تنظر محكمة العدل الدولية ب"لاهاي" الدعوى المرفوعة من مسلمي البوسنة وبالتحديد أبناء إقليم "سربرنيتشا" والذين يتهمون القوات الهولندية التي كانت تعمل تحت إمرة الأممالمتحدة بالتخاذل في حمايتهم من القوات الصربية التي ذبحت الآلاف منهم على مرأى ومسمع الهولنديين الذين كانوا مكلفين بحماية الإقليم وحراسته. وقال أحد مقدمي الدعوى في هذه القضية المرفوعة ضد الدولة الهولندية ويدعى حسن نوهانوفيتش، إن أفرادا من عائلته طردوا من القاعدة الهولندية وسلموا إلى الصرب من قبل جنود هولنديين. حسن الذي كان حينها في السابعة والعشرين من العمر، يعمل مترجما للكتيبة الهولندية المكلفة من قبل الأممالمتحدة حماية سربرنيتشا عندما وقع هذا الجيب المسلم بين أيدي صرب البوسنة. ويؤكد أن القوات الهولندية طلبت منه أن يخبر اللاجئين المسلمين بضرورة مغادرة الجيب الذي لجؤوا إليه أملا بالحصول على حماية من الجنود الهولنديين الذين كانوا مجهزين بأسلحة خفيفة. وكانت الأممالمتحدة قد أعلنت الجيب منطقة آمنة، وظل كذلك حتى استولى عليه صرب البوسنة. وحسب نوهانوفيتش فإن القوات الهولندية كانت تدرك أن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم سيتعرضون لخطر الموت "لكنهم لم يأبهوا لذلك، الهولنديون أنفسهم كانوا يريدون الرحيل بأسرع وقت ممكن، ولم يكن ذلك ممكنا طالما أن ثمة لاجئين في القاعدة". وفي الأيام التي تلت سقوط الجيب، اقتيد نحو ثمانية آلاف رجل وصبي مسلم إلى المناطق المحيطة بالجيب حيث أعدموا، ووضعت جثثهم في مقابر جماعية. وبات عدد قليل من المسلمين يقيم الآن في سربرنيتشا، في حين كان عددهم 27 ألفا خلال حرب البوسنة (1992-1995). وفي تلك الفترة فصل الرجال الذين اعتبروا أنهم في سن القتال عن النساء والأطفال والمسنين في قاعدة بوتوكاري أمام أعين الجنود الدوليين الهولنديين الذين لم يتحركوا. ومنذ انتهاء الحرب تم العثور على عشرات المقابر الجماعية في محيط سربرنيتشا، وقد هزت هذه القضية هولندا. ففي 2002، استقالت الحكومة الهولندية بعد صدور تقرير إثر تحقيق أظهر أنها أرسلت جنودا في إطار مهمة "مستحيلة" إلى سربرنيتشا. لكن الحكومة الهولندية رفضت تقديم اعتذارات مؤكدة أن قواتها كانت تحت قيادة الأممالمتحدة، وأن صرب البوسنة مسؤولون عن المجزرة. وبدورها أقرت الأممالمتحدة عام 1999 بأنها لم تنفذ مهمتها بحماية المدنيين، لكنها رفضت تحمل المسؤولية. ومجزرة سربرنيتشا الأسوأ التي تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية هي الفصل الوحيد في الحروب التي مزقت منطقة البلقان، واعتبرت بأنها مجازر إبادة من قبل محكمة الجزاء الدولية الخاصة بجرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة، ومحكمة العدل الدولية أعلى هيئة قضائية في الأممالمتحدة.