قام السيد رجب طيب اردغان رئيس الوزراء التركي بزيارة رسمية لدمشق التقى خلالها بالرئيس السوري بشار الاسد وبرئيس وزرائه السيد محمد ناجي العطري وقد أتت هذه الزيارة بعد إعلان الرئيس الأسد انه تلقى تبليغا من رئيس الوزراء التركي أكد له فيه موافقة رئيس وزراء العدو اولمرت على الانسحاب الكامل من الجولان مقابل سلام شامل وكامل مع سوريا . إن التحليل المعمق لهذا الحدث الهام الذي لا تخلو دروبه من الألغام والذي سوف يدخل قضيتنا في دوائر الخداع والتيه أو لربما يعيدنا الى الانفاق المظلمة بعد ان أخرجتنا المقاومات العربية والإسلامية منها ونقلتنا الى دائرة النور عبر تحريرها لأجزاء غالية من لبنان وفلسطين فوضعتنا بذلك على عتبة التحرير الشامل لكامل التراب العربي والإسلامي على امتداد فلسطين وبقية بلاد العروبة والإسلام . يأتي عرض السلام الإسرائيلي المنقوص والملغّم في وقت نجح فيه أحرار أمتنا بتكوين نواة صلبة تؤهلهم للتصدي بإقتدار لمشروع الشرق الأوسط الجديد أوالكبير, هذا المشروع الأميركي – الإسرائيلي الذي اعلنت عنه الوزيرة الأميركية كوندوليزا رايس في الأيام الأولى لحرب تموز2006 فاعتقدت حينها بان النصر سيكون من نصيب اسرائيل لكن ظنها خاب ثم بلعت لسانها الذي كان ومازال يقطر سمّا.
ليس المؤمنون من بين الذين ينطلي عليهم مكر اليهود او مكر بني اسرائيل فكم مرة وضع أحبارهم وساساتهم ثوب الملائكة فوق ثوب الشيطان الذي يلتصق بإجسادهم. إن القلوب المؤمنة لا ينطلي عليها خداع الشياطين المستعيرين لوجوه الملائكة وهل يضللنا هؤلاء الأفاكون؟ بعد ان هدانا الله سبله فوضع أقدامنا على درب المقاومة وأذاقنا طعم حلاوتها وروعة انتصاراتها ,هل نصدق العدو ونكذب نجاحاتنا ونخالف قادة مقاوماتنا الذين عشقتهم ارواحنا وانفسنا ؟
قديما قيل : "المكتوب يقرء من عنوانه" ولو رغبت اسرائيل بالسلام وبإعادة الجولان كاملا لأصحابه لما أقدمت في الشهور الستة الأخيرة على ارتكاب اثنتين من أكبر جرائمها . الاولى ما قامت به طائراتها المقاتلة في مطلع ايلول الماضي من خرق للأجواء السورية لتقصف موقعا سوريا قرب مدينة دير الزور في الشمال السوري مدعية انه موقع نووي في طور الإنشاء أما الجريمة الكبرى الثانية فكانت الإغتيال الذي نفذ في دمشق للقائد الكبير في حزب الله الحاج عماد مغنية في الثاني عشر من شباط الماضي . إن من يقترف مثل هذه الجرائم والإعتداءات هو بالتأكيد غير مؤهل لإرساء السلام العادل مع أي من المحيطين به وخاصة ان الغبار الناتجة عن القصف في دير الزور ما زالت تتصاعد ودماء المجاهد الكبير الحاج عماد لم تتوقف بعد عن طلب الثأر وكشف هوية القتلة ولا أحد من أحرار الأمة من اللبنانيين والسوريين ومن بقية العرب والمسلمين يمكنه استعادة راحة نفسه إن لمس أن دماء الشهيد مغنية آخذة في الضياع بين الجولان ودير الزور أو لمس أن جريمة دير الزور ستبقى بلا عقاب , كما ان احرار امتنا وأشرافها لديهم ما يكفي من الفهم الفطري الذي يؤهلهم لمعرفة مرامي اسرائيل من وراء دعوة سوريا للسلام . جميع الغيورين على امتهم يدركون إن تفكيك الحلف الايراني السوري الذي يكوّن مظلة متينة لحزب الله وحماس وباقي فصائل المقاومة لا بد إلا أن يكون هو الهدف الأساسي وراء دعوات السلام الكاذبة والمضللة التي تطلقها اسرائيل ولا أظن القيادة السورية وعلى رأسها الدكتور بشار الأسد غافلين عن هذه الحقائق وقد علمتنا القيادة السورية على مدى العقود الماضية بأنها لا يمكن ان تفرط بالثوابت القومية وانها أوعى من ان تنجر لمكر العدو وثقتنا بسوريا وبقيادتها التاريخية ستبقى راسخة ولا تشوبها شائبة بإذن الله.