وجه تقرير صادر عن منظمة أوروبية تُعنى بحقوق الإنسان تحذيراً من انهيار حادّ يتهدد مفاصل حياة المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك "إثر وصول الحصار المفروض عليه إلى مستويات غير مسبوقة"، لا سيما عقب قيام السلطات المصرية بهدم الأنفاق التي يستخدمها الفلسطينيون كوسيلة لإدخال حاجاتهم الإنسانية. وذكر التقرير، الصادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره الرئيس جنيف، وحمل عنوان "الموت البطيء"، ما وصفه ب "الظلال القاتمة لعقاب جماعيّ إسرائيلي عمره سبع سنوات أطبق قبضته على نحو 1.6 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة جلّهم من اللاجئين، والآثار المدمّرة على حياة سكانه بفعل الانقطاع الأخير في إمدادات الغذاء والوقود عبر الأنفاق الواصلة بين القطاع والأراضي المصرية". ونوّه التقرير المفصّل الذي نشر اليوم الخميس، وشارك في إعداده كل من مركز العودة في لندن والمجلس الاستشاري للمؤسسات الماليزية "مابيم"، إلى أنّ 57 في المائة من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي وفق أرقام الأممالمتحدة المعلنة قبل يوليو 2013، لكنّ الحملة المصرية الأشدّ التي انطلقت ضد الأنفاق أوائل تموز (يوليو) الماضي، ستجعل النسبة مرشّحة لارتفاع مخيف يصل إلى 65 في المائة إن استمرّت الإجراءات المصرية على ما هي عليه، مضيفاً أنّ نسبة البطالة التي وصلت مع نهاية شهرة آب (أغسطس) إلى 35.5 في الما ستحلّق إلى 43 في المائة مع نهاية العام مسجّلة رقماً قياسياً عالمياً في بقعة تفتقر للموارد الذاتية. وأضاف أنّ قطاع البناء والإنشاءات في غزة سيواصل انهياره الحاد الذي بدأ منذ يوليو الماضي بسبب انعدام موادّ البناء التي توقف دخولها عبر الأنفاق، بينما تفرض عليها السلطات الإسرائيلية قيوداً تعجيزية عبر معبر كرم أبوسالم. التقديرات تشير إلى أن هذا القطاع يعمل في سبتمبر الجاري بأقل من 15 في المائة من طاقته التشغيلية، ما يعني أنّ 30 ألف فرصة عمل تمّ فقدانها خلال شهرين، بينما 12 ألف مواطن ما زالوا مشرّدين لعجزهم عن إعادة إعمار منازلهم التي دمّرتها الحربيْن الأخيرتيْن على غزة. وكشف التقرير أنّ الخسائر التي تكبّدها الغزّيون في جميع القطاعات الاقتصادية منذ الإجراءات المصرية الأخيرة على الحدود تقدّر ب 460 مليون دولار، بينما يتوقع أن يؤدي الإغلاق المستمر للأنفاق إلى انكفاءة حادّة في معدل نمو الناتج المحلّي للقطاع إلى ما دون ثلاثة في المائة مع نهاية عام 2013، مقارنة مع معدّل تراوح حول 15 في المائة حتى يونيو الماضي. وحيث أنّ 45 في المائة من عبء المواد الخام اللازمة لتشغيل الشركات في قطاع غزة يتم توريدها عبر الأنفاق، يوضح التقرير أن الإجراءات المصرية ستؤدي إلى تعطيل ما يقدّر ب 60 في المائة من القدرة التشغيلية لهذه الشركات، ما يعني بدوره انكماش عدد موظفي القطاع الصناعي من 27 ألف موظف قبل يونيو 2013 إلى 7500 موظف فقط، إلى جانب ما سيخلقه الحال من ارتفاع حادّ على أسعار السلع في قطاع يعيش أكثر من 70 في المائة من سكانه تحت خط الفقر. ورأى التقرير أن مشاهد الحياة اليومية اللصيقة بالمواطن الغزّي ليست بأفضل حالاً، مشيرًا إلى أنّ العجز المتراكم في محطة توليد الكهرباء يقود إلى انقطاعات طويلة في الخدمة قد تصلّ إلى 12 ساعة يومياً. بينما اعتماد ضخ المياه على الكهرباء يجعل من ربع منازل القطاع تتلقّى المياه لمدة أربع ساعات فقط في اليوم، في بيئة تعاني أصلاً من تلوث 90 في المائة من مياهها الجوفية، تضاف إليها بدائية مشاريع معالجة المياه العادمة التي يتمّ ضخ 90 مليون لتر منها يومياً قبالة الساحل.