ما أصعب الكلمات عندما تعجز أمام المشهد الروحى داخل الروضة الشريفة بمسجد الرسول فى المدينةالمنورة، فكان اللقاء مع الحبيب المصطفى وتتداخل المشاعر والأحاسيس أمام هذا الحدث الجلل والزلزال الروحى الذى انتابنى عندما وجدت نفسى أمام قبر الرسول؛ فتمالكت روحى وشعرت بشىء ينتابنى ووجدت عقلى وروحى يحدثاننى: ماذا أقول وأنا أرى قبر الحبيب المصطفى وبجواره قبر الصديق أبى بكر والفاروق عمر فكان باب جبريل رقم «4» هو مدخلنا أنا وأسرتى والوالدة لروضة الحبيب المصطفى وصلينا فى الروضة، ثم شرح لنا الشيخ فايز: هنا يوجد بيت سيدنا على الذى كانت تسكن فيه فاطمة بنت رسول الله وأحب الناس إلى قلبه وعقله، ووجدنا داخل الروضة الشريفة ثلاث دوائر تشير ك«سهم» لموقع قبر الرسول وأبى بكر وعمر. فكان المشهد الروحى فوق الطاقة الإنسانية والفولت الربانى يدغدغ مشاعرنا ما بين البكاء والدعاء والرجاء أن يوفقنى الله فى بداية حياتى البرلمانية كخادمٍ لأبناء سرس الليان ومنوف والشعب المصرى وصوتٍ للفقراء فى كل مكان، فما بين عالم النفاق والرياء والألعب القذرة واستخدام الأموال لشراء الأشخاص والذمم والضمائر إلى عالم آخر كانت الكلمة هى الموقف، والفقر والزهد هما القاعدة، والأخلاق والضمير هما الأساس، فلو أراد الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يمتلك النقود والجاه وخزائن الأرض لامتلكها ولكنه كان فقيرا أراد الله والدار الآخرة، ولهذا قال عنه الله ممتدحا إياه «وإنك لعلى خلق عظيم»، وكانت أول رسالة من السماء «اقرأ».. كل هذه المعانى والمشاهد والمواقف دارت بداخلى فى روضة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذى قال: «ما بين منبرى وقبرى روضة من رياض الجنة» فعلى مدار 20 دقيقة، مدة الزيارة، مثلت أهم حدث فى حياتى «لقاء مع الرسول» لا يعادله أى حدث فى عمرى «حتى نجاحى فى البرلمان» يقف شاهدا على هذا الحدث الروحى الاستثنائى الذى لا يمكن وصفه كتابة لكنه يُحَسّ فقط.. وتداخلت الرؤية وتذكرت قول الشاعر عندما قال: وعند رسول الله قد نزل الركب قولوا له يا أحمد ومحمد ..محب من الزوار عوقه الذنب. فلذلك كانت هذه الزيارة لروضة الحبيب نقطة فارقة فى مشوار حياتى الملىء بحديث الذكريات والمواقف والمقاومة والنضال ضد أشباه الرجال الذين أرادوا أن يحتكروا الوطن والمواطن وينهبوا العرض والأرض وكل شىء.. ولأنهم لا يؤمنون بالروحانيات وأولياء الله الصالحين الذين ورد عنهم فى الأثر: «ليس بهم تقتدى وليس عليهم تعتدى». وأمام كل هذه الطاقات الروحية والنفسية والإنسانية أردت أن أبتعد كثيرا عن جدول أعمال البرلمان والتناحر والتنافس على المقاعد والمناصب واللجان، وبعض النواب الذين نسوا أو تناسوا أن النائب الحقيقى المهموم بقضايا وطنه ومواطنيه هو الذى يصنع اللجنة البرلمانية وليس العكس، فهناك كثيرون رأسوا لجانا لا وجود لهم فى ذاكرة الناس أو ذاكرة البرلمان؛ فلذلك لعبة المصالح والصفقات البرلمانية وعودة البعض للمشهد البرلمانى تثير علامات استفهام لدى الرأى العام والنواب الجدد أيضا الذين جاءوا بأصوات الناس وليسوا من خلال قوائم جماعية.. هذا ما يقوله ويردده الناس ونحن نواب الشعب، وأعلن من هذه البقعة المباركة ولائى للوطن وثوابته والدولة المصرية بكل ما تعنى، وكذلك ولائى لأبناء سرس الليان ومنوف الذين جاءوا بى لهذا المقعد لنعيد صوت دائرة منوف تحت قبة البرلمان بعد أن اختفى أكثر من ثلاثين عاما ما بين البرادعى الكبير! والمحتكر السياسى والاقتصادى! فدفع أبناء الدائرة فاتورة كبيرة وعقابا فى الحد الأدنى من الخدمات التى كفلها الدستور والقانون. وأنا فى طريقى لأداء العمرة فى مكةالمكرمة مازال يسيطر على وجدانى ومشاعرى وعقلى لقائى مع الرسول الذى لا يعادله أى لقاء مع أى رئيس فى العالم، لأن مولد النبى «عليه الصلاة والسلام» فيه خير للمسلمين والبشرية ونكسة للمشركين والمنافقين الجدد.. وعجبى.