 شباط 1954، وهو رئيس الحكومة ال 58 لتركيا بدءًا من 14 آذار 2003. انتُخب فى سنة 1976 رئيسًا للفرع الشبابى لحزب الإنقاذ الوطنى. سنة 1978 تزوج "أمينة"، ذات الأصل العربى. مع الأيام سيعتبر زواجه، كمثال للدمج بين الطوائف فى تركيا. سنة 1988 حُكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر بعد أن قرأ علنًا قصيدة متطرفة تعارض مبادئ العلمانية فى تركيا. من بين كلمات هذه القصيدة، الجملة: "المساجد هى قواعدنا، قبابها خوذاتنا، صروحها سلاحنا، والمؤمنون جنودنا". قضى أردوغان فى السجن أربعة أشهر ثم أطلق سراحه. نائبات عن حزب العدالة والتنمية الذى يرأسه رجب طيب أردوغان، يرتدين الحجاب فى البرلمان التركى (AFP)
فى الثالث من تشرين الثانى 2002 انتصر "حزب العدالة والتنمية" الإسلامى (AKP) فى الانتخابات برئاسة أردوغان. جاء الانتصار على خلفية الأزمة الاجتماعية، انهيار الاقتصاد فى الدولة، وإقالة ملايين العمال من سوق العمل التركية. اضطر أردوغان، الذى حكمت عليه المحكمة سابقًا أنه يُحظر عليه مزاولة منصب جماهيرى فى أعقاب إدانته بالتحريض على الكراهية الدينية، إلى اختيار بديل له لرئاسة الحكومة حتى انتهاء فترة المنع. لقد قام بتعيين عبد الله غول، نائبه فى الحزب، بمنصب رئيس حكومة مؤقت. فى نهاية فترة المنع، عُين رئيس للحكومة من جهة حزبه. أثارت رغبته فى الانضمام للاتحاد الأوروبى خلافًا فى الرأى بينه وبين الأوروبيين الذين ادعوا أن تركيا تنتهك حقوق الإنسان ومبادئ المساواة ادُّعِىَ أنها غير ناضجة للانضمام للاتحاد الأوروبى، من بين أمور أخرى، كان تشريع قدّمه أردوغان، الذى عرَّفَ زنا المرأة، كعملٍ جنائىٍّ، وكذلك معارضة أردوغان لإلغاء القانون الذى يقيّد حرية التعبير عن الرأى فى الدولة، ويمنع نشر محتويات تسيئ للقومية التركية. سنة 1974 كتب، أخرج، ومثّل فى مسرحية تعرض الشيوعيين واليهود، كأساس الشر فى العالم. خلال السنوات نسبت لأردوغان العديد من التصريحات اللاسامية. سنة 2008 ادعى أن هناك "إعلامًا عالميًّا تحت سيطرة إسرائيل". وادعى أيضًا أن إسرائيل مَن وراء الانقلاب فى مصر.
أردوغان ومرسى (AFP) بعد تعيينه فى منصب رئيس حكومة تركيا، اتخذ أردوغان خطًّا هجوميًّا ضدّ إسرائيل فى كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية لبلاده مع إسرائيل. بعد أسطول غزة (المرمرة) فى آيار 2010، وقعت الأزمة الدبلوماسية الأكثر صعوبة منذ تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا. سحب أردوغان السفير التركى من تل أبيب، وصرح تصريحات حادة ضدّ إسرائيل، على قتل الناشطين الأتراك. طالب أردوغان إسرائيل أن تنفذ ثلاثة أشياء، هم:- 1- أن تعتذر عن قتل مواطنيها فى الأسطول. 2- أن تدفع التعويضات المالية لعائلات القتلى والجرحى وأن ترفع الحصار عن غزة، وتتيح الدخول الحر للأساطيل إلى القطاع. مؤخرًا، وُضعت علاقات تركيا ومصر على المحك: على خلفية التأييد الذى تبديه مصر مؤخرًا لإسرائيل، ادعى أردوغان أن مصر لا يمكنها أن تمثل وسيطا، وأن تعمل على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. فى أثناء المؤتمر الصحفى الذى عقده فى منتصف تموز هذه السنة، هاجم أردوغان رئيس مصر المنتخب عبد الفتاح السيسى "قائد الانقلاب"، وادعى أنه استولى على السلطة بطرق غير شرعية. الأسلحة التى وجدت على متن سفينة المافى مرمرة (IDF Flickr)
مؤخرًا هدد أردوغان بحجب موقعى (اليوتيوب والفيس بوك) فى تركيا مدعيًا أن معارضيه السياسيين يستخدمون مجالىّ الإنترنت؛ كى يحرضوا الجمهور التركى ضده، وينشروا تعاليمهم غير الإسلامية. أدت المعارضة الجماهيرية ضدّ أردوغان فى فضيحة الفساد التى ارتبط بها اسمه واسم مسئولين رفيعين آخرين فى حزبه، إلى إغضابه جدًّا. اضطربت تركيا التى كانت فى قمة الانتخابات المحلية (آذار 2014)، فى تلك الفترة على ضوء العنف ضدّ المتظاهرين فى الشوارع. بعد تصريحات أردوغان الحادة، التى أطلق فى قسم منها اسم "إرهابى" على ولد عمره 15 سنة، وسمى الصهيونية "جريمة ضدّ الإنسانية"، نشرت رابطة الأطباء التركية بيانًا، عبَّرَت فيها عن "قلقها من وضع أردوغان النفسى".