رسم محللون سياسيون، أكثر من سيناريو، لطبيعة المواجهة المتوقعة بين حركة حماس، وإسرائيل، بعد اتهام الأخيرة للحركة، بخطف 3 مستوطنين في الضفة الغربية، وقتلهم. وقال المحللون في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول إنّ "كافة الاحتمالات واردة بين إسرائيل وحركة حماس في الأيام القادمة، عقب العثور على جثث المستوطنين الثلاثة الذين فقدوا في الضفة الغربية، منتصف الشهر الماضي". ويقول، عدنان أبو عامر الباحث في الشؤون الإسرائيلية إنّ طبيعة المواجهة بين حركة حماس وإسرائيل مفتوحة على كل الاحتمالات، وقد تشهد أكثر من منحى واتجاه، إلى أن تصل الأمور إلى "المواجهة الكبرى" بين الطرفين. وأول السيناريوهات وفق أبو عامر سيكون تنفيس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو لغضب الشارع الإسرائيلي الذي يشعر بالسخط والحنق من قادته السياسية والعسكرية لعدم منع عملية الخطف في البداية، ثم العجز عن العثور على الثلاثة "أحياء"، وعدم التمكن من إلقاء القبض على الخاطفين. وتابع:" نتيناهو الآن في وضع حزبي وسياسي لا يُحسد عليه، وسيحاول تصدير أزمته نحو الفلسطينيين، وفي البداية سيتبنى سياسة (الضربة المرحلية)، التي لا تصل لمواجهة كبرى، كأن يعمد إلى تنفيذ سياسة اغتيالات مركزة تطال قيادات رفيعة في حركة حماس". وأكد أبو عامر أن من بين السيناريوهات هو إبعاد قادة حركة حماس في الضفة الغربية، إلى قطاع غزة، مؤكدا أن هذا الاحتمال قد يرى النور في أقرب وقت لتفريغ الضفة من أي وجود لحركة حماس. وقد تزداد وتيرة الرد بين الجانبين، وعدم اكتفاء إسرائيل بثمن الاغتيالات وهو ما سيدفع الأمور إلى التدحرج ككرة الثلج وصولا إلى حرب واسعة شاملة ضد حركة حماس في قطاع غزة، لا يدري أحد أين ستؤول نتائجها. وأعلنت إسرائيل رسميا مساء أمس العثور على جثث الإسرائيليين الثلاثة، الذين فُقدوا في الضفة الغربيةالمحتلة منذ 12 يونيو، واتهمت حركة حماس بخطفهم وقتلهم. وأكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حماس مسؤولة عن مقتل الإسرائيليين الثلاثة و"ستدفع" ثمن ذلك. وقال نتنياهو إنّ الشبان "خطفوا واغتيلوا بدم بارد بأيدي حيوانات بأشكال بشر، إن حماس مسؤولة وحماس ستدفع" الثمن. ومع الإعلان عن العثور على جثث المستوطنين، توالت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الغاضبة، وطالبوا بشن حرب على قطاع غزة، والانتقام وتوجيه ضربة موجعة لحركة حماس. ويرى وليد المدلل، رئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة (مركز بحثي غير حكومي)، إنّ إسرائيل، وأمام قتل المستوطنين الثلاثة ستبحث في بداية الأمر عن "صيد ثمين" تُرضي به الشارع الإسرائيلي الغاضب. وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية ستبدأ في سياسة الاغتيالات، كسيناريو قريب وسربع للرد على مقتل المستوطنين. وتابع:" إسرائيل الآن تريد أن تردع الفلسطينيين وتوجه لهم ضربات قاسية، وهي تفعل ذلك عبر سياسة الاغتيالات، وفي الوقت الراهن يبدو أن قرارا إسرائيليا تم اتخاذه بضرورة استهداف قطاع غزة، وتوجيه ضربة كبيرة لحركة حماس". وقال المدلل إنّ استهداف قادة كبار من حركة حماس في حال تم، سيدفع الأمور نحو مزيد من التدهور الأمني الذي قد ينتهي بمواجهة كبرى بين الطرفين. وتوقع هاني البسوس أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلاميّة بغزة، أن تنفذ إسرائيل أكثر من سيناريو في طبيعة صراعها مع حرك حماس في المرحلة المقبلة. وقال الجيش الإسرائيلي إن طائرات سلاح الجو قصفت 34 هدفا في قطاع غزة، منذ مساء الأحد حتى فجر اليوم الثلاثاء. وقال بيتر ليرنر، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، "ستواصل قوات الجيش الإسرائيلي العمل من أجل استعادة الحياة السلمية للمدنيين في دولة إسرائيل، ومنظمة حماس الإرهابية وامتداداتها هي وحدها المسؤولة عن أي نشاطات إرهابية تنطلق من قطاع غزة". وأضاف البسوس أن إسرائيل تخطط الآن لتنفيذ أكثر من خطة للنيل من حركة حماس، قد تبدأها بإبعاد قادة الحركة المتواجدين في الضفة إلى غزة، بالتزامن استئناف سياسية الاغتيالات بحق قادتها. وتابع:" إسرائيل تبحث عن (كرة الثلج) التي ستنفذ لها مخططاتها، لتوجيه ضربة ضد حركة حماس، وهذه (الكرة) ستبدأ باستهداف قادة الحركة، أو اجتياح مناطق في قطاع غزة". ورأى البسوس أن إسرائيل تريد من خلال استهداف حركة حماس، عرقلة أي توافق وطني فلسطيني، والذهاب بالساحة الفلسطينية نحو التصعيد، وتعطيل المصالحة الفلسطينية. وعقب قرابة 7 سنوات من الانقسام (2007-2014) ، وقّعت حركتا "فتح" و"حماس"(كانت تدير حكومة قطاع غزة السابقة)، يوم 23 أبريل الماضي، على اتفاق يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن. وأعلن عن تشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية في 2 يونيو الماضي، وأدى أعضائها القسم الدستوري أمام الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة في مدينة رام الله بالضفة الغربية. ويرى "توفيق أبو شومر"، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة أن المواجهة الكبرى بين حركة حماس وإسرائيل قد اقتربت. وأضاف:" الآن إسرائيل تسعى للبحث عن مبررات، لشن عدوان واسع على القطاع عبر اغتيال واستهداف قادة فصائل المقاومة، فهذه السياسة ستجلب ردات فعل قوية من الفلسطينيين وتفتح الباب أمام التصعيد، والمواجهات الكبيرة". ولفت أبو شومر إلى أن السيناريوهات القادمة مرتبطة بما تريده حركة حماس، وتسعى إليه من خلال المواجهة مع إسرائيل. وتابع:" هل تريد حركة حماس الذهاب نحو التصعيد والمواجهة الكبرى؟ أم ستكتفي بالرد المحدود على أي عمليات إسرائيلية قادمة؟.. كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، هل نحن أمام حرب ثالثة؟ تصعيد قوي وعنيف؟ كل هذه الإجابات تحملها الأيام القادمة والحسابات على أرض الميدان". وسبق أن شنت إسرائيل حربين على غزة، الأولى بدأت في 27 ديسمبر 2008 وأطلقت عليها عملية "الرصاص المصبوب"، أسفرت عن مقتل وجرح آلاف الفلسطينيين، وتدمير هائل للمنازل وللبنية التحتية. وشنت إسرائيل حربا ثانيا في نوفمبر 2012، استمرت لمدة 8 أيام أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الفلسطينيين.