في 1 يونيو الجاري، زارَ وفدٌ تجاريّ يتألف من وزراء الزراعة والبنية التحتية، ورؤساء غرف التجارة في الإمارات السبع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبمرافقة عدد من رجال الأعمال الإماراتيين، إيران. وكان هذا أوّل وفد تجاري رفيع المستوى من الإمارات العربية المتحدة يزور طهران بعد غياب دام ثماني سنوات. مثّل المندوبون خمسة قطاعات: النفط، والغاز، والخدمات المصرفية، والصناعات الغذائية، وتجارة السيارات وشركات الاستثمار. وتزامنت الزيارة مع زيارة رسمية لإيران من قبل أمير الكويت، وكذلك وجود الوفد القطري في ميناء بوشهر الجنوبي؛ وكلّها علامات على تحسُّن في العلاقات بين طهران و الدول المجاورة لإيران في الجنوب. خلال العقدين الماضيين، كانتِ الإماراتُ العربيّة المتحدة من بين أكبر الشركاء التجاريين لإيران. وأصبحت دبي منصة التداول الطبيعي للصادرات الدولية إلى إيران التي سيعاد تصديرها من خلال الإمارة. الشراكة لا تستند فقط على منطقة جغرافية، ولكن أيضًا على الجذور التاريخية المشتركة (العديد من الأسر المهاجرة التي أسست دبي نشأت في محافظاتإيران الجنوبية)، وكذلك على الوجود المتزايد للمجتمع التجاري الإيراني في الإمارات العربية المتحدة. كما أنّ هناك الآلاف من الشركات الإيرانية في الإمارات العربية المتحدة؛ ممّا يشير إلى اتساع نطاق العلاقات التجارية. في وقت مبكر من عام 2000، استفادت دبي بشكل كبير من الاستثمارات الإيرانية في سوق العقارات المحلية. وفي عام 2010، بلغ حجم التجارة بين البلدين 20 مليار دولار، وارتفعت إلى 23 مليار دولار في 2011، ثم انخفضت إلى 17 مليار دولار في عام 2012، و 15 مليار دولار في عام 2013. في السنوات القليلة الماضية، انخفضتِ التجارةُ بين البلدين نتيجة العقوبات الخارجية، وخاصة مع الضغط الذي تمارسه الولاياتالمتحدة على الشركات والبنوك الإماراتية بعدم الانخراط في التجارة مع إيران. نتيجةً لذلك؛ فقدت دبي تدريجيًّا ميزتها التنافسية كمركز إعادة التصدير للشركات الإيرانية. ووفقًا لرئيس غرفة تجارة طهران، تم تعويض انخفاض التجارة بين إيرانوالإمارات العربية المتحدة في البداية عن طريق الصناعة بالزراعة والمناجم. وكذلك من خلال النموّ في التجارة بين إيرانوتركيا، والتي تحولت لاحقًا إلى العراق، حيث يلعب العراق اليوم دورًا هامًّا كشريك تجاري إقليمي. الاتجاه العام هو أن تعمل الشركات الإيرانية على الاستثمار في تنمية التجارة مع الدول المجاورة للبلاد وليس فقط التحايل على العقوبات القائمة. مع ذلك، لا تزال دولة الإمارات العربية المتحدة شريكًا تجاريًّا رئيسًا مع حجم تجارة سنوية تبلغ 15 مليار دولار في المرتبة الثانية بعد تركيا من بين الدول المجاورة لإيران. إيران لديها أيضًا أعلى نسبة عجز تجاري مع دولة الإمارات العربية المتحدة بنحو 7.3 مليار دولار في السنة المالية الماضية؛ ممّا يؤكد فائدة دبي كمركز لإعادة التصدير في حين أنّ الإمارات العربية المتحدة قد فقدت موقعها الفريد من المنظور الإيراني، فإنّه لا يزال الخيار المفضل كمنصة إعادة التصدير للشركات الدولية. ليس فقط بالنسبة للشركات الغربية، ولكن أيضًا العديد من المصدرين الآسيويين إلى إيران يستخدمون دبي كمركز أيضًا لجعل صادراتها إلى إيران مشروعة وممكنة في مواجهة العقوبات الحالية على الشحن و التأمين للشحنات ذات الصلة بإيران. وعلاوة على ذلك، فقد وضعت العديد من الشركات الإيرانية مكاتب مشتريات في دولة الإمارات العربية المتحدة لتسهيل العلاقات المصرفية مع الشركاء التجاريين الدولية. وفي حين أنّ وصول الوفد وما سيترتب على ذلك من محادثات ستمهّد الطريق لتحسين العلاقات التجارية بين إيران و الإمارات العربية المتحدة، لا تزال هناك بعض التوترات السياسية. تتضح هذه التوترات في شكل إلغاء ندوة “إيران والعقوبات الاقتصادية، ماذا بعد؟” التي كان مقررًا عقدها في دبي في 28 مايو الماضي. حيث اتصلت إدارة دبي للسياحة والتسويق التجاري بمنظمي المؤتمر في الليلة التي سبقت الحدث، وأخبرتهم أن الحدث لا يمكن أن يُقام. ووفقًا لحميد رضا آصفي، سفير إيران السابق لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، تشمل التحديات الراهنة المطالبات في الإمارات العربية المتحدة بعودة جزر الخليج الفارسي المتنازع عليها مع إيران، فضلًا عن تدخّل القوى العالمية، وخصوصًا الولاياتالمتحدة، في العلاقات الثنائية بين البلدين. ومن المثير للاهتمام، تأكيد آصفى أن سياسة إيران تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة كانت دائمًا مستقلة عن النظرة السعودية تجاه طهران؛ وهو ما يعني أن العلاقات بين إيران والسعودية ليست مصدرًا للتوتر في العلاقة بين إيرانوالإمارات العربية المتحدة . التطلّع إلى المستقبل، وخاصة سيناريو تحسين العلاقات الإيرانية مع الدول الغربية والرفع التدريجي للعقوبات نتيجة المفاوضات النووية الحالية، بحيث يمكن للشركات الإيرانية الانخراط مع نظرائهم الدوليين مباشرة بحرية بعيدًا عن العقوبات والقيود القائمة، سوف يفقد دبي جزءًا هامًّا من أعمالها مع إيران. كما أنّ الإمارات العربية المتحدة قد تفقد جاذبيتها كمركز إعادة تصدير. وقد تنشأ الضربة الحقيقية عندما يتمّ السماح للشركات الأمريكية للتجارة مباشرة مع إيران، على الرغم من أن هذا الاحتمال سيعتمد على الرفع التدريجي للعقوبات. على هذا النحو، إذا قررت دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة أن تعتمد على الأنماط القديمة للعلاقات التجارية مع إيران، فإنّها سوف تخسر مع مرور الوقت. بالتالي؛ فمن مصلحة التجار والشركات في الإمارات العربية المتحدة إقامة العلاقات التجارية مع إيران التي لا تعتمد على العقوبات. ويمكن أن تشمل هذه الاستثمارات الجديدة في الاقتصاد الإيراني فضلًا عن الشراكات مع الشركات الإيرانية الكبرى لمساعدتهم على التصدير إلى الأسواق الإقليمية والدولية. وبالنظر في البنية التحتية القائمة في دبي وموقعها الجغرافي الاستراتيجي فيما يتعلق بإيران، فإنه ينبغي أن ننظر إلى إمكانات التصدير المتنامية لإيران الناشئة من رفع القيود المفروضة على إيران كفرصة يمكن أن تمهد الطريق لدبي لتصبح مركزًا للتصدير الإيراني إلى الأسواق العالمية. المصدر: المونيتور www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/06/iran-uae-talks-signal-gulf-thaw.html