مع احتفال العالم اليوم السبت الثالث من مايو باليوم العالمى لحرية الصحافة ، فإن خير برهان لواقع حرية الصحافة فى مصر حاليا ، هو مضمون الصحف الحكومية الثلاثة اليوم ، حيث سيادة الرأى الواحد المؤيد بشدة لقائد الانقلاب العسكرى " كامل الأوصاف " ، وتسفيه الثورة الشعبية المقاومة للانقلاب طوال الشهور العشرة الماضية . فأحداث الرفض الشعبى للانقلاب خلال أمس الجمعة والتى امتدت للعديد من المحافظات والتى شهدت مقتل عشرة أشخاص بحلوان والاسكندرية ، وسحلا للمتظاهرين السلميين فى أكثر من محافظة ، لا تحظى سوى بمساحة نشر محدودة للغاية ، وبالصفحات الداخلية ، وبتغطية منحازة تسفه من المتظاهرين وأعدادهم وأهدافهم . حتى الاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة لم يحظ سوى باهتمام صحيفة الأهرام التى خصصت صفحة كاملة للحدث الدولى ، وتضمنت التغطية صورا لثمانية من الصحفيين الذين قتلوا فى مناطق بؤر الصراع ، فى سورياوالعراق وباكستان والشيشان والصومال ، أما الصحفيين الأحد عشرة الذين قتلوا فيما بعد الانقلاب العسكرى فى مصر ، فلم يرد ذكر واحد منهم ، ولا حتى تامر عبد الرؤف الصحفى بالأهرام نفسها . - وتحت عنوان دماء صحفية تروى أشجار الحرية ، ذكرت الصحيفة الوقورة أن قائمة الدول الأكثر سجنا واعتقالات للصحفيين عام 2013 هى : الصين واريتريا وتركيا وايران وسوريا ! - ورغم أنه لم يتم التحقيق فيمن قتلوا من الصحفيين المصريين بداية من أحمد محمود فى أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير ، ومروا بأحمد عاصم فى أحداث نادى الحرس الجمهورى ، وغيرهم ممن قتلوا خلال تغطية الأحداث فى فض رابعة وأحداث السادس من اكتوبر ، وحتى مياده أشرف فى أحداث المطرية . فإن صحيفة الأهرام وتحت عنوان " قتل بلا عقاب " ، سلطت الأضواء على البلدان التى يقتل فيها الصحفيون بينما يظل القتلة طلقاء بلا محاكمة ، لتضم القائمة حسب الصحيفة : العراق والصومال والفلبين وسيريلانكا وسوريا وأفغانستان والمكسيك وكولومبيا وباكستان وروسيا والبرازيل ونيجيريا والهند !. - ورغم اعتقال نحو عشرين صحفيا فى الوقت الحالى ، وحبس الصحفية سماح ابراهيم ستة أشهر وغرامة 50 ألف جنيه ، وإحالة عدد من صحفى الجزيرة لمحكمة الجنايات ، فلم يرد ذكر أيا منهم ، وكان التركيز على حبس السلطات التركية لأحد الصحفيين هناك فى مارس 2011 والذى تم الإفراج عنه فى مارس 2012 . 17 نوعا من الانتهاكات ** وبعيدا عن الصحافة الحكومية والخاصة التى ارتمت فى أحضان الانقلاب منذ بدايته ، والتى أصبحت أداة من أدوات الانقلابيين لتثبيت أقدامهم للاستيلاء على مقادير الأمور فى البلاد ، وتبرر لهم القتل والسحل والاعتقال للمتظاهرين السلميين ، وتتغاضى عن اخفاقهم فى التصدى للمشاكل الجماهيرية التى تزداد ضراوتها . فإن سجل الانقلاب مع الصحفيين والاعلاميين وحرية الرأى قد شهد أكثر من 17 نوعا من الانتهاكات ، خلال الشهور العشر التى استولى خلالها الانقلابيون على السلطة ، والذى سخرها للنيل من كل المعارضين لدمويته ، حتى ولو كانوا من أنصاره وداعميه ، وتتضمن قائمة الانتهاكات : 1- القتل : حيث قتل أحد عشر من الاعلاميين منذ الانقلاب وحتى الآن هم : أحمد عاصم ، وأحمد عبد الجواد ، وتامر عبد الرؤف ، وحبيبه أحمد عبد العزيز ، ومصعب الشامى وصلاح الدين حسين ومياده أشرف ومايك دين ، وأسماء صقر ومصطفى الدوح ومحمد حلمى بالاضافة الى طلاب الاعلام ومنهم رقية هاشم . 2- الإصابة خلال التغطية الصحفية وهو ما تعرض له كثير من المصورين الصحفيين مما دفعهم للوقوف على سلم النقابة للاحتجاج ، خاصة مع احتجاز المعدات وتكسيرها ، وهو أمر لم يسلم منه مندوبو الصحف الخاصة والحكومية ووكالات الأنباء والمواقع الالكترونية ، وكان آخرهم خالد حسين باليوم السابع وعمرو السيد بصدى البلد . 3- الاعتقال : وتضم القائمة نحو عشرين من الصحفيين والاعلاميين ، منهم أحمد سبيع وابرهيم الدراوى ومحسن راضى ، وأحمد عز الدين وهانى صلاح الدين وعبد الله الشامى وعماد أبوزيد وعبد الله الفخرانى ، وحسن خضرى وعمرو سلامه القزاز وسامحى مصطفى وأسامه شاكر عز الدين ، ومحمد ربيع وشريف عبد الحميد حشمت وسيد موسى ، وكريم مصطفى وأحمد لاشين ومحمد العادلى وغيرهم . 4- الإحالة للمحاكم العسكرية : وتضم القائمة أحمد أبو دراع المراسل بشمال سيناء ، وحاتم أبو النور واسلام الحمصى وعمرو سلامه القزاز . 5- التعذيب : ومن هؤلاء أسلم فتحى مراسل شبكة إم بى سى ، وصحفى الجزيرة فى قضية الماريوت . 6 – اغلاق القنوات لفضائية : ومنها قناة مصر 25 والناس والحافظ وغيرها ، ووقف نشاط مكاتب قنوات اليرموك والأقصى والجزيرة مباشر مصر بالقاهرة ، حتى قناة أحرار 25 تم مطاردة العاملين بها فى بيروت والقبض على مديرها وترحيله للقاهرة . 7- اغلاق الصحف : مثل جريدة الحرية والعدالة ، والمضايقات التى تتعرض لها جريدة الشعب سواء بمنع طباعتها أو منع توزيعها . 8 – مصادرة أعداد من الصحف : مثل جريدة الرحمة وغيرها ، مع تدخل رجال الأمن بالمطابع الصحفية لتغيير مضمونها . 9- مداهمة المقار الاعلامية : مثل موقع الاسلام اليوم ووكالة الأنباء التركية اخلاص وقناة الجزيرة مباشر مصر وقناة الحافظ . 10- التشويش على القنوات : مثلما حدث مع قنوات الحوار والقدس والجزيرة مباشر مصر وغيرها ، حتى برنامج البرنامج لم يسلم من التشويش بعد انتقاله لقناة أخرى ، بعد وقف اذاعته بالقناة التى كان يعمل بها منذ بدايته لمجرد تعرضه لقائد الانقلاب . 11- اقتحام منازل الصحفيين : وهم كثيرون منهم محسن راضى وأحمد السيوفى وبدر محمد بدر وغيرهم . 12- الإحالة لمحكمة الجنايات : مثل صحفى الجزيرة فى قضة الماريوت ، وظهور تهم جديدة للاعلاميين والمصورين منها حيازة كاميرا ، أو تهمة وجود صور لمظاهرات على كاميراتهم أو على تليفوناتهم المحمولة . 13- منع مقالات الكتاب المعارضين للانقلاب بالصحف أو استضافتهم بالقنوات : حيث تم منع مقالات وائل قنديل وعبد الرحمن يوسف بالشروق ، وعادل صبرى بالوفد وسيف عبدالفتاح وصلاح عبد الكريم وأميره أبو الفتوح وغيرهم بالأهرام ، وتطفيش بلال فضل من الشروق . الى جانب منع مقالات الكتاب الاسلاميين فى الصحف مثلما حدث مع الدكتور حلمى القاعود وجمال حشمت وحازم غراب وبدر محمد بدر ، وكذلك منع نشر مقالات الصحفيين المعارضين للانقلاب مثل محمود الشاذلى ومحمد سالم بالجمهورية ، وعماد المصرى بالأخبار ، واسماعيل الفخرانى بالأهرام وغيرهم كثيرين . 14- المنع من التغطية الصحفية : ومنها منع مراسل الجزيرة من حضور المؤتمر الصحفى للمتحدث العسكرى بعد فض رابعة ، ومنع الصحفيين من تغطية أحداث رمسيس ، ومنع مندوب جريدة الوطن الموالية للانقلاب من حضور مؤتمر لحملة قائد الانقلاب ، ومنع الصحفيين من تغطية غالبية المحاكمات للمعارضين ، ومنع التصوير بالمحاكمات وقصره على التلفزيون الرسمى لبث لقطات معينة ذات أغراض تتفق ومصالح الانقلاب . 15- المنع من السفر : مثلما تم مع هانى صلاح الدين وغيره . 16- الاستبعاد من المواقع : مثلما حدث مع أعضاء المجلس الأعلى للصحافة والإتيان بمجلس موالى للانقلاب ، واستبعاد رئيس مجلس ادارة الأهرام لمعارضته للانقلاب ، واستبعاد أية قيادات وسطى غير مؤيدة للانقلاب ، ومن هؤلاء رئيس قسم الاذاعة والتلفزيون بصحيفة الأهرام ، واستبدال القيادات الوسطى بالموالين للانقلاب على حساب المعايير المهنية . 17- تشويه المعارضين للانقلاب : وهو أمر لم تسلم منه أية شخصية عامة مثلما حدث مع د0 محمد البرادعى نائب رئيس الجمهورية فى عهد الانقلاب ، وزياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء فى عهد الانقلاب ، وعمرو حمزاوى ومصطفى النجار والمرشح الرئاسى السابق خالد على وغيرها ، بل ونشر المكالمات الخاصة للمعارضين على الملأ فى سابقة لم تحدث من قبل . نصوص دستورية معطلة ** وهكذا حول الانقلابيين نصوص دستورهم الذين زعموا حصوله على الغالبية الى نصوص معطلة ، دون اعتراض من الحقوقيين والحزبيين ، خشية البطش والتشهير وفقد المزايا المادية الأدبية لمساندة الانقلاب . حيث تم إهدار المادة 65 : التى تتحدث عن حق التعبير . - والمادة 72 : التى تتحدث عن ضمان تعبير المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة للدولة ، عن كافة الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية . - والمادة 58 : التى تتحدث عن حرمة المنازل . - والمادة 57 : التى تتحدث عن حرمة المكالمات الهاتفية . - والمادة 73 : التى تتحدث عن حرية التظاهر . - والمادة 60 : التى تتحدث عن حرمة جسد الإنسان . - والمادة 62 : التى تتحدث عن عدم المنع من مغادرة الدولة . - والمادة 206 : التى تتحدث عن إلتزام الشرطة باحترام حقوق الإنسان . و** هكذا تحولت البلاد الى غابة يتحكم فيها قائد الانقلاب وأتباعه بلا رقيب ولا محاسبة ، ليواصل مشواره فى وأد الحريات والقتل والإصابة والاعتقال والتشويه ، ليضاف الى سجل انجازاته المتعددة من اقتحام للقرى بالطائرات والمدرعات ، وحرق الجثث والمستشفيات الميدانية ، وتدمير محلات وبيوت المعارضين مطاردتهم حتى خارج البلاد . والأحكام السريعة المشددة للطلاب والطالبات والمتظاهرين ، وفصل أساتذة الجامعات وفصل الطلاب ومنعهم من دخول الامتحانات ، وتغيير مجالس النقابات المهنية غير الموالية للانقلاب ، كسجل غير مسبوق من الانتهاكات للحريات خلال التاريخ المعاصر ، مما دعاه لترشيح نفسه رئيسا للبلاد التى تسبب فى خرابها ، ليكمل مشوار الانجازات !.