يعد المثقفون ضمير الأمة الحى ودرعها الواقى وميزانها الذى تقاس به فإن مالت كفة الميزان تجاه الحاكم منيت الأوطان بهزيمة منكرة وقد أسفرت الحالة المصرية الأخيرة عن خلل واضح جدا فى هذا الميزان فقد رأينا من المثقفين من يبرر للطاغية القتل وسفك الدماء بل وصل بعضهم للابتهاج بالقتل والفرح به وبعضهم وصلت به الحالة للتوحد مع الطاغية وأصبح ملكيا أكثر من الملك يدعو القائد الأرعن للمزيد من الدماء وكشف الانقلاب العسكرى أيضا عن فئة من الكتبة "الفريسيين الجدد"الذين أثبتت الأحداث أنهم دائما "مثقفون تحت الطلب " فبينما كان لدينا " شهيدا فى سماء الله يرقى ".................................كان حال المثقف فى بلادنا : "وللأشباه ينحدر السقوط " لكن ماذا عن الشعراء نبض الأمة ورئتها النقية ؟؟ الحقيقة أن الشعراء المصريين لم يصمتوا ولم يهابوا الموقف أو القتل والاعتقال وما تنشره "الشعب "على صفحاتها كل عدد من الإبداع المصرى الحقيقى يثبت لنا أن الضمير المصرى ما زال حيا.. نعم كانت هناك قلة من الشعراء طبّلت للطاغية وزينت له سوء عمله لكن هؤلاء من أصحاب المصالح المرتبطة بالطاغية يقاتلون من أجل ما يلقى به إليهم من فتات أو انتصارا لأيديولوجية ما تعادى الإنسان وتسلبه حق الحياة إذا تعارض معها..كما رأينا من أحمد عبد المعطى حجازى وعبد الرحمن الأبنودى وهما من بقايا الشيوعيةبمصر.ألا قاتل الله الأيديولوجيا ! الحقيقة أن الشعراء العرب لم يتخلوا عن الشعب المصرى بل وقفوا بأعلى طاقتهم الإبداعية وأعلنوا وقوفهم مع الشعب المصرى ضد من يريقون دماءه وضد السلطة الانقلابية الغاشمة.. "الشعب" تحاول فى هذا التحقيق تسليط الضوء على مواقف أبرز الشعراء العرب وتعتذر عن نشر جميع تصريحاتهم فقد وافانا أثناء إعداد هذا التقرير سيل من التصريحات للشعراء العرب شعرا زنثرا يعلنون رفضهم القاطع للممارسات الإجرامية التى تمارس بحق الشعب المصرى. اللافت للنظر أن من أكثر الرافضين للانقلاب الدموى شعراء أعلنت الحكومات الرجعية فى بلادها التأييد والدعم له مما يدلّ على أن هؤلاء الحكام الجاثمين على قلوب شعوبهم إنما يحكمون بغير إرادة الشعوب ولو خيّرت الشعوب لألقت بهؤلاء فى مزابل التاريخ واستبدلتهم بمن لا يعملون لصالح الاستعمار الجديد "الحلف الأمريكى الصهيوني" البداية كانت مع بيان الكتاب والمثقفين العرب الذى صدر فى بداية حدوث الانقلاب بتاريخ 2 رمضان وقد وقع عليه أكثر من مائة شاعر ومثقف عربى من القامات العظيمة فى الفضاء الثقافى العربى ومما جاء فيه "إنّ الشعوب المتقدمة والراقية تنظر إلى مثل هذه الانقلابات على أنها دليل على التخلف السياسى والثقافى وعلى نقص الوعى، لذلك فإنّ المثقفين والأدباء العرب، يدعون الشعب المصرى، إلى أن يكون فى مستواه الحقيقى عربيا، وأن تكون بداية الشهر الكريم مناسبة للتصالح والتراجع عن فكرة لا تليق بالشعوب المتحضرة والراقية وهى فكرة الانقلابات ، والتى تعدّ امتحانا لمصداقية المثقف كما تعد امتحانا لوعى المواطن العربى، كما يدعونه إلى نبذ العنف وترسيخ فكرة حرمة دم المواطن مهما كان موقع هذا المواطن السعودية....سلطان السبهان : إذا كان النظام السعودى قد اتخذ موقفا عدوانيا من الثورة المصرية منذ قيامها حتى حدوث الانقلاب العسكرى الذى دعمه بكل قوة بتنسيق أمريكى مفضوح جدا إلا أن الشعراء والمثقفين والدعاة السعوديين قد اختاروا الانحياز للشعب المصرى ووقفوا بجانبه ضد الانقلاب حيث كتب الشاعر سلطان السبهان : يقولون لا تكتبْ لأنك نخلةٌ على برْكة النفط المرفّهِ قابعةْ فقلت ولكنى سليلُ مروءةٍ و مَن قُتلوا هم بعضُ أهلى برابعة وأدان وحشية الانقلاب وكل من تلطخت يداه بدماء المصريين فقال : فيا مصرُ آثار الدماء وخيمةٌ على كل من فضّت يداه منابعَهْ كما أدان الإعلام المصرى الذى تعامى عن مجزرة رابعة : حنانيك بعض القتل يكفى فربما سيخجل وجه الموت من كثرة الموتى سيبق دم فى الأرض يا صاح شاهد إذا أنكر الإعلام من خبثه الصوتا أمير الشعراء يكتب دعما للشعب المصرى : الشاعر عبد العزيز الزراعى الحاصل على لقب أمير الشعراء اختار الوقوف بجانب الشعب المصرى وكتب مساندا له ومدينا الانقلاب العسكرى وهذا موقف يحسب لهذا الشاعر الكبير الذى لم تمنعه أى حسابات من الوقوف مع الشعب المصرى وقد أرسل إلينا قصيدة كاملة معبرة عن رأيه ودعمه للشعب المصرى. يقول الزراعى وقد عرّض بما اقترفه قائد الانقلاب الأحمق كما عرض بدعم الأنظمة الرجعية النفطية فى الخليج للانقلاب فى مصر : أرى بمصر بلادا أينعت ودنتْ لكن فرعونها قد أحرق الثمرا وأبدلته يدُ الصحراءِ مائدةً نفطية القمح، كى يغنى ويتجرا ويتساءل فى بصيرة كيف عمى الانقلابيون حتى يتحالفوا مع الأنظمة الحاكمةبالخليج ضد الشعب المصرى : يا مصرُ يا أمَّ هذى الأرض كيف غدا رملُ الجزيرة يسقى النيل والشجرا وكيف أعماكِ هذا النفطُ حكمتنا؟ كيف استعرتِ من الأعراب لى نظرا؟ وهو يوضح ماهية المتامرين ومصالحهم المتشابكة : عساكرٌ أورثوا هذى البلاد دماً ملوثا وضميراً خائناً قذِرا ومترفون اشتروا أحلامنا، ومضوا يصورون لنا أوطاننا حفرا وهكذا تمضى القصيدة وكل حرف منها ينبض إنسانية وجمالا