في إطار سعي وزير الثقافة فاروق حسنى لاسترضاء الصهاينة وكسب ودهم لدعم ترشيحه لرئاسة منظمة اليونسكو، سمح الوزير وبضوء أخضر من الحكومة المصرية بعرض أول فيلم صهيوني بالقاهرة مما يمثل "تطبيعًا ثقلفيًا وفنيًا" مع الكيان الصهيوني رفضه فنانوا ومثقفوا مصر أكثر من مرة، ونال هذا الإجراء انتقاد عدد كبير من الفنانين والمثقفين المصريين. وعرضت السفارة الصهيونية بأحد فنادق القاهرة قبل ثلاثة أيام فيلم "زيارة الفرقة الموسيقية" بحضور سفيري واشنطن وتل أبيب ونحو مائة مواطن بينهم صحفيون ورجال أعمال ومثقفون يتقدمهم الكاتبان أنيس منصور وعلي سالم. واتهم عضو لجنة الإعلام والثقافة بالبرلمان محسن راضي الذي قدم سؤالا عاجلا للحكومة حول عرض الفيلم، وزير الثقافة "بفتح الباب أمام التطبيع الثقافي مع الكيان الصهيوني بتصريحاته السابقة حول موافقته على دخول الكتب والأفلام الإسرائيلية إلى مصر وضرورة تداول الثقافة بين الشعوب". وقال النائب البرلماني الإخواني إن "عرض الفيلم يتطلب موافقة من جهات الرقابة بوزارة الثقافة، وموافقة الوزير جاءت استجابة لطلب من إسرائيل ولإبداء حسن النية تجاهها بعرض الفيلم بعدما اتهمته سابقا بأنه (عدو للسامية)" على خلفية تصريح سابق له قال فيه إنه سيحرق الكتب الإسرائيلية لو وجدها فى المكتبات المصرية. ودرءا لتهمة "العنصرية" وتخفيفا لضغط صهيوني يطالب المجتمع الدولي بعدم دعم تولي حسني رئاسة اليونسكو بوصفه "يرفض التطبيع الثقافي مع إسرائيل" قال حسني إنه لم يكن يقصد المعنى الحرفي للتصريح، وإنه مستعد لزيارة إسرائيل لتوضيح مقصده الحقيقي. وهاجم راضي الذين حضروا الفيلم، وقال إنهم فئة قليلة من المثقفين لا يمثلون إلا أنفسهم معتبرا أن المحاولات الصهيونية لاختراق المقاطعة الثقافية والشعبية في مصر "حرث في الماء ومحاولات محكوم عليها بالفشل". تنازلات ضرورية وتعليقا على وجود علاقة بين السماح بعرض الفيلم ومحاولة الوزير نيل موافقة تل أبيب على ترشحه لرئاسة اليونسكو، قال الوكيل السابق لوزارة الثقافة شريف الشوباشي "من يطمح إلى أي منصب دولي، حتما عليه أن يقدم تنازلات إلى إسرائيل". وأكد الشوباشي أن مثقفي مصر لا علاقة لهم بالفيلم ولا بمحاولات التطبيع الثقافية، مذكرا بالموقف الجماعي للنقابات المهنية المصرية بأنه "لا تطبيع إلا بعد عودة كامل الأراضي المحتلة وتحقيق السلام العادل وقيام الدولة الفلسطينية". دفاع عن الوزير أما رئيس تحرير جريدة القاهرة صلاح عيسى فرفض تحميل الوزير المسؤولية، مشيرا إلى تصريحات سابقة لرئيس جهاز الرقابة التابع للوزارة بأن لا سلطة لجهازه على العروض الخاصة بالأفلام. وذكر الكاتب برفض حسني وأجهزة الوزارة عرض هذا الفيلم في مهرجان القاهرة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وكذلك موقف نقابة المهن السينمائية والفنانين المصريين عندما هددوا بسحب أفلامهم من مهرجان أبو ظبي إذا تم عرض الفيلم الصهيوني خلاله. وقال عيسى "إذا أردنا أن نحاسب فلنحاسب الذين حضروا من الصحفيين والكتاب والمهنيين والذين ينتمون إلى نقابات وهيئات تتبنى قرارات ومواقف مناهضة للتطبيع" مطالبا إياها "بتفعيل لوائحها الداخلية في محاسبة من حضر عرض الفيلم". ويحكي الفيلم وهو من إخراج الصهيوني "عران كوليرن" وبطولة الممثلين الصهيونيين "ساسون جاباي" و"رونيت إلكابيتز"، ويروي قصة فرقة موسيقية مصرية تقوم بزيارة الكيان الصهيوني للمشاركة في حفل افتتاح، لكن بسبب البيروقراطية وسوء الحظ فإنها تجد نفسها عالقة بالمطار دون أن يأتي أحد لاستقبالها. وبدلا من أن يصل أعضاء الفرقة إلى وجهتهم المفترضة ونتيجة عدم معرفتهم للغة العبرية، ضلوا الطريق إلى مدينة "بتاح تكفا" وتوجهوا إلى بلدة ريفية جنوبية اسمها "بيت هاتكفا" وهي ليس لها أصل في الحقيقة تم اختراعها من قبل صانعي الفيلم. وخلال مكوثهم في البلدة تَعرف الموسيقيون المصريون على الصهاينة وتغلبوا على الاختلافات الثقافية فيما بينهم. وفي المقابل يتجاهل الفيلم الحروب التي خاضها الطرفان، من خلال إظهار تعامل الفرقة المصرية مع الصهاينة بشكل عادي تماما طوال الأحداث التي تنتهي بمشهد تعزف فيه الفرقة المصرية الأغاني والألحان عن الحب.