اعتبر الخبراء خطوة الحكومة الأخيرة بتوزيع صكوك مجانية على المواطنين فسادًا منقطع النظير يتم بشكل جديد وهو الأمر الذي دفع بوكالة "الأسوشيتد برس" إلى اعتبار ذلك مخطط حكومي بديل للاستمرار في سياسة الخصخصة التي ثبت فسادها. ففي تقرير لها، اعتبرت وكالة "الأسوشيتد برس" أن خطة الحزب الوطني لتمليك المصريين من ذوي الدخل المنخفض أسهم في الشركات المملوكة للدولة قد أثارت الشكوك حول إذا ما كانت هذه الخطة إحدي القنوات الخلفية التي تحاول الحكومة من خلالها حشد الدعم الشعبي للاستمرار في برنامج الخصخصة، وخاصة أن خطة الخصخصة السابقة قد اختلطت بالفساد والمحسوبية مما جعلت المصريين يستقبلون الخطة الحالية بمزيد من التشكك. حيث أبرزت الوكالة في التقرير الذي نشرته صحيفة"هيرالد ترابيون"الأمريكية أن البرنامج الجديد الذي وضعه الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم من شأنه أن يعطي ما يقرب من 40 مليون مصري ممن تزيد أعمارهم عن 21 عام قسائم لتبادل الأسهم في الشركات المملوكة للدولة والمقرر خصخصتها، وهي الخطة التي صرح المسئولون في الحزب أنها تهدف الى تحقيق قدر أكبر من المساواة الاجتماعية والاقتصادية. وأوضحت الوكالة أن خطة الخصخصة السابقة التي اختلطت بالفساد والمحسوبية جعلت المصريين يستقبلون الخطة التي أعلنها الحزب الوطني الديمقراطي يوم الاثنين الماضي بحالة من التشكك، ونقلت الوكالة عن أحمد سيد النجار الخبير الاقتصادي "أن هذه خطة سخيفة ومحاولة للالتفاف على مشاكل الخصخصة من خلال الحصول على مشاركة المواطنين في الملكية". كما أكد النجار أن الفئة المستهدفة من هذا البرنامج والتي تتمثل في الفقراء والعاطلين عن العمل والمحتاجين ستتجه ببساطة إلي بيع أسهمهم، ولن تقيم وزنا لأي مكاسب يمكن أن تجنيها على المدى البعيد. وأشارت الوكالة إلي أن الانتقادات التي تقوم علي الشكوك حول ان كانت هذه الخطة من شأنها أن تعمل علي تحسين معيشة المصريين من منخفضي الدخل الذين يصارعون نسبة التضخم التي تعدت ال 20 % ، في الوقت الذي يتباهي فيه المسئولون الحكوميون بأن معدل النمو قد بلغ 7 % أي أنه حقق زيادة على مدى العامين الماضيين بتوجيه من قطاع الأعمال التابع لمجلس الوزراء الذي أدي اليمين الدستورية في عام 2004، وأن جهود الخصخصة السابقة التي بدأت لأول مرة في أوائل التسعينات كانت مثار سخرية لأنه لم يحقق فائدة سوي لقادة الحزب الوطني وأقاربهم. وأبرزت الوكالة أنه في محاولة للتغلب علي الانتقادات التي وجهت إلي الحكومة في الماضي، فأنها قد حرصت هذه المرة علي التأكيد علي أن النهج الجديد يهدف الى إعطاء جميع المصريين فرصة عادلة في ملكية الأوراق المالية التي ما زالت حتى الآن حكرا على فئة ضئيلة من المصريين. وأشارت الوكالة أنه علي الرغم من الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار قد صرح عند الإعلان عن الخطة بأن"البرنامج لن يفرق" بين المصريين ، إلا أن محيي الدين لم يقدم أي تفاصيل عن حجم حافظة أو القيمة الصافية لأن سعر السوق لم يحدد بعد. فيما أشارت الوكالة إلي أن جمال مبارك وهو من كبار مسئولي الحزب الوطني وينظر إليه على نطاق واسع بأنه خليفة لوالده الرئيس حسني مبارك قد وصف البرنامج بأنه محاولة لبحث "وسائل مبتكرة لتوسيع نطاق المشاركة الشعبية في إدارة الأصول المملوكة للدولة"، وأن الخطة من المحتمل أن التي تطبق على 155 شركة من الشركات المملوكة للدولة ، علي أن تحتفظ الحكومة بنسبة ما بين 30 و 67 % من أسهم الملكية، وسوف تواصل عقد أكبر حصة في القطاعات الرئيسية مثل الأدوية والسكر والاسمنت وشركات المقاولات. محاربة المعارضة ومهادنة الأعداء ومن ناحية أخرى وفي شهادة من العدو الصهيوني نفسه واعترفاً منه بفضل النظام المصري عليه، استبعد تسيبي برئيل، المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إقدام مصر على شن حرب ضد إسرائيل في المستقبل، كما حصل في حرب أكتوبر 1973، التي كانت آخر الحروب بين الجانبين، مبررا ذلك بانشغال الحكومة المصرية بقمع المعارضة، وأنه ليس لها مصلحة في شن تلك الحرب. ودلل برئيل على ذلك بموقف الرئيس مبارك من المطالب بإعلان الحرب على إسرائيل في أوج الانتفاضة الفلسطينية الثانية في منتصف عام 2002 عندما كانت تشهد مصر مظاهرات تطالبه بإعلان للحرب ضد تل أبيب. ففي ذلك الوقت، أكد مبارك للجماهير الملتهبة أن مصر قدمت 120 ألف ضحية من أجل الفلسطينيين، وأن أي شخص يريد الخروج لحرب إسرائيل فليفعل هذا من منطقته، ولأن تكلفة الحرب تتطلب الكثير من المال، والذي تفضل القاهرة استثماره في تحسين حال المواطن، وليس استخدامه في شن الحروب. وأضاف برئيل "بعد ستة سنوات من ذلك وفي مايو الماضي وافق أحمد نظيف رئيس الحكومة المصرية على زيادة الميزانية الأمنية لقوات الأمن الداخلي، خشية وقوع أحداث شغب ومظاهرات بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية"، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية تدرك جيدا أين يوجد التهديد الحقيقي لذا قامت بزيادة الميزانية وزارة الداخلية ل 220 مليون دولار في عام 2008. وعلى الجانب الآخر، أوضح المحلل الإسرائيلي أن الحكومة المصرية مستمرة في تزويد الجيش المصري وتسليحه بالسلاح الأمريكي الحديث، حيث أن عدد الطائرات (إف 16) التي تمتلكها يقارب من تلك التي تمتلكها إسرائيل، وعدد الدبابات أكبر من الموجودة عندها، لكن معظم الميزانية تأتي من أموال المساعدة الأمريكية، والتي قال إنه بدونها سيصعب على القاهرة أن تجد بدائل للتمويل. ويؤكد أن "الخبراء الإسرائيليين المعنيين بمتابعة التسليح المصري غير قلقين من عدد الأسلحة وإنما من قدرات الجيش المصري، بحسب ما نقل عن باحث استخباري. يأتي هذا في الوقت الذي يبدي فيه إسرائيليون قلقهم من تحسين قدرات الجيش المصري خصوصا أن "البنتاجون" ليس لديه أي معيار لفحص تلك القدرات، ومنذ عامين صرخ السناتور توم لانتوس، قائلا إن ميزانية الجيش المصري تعمل مثل الطيار الأوتوماتيكي دون وجود فحوص لمعرفة مدى فائدته للجيش المصري. وأشار إلى الأنباء التي ترددت منذ حوالي أسبوعين عن قيام عاموس جلعاد نائب وزارة الدفاع الإسرائيلية بإبلاغ اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية اعتراض تل أبيب على المناورات البحرية الكبيرة التي أجرتها مصر وسميت باسم (نصر 41)، وذلك بمناسبة الذكرى ال 41 لغرق المدمرة الإسرائيلية إيلات. لكن هذا الاعتراض ليس جديدا، كما يقول، فالمناورات الكبرى التي أجرتها مصر خلال السنوات الماضية كانت تحمل أسماء تلمح إلى حرب ضد تل أبيب مثل (بدر 96)، وذلك تخليدا لذكرى بدر 73 وعبور قناة السويس على يد القوات المصرية أو مناورة (جبل فرعون) عام 1998، التي حاكت حربا ضد الجيش الإسرائيلي في سيناء. على الرغم من ذلك يقول المحلل الإسرائيلي إن الحرب ليست مسألة أسماء ورموز، كما ينقل عن خبير بمركز الدراسات الاستراتيجية ب "الأهرام"؛ فالأمر يتطلب وجود دافع لشن الحرب وليس القدرة على شنها، فمصر لم تخرج لحرب 1973، حينما تبين للجميع أنها لا تملك قدرة لشنها، كذلك حاربت سوريا إسرائيل عندما بدا أن قوتها غير كافية لشن الحرب، واليوم لا يوجد دافع لمصر لشن حرب ضد تل أبيب أو تجاه أي دولة أخرى. واستبعد أن تقوم مصر تحت قيادة مبارك بالخروج للحرب ضد إسرائيل لتحقيق أهداف الآخرين، لافتا إلى أنه إبان الفترات الصعبة جدا سواء حرب لبنان أو الانتفاضة اكتفى الرئيس مبارك بإعادة السفير المصري من تل أبيب، وعندما قامت "حماس" بهدم الجدار بين غزةوسيناء كانت القوات المصرية هي التي أطلقت النار على الفلسطينيين. وانتهى المحلل الإسرائيلي إلى وصف مصر بأنها "ستظل على ما يبدو هي كيس الرمل الذي يمارس عليه أفيجدور ليبرمان (زعيم حزب "إسرائيل بيتنا") الملاكمة، ومشاكلها الساخنة أكبر من أن تشن حربا مع إسرائيل"، على حد قوله. حرب حكومية على النقاب أكدت أنباء صحفية أن وزارة الأوقاف تعتزم إصدار كتاب جديد يعتبر النقاب "عادة اجتماعية سيئة وليس عبادة" ويدعو المنقبات إلى خلع نقابهن، فيما يعتبر أحدث وسائل الحكومة المصرية لمحاربة النقاب ومنعه داخل مؤسساتها. ومن المقرر أن يتم توزيع الكتاب الذي طبع منه 100 ألف نسخة على أئمة وخطباء الأوقاف، كما سيتم إجبارهم على إلقاء خطبة موحدة لصلاة الجمعة حول الكتاب الذي يصدر بعنوان: "النقاب عادة وليس عبادة". ويقول مؤلفو الكتاب أن النقاب ليس له أصل في الشريعة الإسلامية وأنه قد يؤدي لتأصيل الفكر المتشدد. ومن أبرز مؤلفيه محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الذي شن هجوما حادا على النقاب معتبرا أنه "ليس من الدين في شيء". وسبق أن صرح زقزوق أكثر من مرة في لقاءات صحفية أن النقاب ليس أصلا من أصول الشريعة الإسلامية وأنه عادة اجتماعية سيئة تم توارثها ثقافيا وليس لها علاقة بالدين. كما اعتبر زقزوق في الكتاب أن النقاب يمثل "حاجزا عن التواصل بين الناس"، وقال: إن "ذلك الحاجز أصبح ينتشر وبسرعة بين النساء حتى في الأماكن التي لا يصح معها النقاب كالمستشفيات والمدارس، لاسيما مدارس الفتيات؛ مما يؤصل لفكر متشدد في أذهان الفتيات". ورفض زقزوق في الكتاب محاولات تفسير النقاب على أنه علامة على التدين، وقال: إن ذلك "أمر مغلوط لابد من توعية الناس به"، وشدد على أن النقاب لا صلة له بالحرية الشخصية وإنما هو "ضد الطبيعة البشرية وضد مصلحة الوطن، بل إنه إساءة للدين بالغة وتشويه لتعاليمه". وقالت إحدى اللجان التابعة للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية والمكلفة بإعداد الكتاب إنه من المقرر أن يصدر الكتاب نهاية شهر نوفمبر الجاري. ويأتي الكتاب بالتوازي مع التوجه الرسمي لدى الحكومة المصرية لمنع النقاب داخل الهيئات الحكومية بجانب المستشفيات والمدارس في مصر، وتضمن آراء وفتاوى لمحمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، ومفتي مصر الشيخ علي جمعة. لكن على جمعة اكتفى بالقول: إن النقاب "ليس بواجب"، وأضاف أن زي المرأة الشرعي شروطه معروفة، وهي ألا يصف مفاتن الجسد، ولا يشف، ويستر الجسم كله عدا الوجه والكفين، مشيرا إلى أن المالكية أفتوا بأن النقاب مكروه بدليل حظره في الإحرام للحج. لكن مراقبين يرون أن الخطباء لن يلتزموا بالكتاب الذي يرفض محتواه غالبية أهل العلم، وكانت وزارة الأوقاف قد أصدرت بداية العام الجاري كتابا بعنوان "دليل الإمام" يتضمن موضوعات ورءوس عنوانين لخطب الجمعة، ووزعته على خطباء المساجد ليلتزموا به، لكن الخطباء لم يفعلوا. يذكر أن وزير الأوقاف رفض تعيين داعيات جدد في الوزارة بسبب ارتداء أربعة منهن للنقاب، حيث كان من المقرر أن يتم تعيين 50 داعية ليصبح عدد الداعيات التابعات لوزارة الأوقاف 100 داعية، لكنه تراجع في قراره مكتفيا بالمعينات حاليا والبالغ عددهن 50 داعية. كما طردت الوزارة إحدى الداعيات المنتقبات العام الماضي أثناء إلقاء محاضرة في مسجد النور بالعباسية بسبب رفضها خلع النقاب. وتواجه المنقبات اضطهادا شديدا في مصر من جانب الحكومة والأفراد، وأنشأ عدد من الشباب والفتيات مجموعة إلكترونية على موقع "فيس بوك" للتواصل الاجتماعي بعنوان: "اخلعي نقابك"، حيث دعت إلى مقاطعة المحجبات في المؤسسات الحكومية، واعتبروا أن النقاب يعوق التواصل معهن كما أنه يستخدم ستارا من أجل تنفيذ بعض الجرائم، على حد قولهم. ومع أن العلماء قد اختلفوا حول كون النقاب واجبا أم مستحباً إلا أن أحداً منهم لم يقل بأن النقاب بدعة، وهو ما شذ به هذا الكتاب عن جموع أهل العلم، بما جعله لدى البعض تماهياً مع هجمة عالمية على النقاب والحجاب امتدت من تركيا وبريطانيا وحتى تونس والجزائر بخلاف دول آسيا الوسطى، والاعتداءات المتكررة من اليمينيين المتطرفين في بلدان أوروبية عديدة.