صعد بنفسه للهاوية، لم يدفعه أحد، بل قادته أحلامه الخرقاء، ترك منصبا محميا من العزل ثماني سنوات ، منصبا هو الأعلى فعليا بحكم دستور هزلي أشرف على صنعه الكهنة والسحرة، ذهب مهرولا نحو عرش مصر، فاعتلاه مفضوحا منكوسا مضمخا بالدماء، نال لقبا هو الأنجس والأحقر قبل أن ينال لقب (رئيس البلاد)، وصل لعرش مصر وكم من مجنون اعتلى هذا العرش، وكم من فرعون قصم ظهره رب العباد، ذهب المغفل نحو اليم ليلقى حتفه.. كفرعون موسى من قبل ابتلعته الأمواج . لم تكن الإنتخابات بين القاتل (السيسي) والكومبارس ( حمدين) ، بل كانت بين الأول والرئيس الشرعي للبلاد ( محمد مرسي)، ففاز الأخير فوزا ساحقا، فبينما لم يحقق الجنرال سوى نسبة أقل من 20% من ناخبي مصر كما قالت جميع المراصد والإستفتاءات، اختار ما يقرب من ثمانين بالمئة أن يقاطعوا تلك المهزلة ويتضامنوا مع رئيسهم الشرعي ويعلنوا للعالم كله إحتقارهم لهذه الإنتخابات ، وصور اللجان الخاوية على عروشها كانت ملء السمع والبصر والشاشات. تركوه يصعد للكرسي بعد أن أعطوه صفعة مدوية، تكلمت عنها كل صحف العالم والفضائيات. لم يكن السيسي محتاجا لإنتخابات ليحكم بها مصر ، الكل يعلم أن قائد الإنقلاب هو الحاكم الفعلي منذ الثالث من يوليو الفائت. ولكن استدراج الله له : جعله يدخل انتخابات هزلية ليلقى فيها شر هزيمة أمام الرئيس الشرعي للبلاد ، وسيصل لكرسي الرئاسة ليكون أضحوكة العالم كله وليس مصر وحدها، وكما افتعل المشاكل ليفشل بها حكم الرئيس الشرعي محمد مرسي، ستكون فترة حكمه أفشل فترة مرت في التاريخ ، وقد هلت البشائر بعد ساعات قليلة من معرفة النتائج الأولية لمسرحية الإنتخابات، وقرار عجيب بفرض ضريبة حكومية على أرباح سوق البورصة المصرية، حيث كشفت شبكة بلومبرج المختصة في الأنباء الإقتصادية أن بورصة مصر سجلت أكبر خسارة سوقية في العالم يوم الخميس الماضي بنهاية تعاملات اليوم ، ليصل إجمالي خسائرها إلى 2ر37 مليار جنيه في الجلسات الثلاث الأخيرة، بينما أظهر تقرير البنك المركزي أمس الأحد ارتفاع إجمالي الدين العام المحلي ليصل إلى 1.708 تيريليون جنيه بنهاية مارس الماضى، منه 84.6 % مستحق على الحكومة و 3.4 % على الهيئات الاقتصادية و12% على بنك الاستثمار القومى. وبلغ صافى رصيد الدين المحلي المستحق على الحكومة 1.445 تريليون جنيه بنهاية مارس الماضي بزيادة قدرها 184 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو ( بداية الإنقلاب) إلى مارس من العام المالى 2013/2014 . فبالإضافة إلى معونات دول الخليج التي تعدت عشرين مليار دولار والتي هي قروض مؤجلة واوراق ضغط على الدولة المصرية، نجد ارتفاع للدين المحلي منذ بداية الإنقلاب وإلى الآن يفوق 184 مليار جنيه ، كل تلك الأموال التي ضاعت على الدولة المصرية نهبتها جيوب الفساد منذ بداية الإنقلاب وإلى الآن، والنزيف لا يزال حاضرا. كما ستبقى استحقاقات على قائد الإنقلاب أن يدفعها لدولة الفساد والكنيسة المصرية والذين ساعدوه في الإنقلاب المشئوم ورحلته المزرية. فاتورة باهظة سيتحملها جسد الوطن المهترئ أساسا، وبالتأكيد سيكون السيسي هو الخاسر الأكبر فيها. فبعد أن فقد الشرعية التي حلم بتحقيقها من إخراج مسرحية الإنتخابات، سيكون لزاما عليه أن يقنع من انتخبه واهما بتحقيق حلم الأمن والإستقرار و لقمة العيش، أنه لن يندم على ذلك، وهي المهمة التي سيفشل قطعا بها. فالرئيس الجديد لا يعرف عن إدارة الدول سوى الأخذ من الفقير لإطعام الأغنياء ، وحلوله بين لمبات موفرة وعربات للخضار، وتقسيم للرغيف وضرائب على البسطاء. الأيام القادمة ستحسم كل شئ، العالم يراقبنا عن كثب ويزداد تحرجه من شعوبه، و دولة مبارك العميقة فضحت كل أذرعتها وهي تطل علينا الآن بوجهها القبيح، ولم يعد لها من ورقة توت تستر بها عوراتها، والشعب المخدوع أفاق منه الملايين وظهر ذلك في مسرحية الإنتخابات ومقاطعتهم. وعبيد لقمة العيش ينتظرون بنهم لمن يسد رمقهم، وحتما لن يطول انتظارهم. وأمهات الشهداء من ورائهم جميعا يدعون الله كل ليلة أن يقر أعينهم بنهاية عادلة لقاتل ابنائهم.... و لن يتركهم اللطيف الخبير الذي يراهم ويسمع دعائهم. وسيأتي يوم يقر فيه أعينهم ويمسح دمعهم. وقبل أن يأتي ذلك اليوم يكفينا فخرا أننا فضحنا العبيد و مومسات الإعلام ووضعناهم في حجمهم .. وقبل أن يحتفلوا بتنصيب سيدهم .. كسرنا صنمهم.