تشهد الساحة السياسية الباكستانية جدلا حادا بين حكومة حزب الشعب وشريكها في التحالف حزب نواز شريف، على خلفية قرار الحكومة وقف تفاوضها مع مسلحي طالبان باكستان ولجوئها إلى استخدام القوة ضدهم في منطقة خيبر إيجنسي، دون استشارة شريكها في التحالف. وقد أثار قرار الحكومة ذاك استياء حزب شريف الذي طالب بموافقة برلمانية على العمليات قبل شنها. الخلاف الجديد بشأن عمليات الجيش في منطقة خيبر والتي يرفضها حزب شريف جملة وتفصيلا ويعتبرها امتدادا لسياسات الرئيس برويز مشرف، يأتي استمرارا لخلافات باتت تهدد التحالف الحكومي الهش الذي أفرزته انتخابات 18 فبراير الماضي. ولعل من بين أبرز تلك القضايا الخلافية أزمة إعادة القضاة المعزولين وأزمة إقالة الرئيس برويز مشرف. قرار منفرد صديق الفاروق الناطق باسم حزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه نواز شريف أكد أن حكومة حزب الشعب اتخذت قرار شن العمليات العسكرية في خيبر إيجنسي في جنح الظلام بعيدا عن استشارة حزبه "في أمر مهم كهذا". وأضاف الفاروق في حديث مع الجزيرة أنه كان يتوجب على الحكومة أخذ موافقة البرلمان قبل شن مثل هذه العمليات إن كانت تريد تأييدا شعبيا لها، مشيرا إلى أن استخدام القوة ضد أبناء الوطن غير مبرر بأي حال من الأحوال. وأوضح أن حزبه مرر رسالة استيائه من قرار الحكومة عبر وسائل الإعلام، وهو بانتظار رد حزب الشعب في وقت تحدثت فيه صحف محلية عن إمكانية انسحاب حزب شريف من الحكومة ما لم تسحب قوات الجيش من مناطق القبائل وتوقف العمليات العسكرية هناك. يشار إلى أن التحالف الحكومي المشكل من حزبي الشعب وشريف طرح الحوار خيارا وحيدا لمعالجة التوتر الأمني في الحزام القبلي، رافضا مبدأ استخدام القوة الذي اعتمده الرئيس مشرف طوال السنوات الماضية، في حين تشير عمليات اليوم إلى تراجع حزب الشعب عن تعهداته السابقة. ولم يقتصر الاستياء من عمليات الجيش على حزب شريف وإنما تعداه إلى أحزاب وجماعات أخرى. فأمير الجماعة الإسلامية قاضي حسين أحمد عقد مؤتمرا صحفيا حذر فيه الحكومة من عواقب قرارها، متهما إياها بأنها -عبر شن هذه العمليات وإثارة الذعر حول قدرة طالبان على دخول مدينة بيشاور- إنما تمهد الطريق لدخول قوات التحالف المتواجدة في أفغانستان الأراضي الباكستانية لمطاردة عناصر طالبان فيها. وفي ضوء هذه التطورات وصل مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون وسط وجنوب آسيا ريتشارد باوتشر إلى إسلام آباد، في محاولة للم شمل التحالف الحكومي ضد مكافحة ما تسميه واشنطن "الإرهاب". والتقى باوتشر رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني ونواز شريف، كما التقى قائد الجيش إشفاق كياني ولاحقا سيلتقي بالرئيس برويز مشرف. وأفرز لقاء باوتشر شريف خلافا واضحا في وجهات النظر بين الجانبين، حيث شدد شريف على أهمية عدم تدخل الولاياتالمتحدة في شؤون باكستان الداخلية ومن ذلك التوقف عن الضغط لصالح عمليات الجيش العسكرية. وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي شاهد الرحمن إن حكومة حزب الشعب غيرت من سياستها لصالح الحل العسكري في الحزام القبلي استجابة لضغوط أميركية مارستها واشنطن عبر استخدام ورقة المساعدات الخارجية. وأعرب شاهد الرحمن عن تخوفه من حرب مفتوحة مقبلة في باكستان بين من أسماهم أنصار سياسة واشنطن إزاء الحدود الباكستانية الأفغانية وبين من يرفضون تلك السياسة، وهو ما يجعل من العنف سيد الموقف على الأرض.