فجَّر د. علي جمعة مفتي الديار المصرية قنبلةً في وجه النظام المصري تُمثل امتدادًا لرفضِ الممارسات الاستبدادية للنظام بتأكيده أنَّ الاعتقالاتِ التي يقوم بها النظام تمثل انتهاكًا لحقوقِ الإنسان وخروجًا على الشرعيةِ، نافيًا ما تردد بأنه أفتى بجوازِ هذه الاعتقالات. جاء ذلك أثناء رده على أسئلة الحاضرين في المؤتمر الدولي الذي عقدته كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بأحد فنادق القاهرة يوم أمس الثلاثاء 12 من سبتمبر تحت عنوان (الأبعاد السياسية لتشريعات مواجهة الإرهاب- نحو منظور مقارن).
وكان د. علي جمعة مفتي مصر يرأس الجلسة الأولى من المؤتمر تحت عنوان (إشكالية الحرية والأمن في الفكر السياسي)، والتي تناقش الحرية والأمن في الفكر السياسي الإسلامي والغربي وكيفية الموازنة بين حرية الفرد والمجتمع من ناحيةٍ وتحقيق الأمن والاستقرار من ناحيةٍ أخرى، وفي نهاية الجلسة وجه الحضور عددًا من الأسئلة إلى الدكتور جمعة حول موقفه من الاعتقالات التي يقوم بها النظام المصري ضد معارضيه خاصةً في الآونة الأخيرة وحقيقة ما أُثير بأنه أفتى بجوازِ هذه الاعتقالات وهو ما نفاه تمامًا قائلاً: "أي نوع من أنواع انتهاك حقوق الإنسان والخروج على الشرعية فهو إجرام وممنوع، ونحن ندعو الجميع إلى الوقوف ضد هذه التصرفات"، موضحًا أنه يقف مع القيم والأخلاق والحرية، كما يدعو لإطلاق حريةِ الرأي والتعبير.
وأكد أنه من حقوقِ الإنسان أن يعيش حرًّا وأنه قد تقتضي بعض إجراءاتِ الأمن التدخل في هذه الحرية إلا أنه يجب وضع ضوابط لها لأن الفكر السياسي يُعاني من هذه المشكلة في حل المعادلة الصعبة بين الأمن والحرية.
وشدد على ضرورةِ إحاطة الأمن بمجموعة ضوابط أخلاقية سياسية واقعية بحيث لا يقضي على الحرية ويحول الأمر إلى نوعٍ من العذابِ لحياة الإنسان.
وردًّا على سؤالٍ آخر وجهه أحد الحاضرين قال فيه: "كيف لي أن أشعر بالأمن وأنا أودع في السجن لمجرد أن أقول رأيي أو أعبر عنه؟!" حينها أكد د. جمعة أنه إذا كان الوضع هكذا إذًا فلا يوجد حرية ولا أمن، مطالبًا أن يعلو صوت الجميع معه للمطالبةِ بحرية حقيقية في المجتمع.
ولم يخل المؤتمر من المفاجآت التي فجرَّها المشاركون والذي كان أبرزهم د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري والذي ألقى كلمةً في الجلسةِ الافتتاحية راح يشرح فيها الفرق بين المقاومة والإرهاب، مؤكدًا عدم شرعية ما تقوم به الولاياتالمتحدةالأمريكية من اعتداءاتٍ على دولِ المنطقة بدعوى الدفاع عن النفس منذ أن وقع عليها حادث 11 سبتمبر، مشيرًا إلى أنه تمَّ خلط الأوراق بحيث تم اعتبار المقاومة الفلسطينية الباسلة إرهابًا.
لكن مفاجآت الدكتور سرور صدمت الحاضرين عندما قال: إن المقاومةَ الشيشانيةَ تُعتبر (إرهابًا) وساوى بينها وبين (إرهاب الدولة الصهيوني المنظم)!!
وفي كلمته طالب د. سيف عبد الفتاح- الأستاذ بكليةِ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة- بفتح ملف الحريةِ والأمن للعديدِ من الأسباب منها أسباب خارجية كأحداث سبتمبر ومشروع الشرق الأوسط الكبير، وهو ما أدى إلى استخدامِ الغرب الحرية والأمن ضمن منظومته وحضارته فقط وليس لأيٍّ من الحضاراتِ الأخرى خاصةً الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن من الأسباب الداخلية لفتح الملف في مصر ادعاءاتِ السلطةِ باسم أمن الدولة، مشيرًا إلى أنه لا سلطةَ بدون شرعية، وأن الشرعيةَ هي أساس الأمن.
أما الجلسةَ الثانيةَ التي ترأسها د. إبراهيم العناني أستاذ القانون بحقوقِ عين شمس والتي جاءت بعنوان إشكالية مفهوم الإرهاب فقد أكد في رده على أسئلة الحضور أحقية لبنان في المطالبة بالتعويض من الصهاينة بسبب ما أحدثته من تدمير خلال الحربِ الأخيرة التي انتصر فيها حزب الله على الكيان الصهيوني، مشيرًا إلى أحقية لبنان في ذلك حتى لو لم يصدر مجلس الأمن قرارًا بذلك أو أصدر قرارًا بعكس ذلك قائلاً: "كلام مجلس الأمن ليس بحجةٍ قانونية تدحض حقَّ أي دولةٍ، وأنَّ من حقِّ لبنان مطالبةً الصهاينة بالتعويض لأنها تضررت".