استمرت أعمال العنف في أنحاء متفرقة من العراق، واستمرت قوات الأمن العراقية في العثور على عشراتِ الجثث التي تمَّ تعذيب أصحابها قبل قتلهم بالرصاص في العاصمة بغداد، ومع تصاعد العنف في البلاد أعلنت الحكومة العراقية أنَّها قررت حفر خنادق حول العاصمة بغداد, بهدف السيطرة على مداخلها, وإغلاق كافة المنافذ غير الشرعية لها, في محاولةٍ منها لوقف العنف المتصاعد, سياسيًّا تُعاود الجمعية الوطنية العراقية- البرلمان- مناقشة مشروع قرار تقسيم العراق إلى مناطق بحسب الانتماءات القومية والطائفية والمعروف باسم قانون "الفيدرالية". ونقلت قناة (الجزيرة) الفضائية عن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد عبد الكريم خلف إنَّ الخُطة الأمنية الجديدة في العاصمة تقضي بحفر خنادق وزيادة عدد المداخل من 21 إلى 28 مدخلاً مقابل غلق كافة المنافذ غير الشرعية بواسطة خنادق وأسلاك شائكة.
من جهةٍ أخرى أعلن مسئول بالوزارة أنَّه قد تمَّ العثور على أكثر من خمسين جثةً في مناطق متفرقة من العاصمة بغداد خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وبذلك يصل عدد الجثث التي عُثر عليها خلال الأيام الثلاثة الأخيرة إلى أكثر من 140 جثةً.
وفي الوضع الميداني أيضًا أعلن جيش الاحتلال الأمريكي في العراق أنَّ أحد جنوده قد بات في عِدَاد "المفقودين" نتيجة الهجوم الاستشهادي الذي أدَّى إلى مقتل جنديَّيْن في مناطق غرب بغداد يوم الخميس الماضي، وكان الجيش الأمريكي قد أعلن في ذلك اليوم أنَّ خمسة من جنوده قد قُتلوا في مناطق متفرقة من العراق خلال يومين فقط.
من جهتها تبنَّت جماعة جيش المجاهدين في العراق في تسجيلٍ مصورٍ تمَّ بثُّه على شبكةِ الإنترنت عملية إسقاط طائرة تجسس أمريكية بدون طيارٍ في منطقة عرب الجبور جنوب العاصمة بغداد، ويوضِّح التسجيل الطائرة من مختلف الجهات وهي على الأرض، ولكن لم يتم التأكد من صدقيةِ التسجيل من مصدرٍ مستقل.
على الصعيدِ السياسي فمن المقرر أنْ يجتمع أعضاء البرلمان العراقي اليوم لمناقشة مشروع القانون الذي تقدَّمَتْ به كتلة الائتلاف الشيعي الموحَّد لمنح حكمٍ ذاتيٍّ موسَّعٍ لأقاليم جديدة في البلاد في إطار دولة فيدرالية.
وفي هذا الإطار توجه خالد العطية نائب رئيس البرلمان العراقي- والذي تعهَّد بعدم التراجع بشأن مشروع القانون- إلى مدينة النجف لمقابلة المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني لمناقشة هذا الملف.
من جهتها اعتبرت كتلة التوافق العربية السُّنِّية في البرلمان العراقي أنَّ مشروع قانون الفيدرالية إنَّما هو مقدمة لتقسيم العراق، وبالتالي صدرت دعوات من الكتلة لتعديل الدستور ومواده التي تدعو إلى الفيدرالية ضمن "مواد كثيرة" قال نواب الكتلة إنَّها بحاجةٍ إلى التعديل.
وفي هذا الإطار صرَّح الشيخ خلف العليان أحد قياديي جبهة التوافق أنَّ مواد كثيرة في الدستور تحتاج إلى تغيير، وقال في تصريحات نشرها موقع الجبهة على شبكة الإنترنت: "من المفروض حسب بنود الدستور أنْ يتم خلال أربعة أشهر تشكيل لجنة اعتبارًا من الجلسة الأولى للبرلمان لإعادة النظر بالمواضيع غير المُتَّفَق عليها ومن ضمنها الفيدرالية وحل المليشيات، ولكن إلى الآن المليشيات لم يتم حلها".
وأضاف أيضًا أنَّ الفيدرالية "موضوع صعب وحساس" و"استعجلنا في تقديم هذا المشروع في الوقت الحاضر والمفروض أنْ نبدأ بالمادة (142) لتشكيل لجنة لتغيير مواد الدستور المختلف عليها وبعد ذلك نناقش الفيدرالية"، والتي وصفها العليان بأنَّها "أصبحت شبه مقرره في الدستور ومثبَّتَة".
من جهته صرَّح الدكتور سلمان الجميلي عضو جبهة التوافق قائلاً: "نحن في الجبهة التوافق موقفنا من مسألة الفيدرالية هو موقف مبدئي، نعتقد بأنَّ أي قرارٍ من قانونِ الفيدرالية هو مقدمة لتقسيم العراق"، إلا أنَّه أضاف أنَّه بالإمكان دراسة هذا الأمر "في وقتٍ أفضل".
وقال في تصريحاتٍ نشرها موقع الجبهة أيضًا: "نعتقد أنَّ هذا الأمر لا يمكن أنْ يكون ناجحًا في هذه المرحلة"، وأضاف أيضًا: "أنا أستغرب دائمًا لأن الأقليات هي التي تُطالب دائمًا بالفيدراليات لضمان حقوقهم، وأنَّ الأحزاب التي تُطالب بالفيدرالية هي من الأحزاب التي تمثل الأكثرية بالحكومة، ويُفترض أنْ نتخوَّف نحن وأنْ نُطالب نحن بالفيدرالية لا الأغلبية"، وشدد على أنَّ الفيدرالية في هذا الظرف "تقود إلى تجزئة العراق".