يدشن اللقاء المرتقب غداً بين السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، والرئيسة سامية صولوحو حسن رئيسة جمهورية تنزانياالمتحدة قصر العلم العامر بمسقط ، صفحة جديدة في تعزيز العلاقات العُمانية التنزانية خاصة في الجوانب الاقتصادية. وبنت سلطنةُ عُمان وجمهوريةُ تنزانياالمتحدة علاقاتهما المتميزة على مرّ الأحداث المختلفة التي شهدها المحيط الهندي منذ آلاف السنين على التاريخ الثقافي والتبادل التجاري المشترك. وتوضّح إحصاءات التبادل التجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية تنزانياالمتحدة أن الميزان التجاري في عام 2021 م كان لصالح سلطنة عُمان حيث بلغ 30 مليونًا و600 ألف ريال عماني ويشير المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم الصادرات العُمانية إلى تنزانيا قد بلغ في عام 2021م حوالي 40.1 مليون ريال عُماني، وتمثلت أهم السلع المصدرة إلى تنزانيا في الصناعات البلاستيكية والمشتقات النفطية والمواد الكهربائية والمنزلية وبعض المواد الغذائية. فيما بلغ حجم الواردات العُمانية من تنزانيا حوالي 9 ملايين و500 ألف ريال عماني وتمثلت في عدد من السلع من بينها المواد الغذائية واللحوم. وأسهم إنشاء مجلس رجال الأعمال العُماني التنزاني عام 2012م في تقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين، تبعها توقيع اتفاقية في مارس 2013م للحماية المتبادلة للاستثمارات والتشجيع عليها تدعمها اتفاقية موقعة في فبراير 1992م لتجنب الازدواج الضريبي على الدخل الناشئ عن نشاط النقل الجوي. ويقوم جهاز الاستثمار العُماني بدور ملموس للاستثمار في شرق إفريقيا بشكل عام بعد افتتاح مكتب له في فبراير 2015م بتنزانيا محقّقًا مزيدا من آفاق الاستثمار في جمهورية تنزانياالمتحدة منها الاستثمار في ميناء مانجوبواني بزنجبار الذي تم الانتهاء من مراحله الإجرائية للانتقال إلى التنفيذ بالإضافة إلى إعادة تأهيل وتطوير ميناء ماليندي والمناطق المجاورة له حيث تم توقيع مذكرة التفاهم وبدأ فريق العمل المشترك في إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية ورسم خطته لتقديم خدمات عدّة منها محطة للرحلات البحرية والعبّارات ومرافق للترفيه. كما وقّع البلدان الصديقان مذكرة تفاهم في مايو الماضي في مجال الاستكشاف والصيد البحري بالإضافة إلى الاستثمار في مزرعة الأسماك بزنجبار التي تبلغ سعتها الإنتاجية للمرحلة الأولى 1000 طن سنويًّا وفي المرحلة الثانية بمعدل 3000 طن سنويًّا والمرحلة الثالثة 6000 طن سنويًّا لمدة 20 عامًا. وفي يونيو الحالي تم التوقيع على مذكرة تفاهم ممثلة في مجموعة أسياد وبريد تنزانيا في مجال خدمات التجارة الإلكترونية والحلول اللوجستية، ومن المؤمل أن تسهم في رفع حجم أنشطة التجارة الإلكترونية بين البلدين والتسوّق عبر الإنترنت من الأسواق الإفريقية واستلام المشتريات مباشرةً في سلطنة عُمان. وتُجري مجموعة عمران المملوكة لجهاز الاستثمار العُماني مباحثات للاستفادة من خبرتها السياحية في تطوير وإدارة معالم تاريخية في تنزانيا. كما أن الزيارة التي قام بها وفد من رجال الأعمال التنزانيين إلى سلطنة عُمان في فبراير الماضي أسهمت في تعريفهم بالفرص الاستثمارية المتاحة في مجالات الصناعة والزراعة والثروة السمكية والتعدين والخدمات اللوجستية والسياحة والصحة والتعليم والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات وما تتمتع به سلطنة عُمان من بنية أساسية وموانئ ومناطق حرة ولوجستية وتشريعات لدعم مجالي الاستثمار والتجارة من بينها إعفاء ضريبي يصل إلى 5 سنوات قابلة للتمديد إلى 10 سنوات وإعفاءات ضريبية على المعدات لتأسيس المشروعات الصناعية وتوسيعها وعلى مدخلات الإنتاج. وارتبط البلدان الصديقان بعلاقات جيدة على المستوى السياسي حيث يعقدان بشكل سنويٍّ جلسات مباحثات كان آخرها في مارس الماضي بتنزانيا تم خلالها التأكيد على دعمهما للحوار والسبل السلمية في حلّ القضايا والصراعات في سبيل تثبيت واستدامة السلم والأمن الدوليين بالإضافة إلى تبادلهما وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. كما أن مشاركة سلطنة عُمان جمهورية تنزانياالمتحدة احتفالاتها العام الماضي بالذكرى الستين لاستقلالها تؤكد على عمق العلاقات التاريخية بينهما وتدلُّ على الرغبة الأكيدة في تطوير التعاون الثنائي بينهما. ونظرًا للروابط التاريخية والثقافية بين البلدين الصديقين وقّع الطرفان على مذكرة تفاهم عام 2012م في مجال الوثائق والمحفوظات تم بموجبها تبادل النسخ من الوثائق والمحفوظات وقائمة الموجودات الأرشيفية. ثم إن مبادرة سلطنة عُمان لترميم مبنى «بيت العجائب» يؤكد على متانة العلاقات التاريخية الثابتة بين البلدين الصديقين، وقد عملت سلطنة عُمان بكل جهد لتوثيق مختلف الأحداث التاريخية في برامج مرئية وسمعية ووثائقية بالإضافة إلى دراسات علمية وكتابات أدبية مثالها هذا التوثيق «زهرة القرنفل» وهو مسلسل تاريخي يتناول الحقبة الزمنية العامرة في زنجبار إبان الإمبراطورية العُمانية في عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي، و«حكاية بيوت زنجبار» وهو فيلم يحاكي أنماط الحياة الإنسانية العُمانية في زنجبار ويحاول إبراز نمو العمارة فيها، و«من السواحل» الذي يتحدث عن الوجود العُماني في إفريقيا وخصوصًا زنجبار، والبرنامج الوثائقي «أثر الوجود العُماني في شرق إفريقيا» يتناول التاريخ والحضارة العُمانية في شرق إفريقيا ويرصد أثرها في كل من جمهوريتي تنزانيا وكينيا وبوروندي وجزر القمر وأوغندا. ومما لا شك فيه أن القيادتين الحكيمتين في البلدين الصديقين تتطلعان من خلال هذه الزيارة إلى تعزيز مجالات التعاون المشترك نحو آفاق أرحب..