أثارت أحكام الحبس التي أصدرتها محكمة جنايات القاهرة ضد صحفيي الجزيرة الإنجليزية، في القضية المعروفة باسم "خلية ماريوت" الكثير من الجدل العالمي، إذ اعتبرها الرأي الدولي نموذجا صارخا لتقييد حرية التعبير في مصر. ومن بين قائمة المحكوم عليهم، تركزت بؤرة الاهتمام العالمي بشكل متزايد على الأسترالي بيتر جريست، ربما بسبب تدرجه في محطات إعلامية بارزة، خلال مشواره المهني، وتقلده جائزة صحفية عالمية. وتشير السيرة الذاتية لجريست إلى أنه صحفي ومراسل أسترالي ولد عام 1965، وشهدت رحلته المهنية العديد من المحطات، أبرزها العمل في مؤسسات "رويترز" و"سي إن إن" و" بي بي سي"، و"الجزيرة الإنجليزية".
وفي 29 ديسمبر 2013، ألقي القبض على جريست، وصحفيين آخرين في الجزيرة الإنجليزية، وصدرت ضدهم أحكام بالحبس في القضية المعروفة إعلاميا باسم "خلية ماريوت"، في اتهامات تتعلق بدعم الإخوان، ونشر أخبار كاذبة، وغيرها، قبل أن يصدر ضدهم أحكام بالحبس. وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير سابق لها عن جريست أن أصوله تعود إلى لاتفيا، وأشارت إلى أنه يحمل الجنسيتين الأسترالية واللاتفية. وتمركز جريست خلال مشواره المهني في العديد من مدن العالم منها العاصمة الأفغانية كابول، وبلجراد، ولندن ومدن إفريقية. وفي عام 2001، غطى جريست أحداث الغزو الأمريكي، لصالح هيئة الإذاعة البريطانية. وفي الأعوام التالية، انتقل جريست للعمل في مدينة مومباسا الكينية، ثم جوهانسبرج عاصمة جنوب إفريقيا، قبل أن ينتقل لمدينة نيروبي الكينية. ونال جريست "جائزة بيبودي" الصحفية مكافأة له على أحد الأفلام التوثيقية في الصومال يحمل اسم "أرض الفوضى"، ثم عمل كمراسل لقناة الجزيرة الإنجليزية. وتحت عنوان "بيتر جريست يمثل كل الصحفيين"، قال أندرو هاردينج مراسل "بي بي سي" في إفريقيا: “ بيتر صحفي رائع، لطالما نظرت إليه خلال مشواره المهني، بعين الغبطة والإعجاب، لقد تمركز في نيروبي، وكينيا، وغطى أحداث القارة الإفريقية، بشكل، حاولت محاذاته خلال عملي كمراسل في جوهانسبرج". ونوه هاردينج إلى العقبات التي واجهن جريست خلال مشواره المهني، من مخاوف أمنية، وعقبات، وبيروقراطية متوحشة. ووصف هاردينج الاتهامات التي وجهت إلى الصحفي الأسترالي بدعم جماعة الإخوان المسلمين ب "السخيفة"، معتبرا أن الحكم الصادر ضد جريست لا يعد فقط ضربة ضد بيتر وعائلته، لكنها تضرب كافة المجتمع الصحفي. من جهتها، أوردت صحيفة سيدني مورنينج هيرالد الأسترالية العديد من ردود الفعل على أحكام حبس جريست وزملائه، فنقلت عن مراسلة الصحيفة روث بولارد قولها: “ إذن..في مصر الصحافة جريمة، وحرية التعبير مثاليات لا معنى لها..ما حدث عقاب للإعلام". ونقلت الصحيفة عن وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب قولها : “ الحكومة الأسترالية مصدومة من الحكم في قضية جريست..ونشعر بالفزع من حقيقة فرض حكم بمثل هذه القسوة..بيتر جريست صحفي أسترالي محترم، ولم يكن هناك لدعم الإخوان..نحن نحترم نتيجة الانتخابات المصرية، وسنبدأ الآن اتصالات على أعلى مستوى". وأضافت بيشوب: “ لقد تحدثت طويلا إلى والدي جريست، وهما يدرسان حاليا الخيارات القانونية مثل تقديم استئناف..ومن جانبنا سنقدم كافة المساعدات القنصلية التي يمكننا تقديمها". من جانب، وصف رئيس حزب العمال الأسترالي بيل شورتن، عبر حسابه على تويتر، الأحكام الصادرة على جريست وزملاءئه بالمروعة، وأضاف: “لا ينبغي حبس الصحفيين لأداء مهامهم"، كما وصفت رئيسة حزب الخضر الأسترالي كريستين ميلن المحاكمة ب "الاستعراضية الصادمة"، وطالبت الرئيس المصري بالتدخل. وتساءلت كريستيان أمانبور المذيعة الشهيرة بشبكة "سي إن إن" في تغريدة لها تعليقا على الأحكام: "هل هذه هي طريقة السيسي لإرساء الديمقراطية ؟ هل لهذا أفرجت عن نصف مليار دولار من إجمالي المساعدات العسكرية التي تقدمها لمصر؟؟ يا لها من مهزلة ". وكان شبكة سكاي نيوز قد لفتت في مارس الماضي إلى رسالة بعثها الرئيس المؤقت آنذاك عدلي منصور إلى أسرة جريست ذكر خلالها أنه " لن يدخر جهدا للوصول لحل سريع للقضية". وتابعت سكاي نيوز أن الخطاب جاء ردا على رسالة من والدي جريست لويس وجوريس جريست، ناشداه خلالها بالتدخل للإفراج عن نجلهما. وقالت صحيفة ديلي صباح التركية اليوم الاثنين إن الصفحة الأخيرة لنظيرتها الأمريكية الشهيرة "نيويورك تايمز" ظهرت خالية، احتجاجا على محاكمة صحفيي الجزيرة الإنجليزية في مصر. وأوردت الصحيفة صورة للصفحة المذكورة، التي بدت خالية ، لكنها تذيلت بعبارة "هذا ما يحدث عندما تقوم بإسكات الصحفيين"، ثم الهاشتاج التضامني #FreeAJStaf أو الحرية لصحفيي الجزيرة. من ناحية أخرى، أعلنت كل من بريطانيا وهولندا استدعاء السفيرين المصريين لديهما احتجاجا على حكم جنايات القاهرة بحبس الصحفيين.