«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيلو اللحمة وصل 100 جنيه... ولا عزاء للفقراء والمساكين
نشر في النهار يوم 01 - 09 - 2015

اعتاد تجار اللحوم والماشية زيادة الاسعار فى موسمين, اولهما فى شهر رمضان الكريم, نظرا لاقبال المواطنين على شراء كميات كبيرة من اللحوم لزوم العزومات وثانيهما قبل عيد الاضحى المبارك ومع اقبال المصريين على شراء الاضاحى, حيث يطلق عليه “عيد اللحمة”.
المشكلة الكبرى تكمن فى ان الزيادات فى اسعار اللحوم اصبحت غير منطقية, خاصة ان دخول المصريين ثابتة لا تزيد، وإن زادت كانت الزيادات مجرد جنيهات قليلة لا تقابل زيادة اسعار اللحوم.
كما ان جشع التجار اصبح عنصرا اساسيا فى مقدار الزيادة فى السعر، خاصة فى ظل غياب الرقابة, ليس هذا فقط بل ان مساعى الحكومة فى توفير لحوم مدعمة او استيراد كميات من اللحوم المجمدة لرفع المعاناة عن كاهل الفقراء من المصريين يقابل بمزيد من الاستغلال من قبل بعض التجار الذين يقومون بشراء هذه اللحوم وبيعها على انها لحوم بلدية وبالتالى لا يصل العون والمساعدة التى تبذلها الحكومة الى مستحقيها وتذهب كل الجهود فى الهواء.
ليس هذا فقط بل ان ثقافة المصريين فى شراء كميات كبيرة من اللحوم فى موسم عيد الاضحى قد تكون سببا اساسيا فى اشتعال الازمة.
“النهار” تفتح الملف وتناقش الاسباب والدوافع والوسائل التى تقف وراء الازمة ومناقشة بعض القائمين على عملية بيع اللحوم لمعرفة الحقيقة كاملة والى من تشير اصابع الاتهام فى هذا الاستغلال الموجه ضد المواطنين البسطاء.
.. وضاع حلم الفقراء فى «أكل اللحمة»
“أكل اللحمة” حلم بات مستعصيا على الفقير بعد أن وصل سعرها الى 100 جنيه للكيلو الواحد؛ مما جعلها فى غير متناول محدودى الدخل، فى ظل تأكيد المسئولين على توفرها فى الأسواق واعترافهم بعدم قدرتهم على ضبط سعرها فى الوقت الذى يؤكد فيه التجار نقص المعروص فى السوق فى الفترة الحالية.
سمير مرقص، أستاذ الضرائب بالجامعة الأمريكية والخبير الاقتصادى، أرجع ارتفاع الأسعار إلى جشع وطمع التجار ورغبتهم فى تحقيق مكاسب أكبر، خاصةً فى المناسبات والأعياد حيث تبدأ الأسعار مع حلول شهر رمضان فى الارتفاع تدريجيا إلى أن تصل لأعلى سعر لها فى عيد الأضحى بنسبة كبيرة جدا، كذلك احتكار صناعة الأعلاف من قبل مجموعة معينة من المستثمرين الذين باتوا يتحكمون فى أسعارها فقاموا برفع السعر تدريجيا بشكل أصبح بعده المربى الصغير غير قادر على تغذية مواشيه فى ظل ارتفاع أسعارها.
أوضح أنه من الأسباب المؤدية الى ارتفاع السعر ظهور شائعة بأن اللحوم ستدخل ضمن سلع البطاقة التموينية فيقوم التجار برفع أسعارها أملا فى الحصول على ارباح اكثر، وعدم وجود رقابة مباشرة وغير مباشرة فى كافة الاسواق ومنافذ البيع، مما تسبب فى ظهور المافيا فى تجارة واستيراد اللحوم والتى تظهر بنسبة اكبر فى الريف، فاتفاق التجار جميعا على زيادة الأسعار يلغى وجود المنافسة بينهم، فكل ذلك عمل على زيادة السعر فى الفترة الماضية وإلى الآن.
أضاف أيضا أن اللحوم البرازيلية والصومالية التى استوردتها الدولة لمواجهة مشكلة غلاء الاسعار أثبتت عدم قدرتها على منافسة نظيرتها المصرية من حيث الطعم، مما تسبب فى تزايد الاقبال على اللحوم المحلية على حساب اللحوم المستوردة.
كما نادى بمقاطعة اللحوم كحل حاسم لتلك الزيادة لتكون طريقة لإجبار مافيا اللحوم والتجار على تقليل الاسعار فى الاسواق، مثلما حدث فى الستينيات عندما ارتفعت اسعار اللحوم من 36 قرشا الى 50 قرشا وحدث إضراب، ولجأ المصريون إلى بدائل اللحوم فانخفضت الأسعار إلى 32 قرشا للكيلو أى أنها انخفضت عن السعر الأول، الذى كانت عليه، واضاف انه لابد من طرح بدائل للحوم مثل الأسماك والدواجن خاصة أن القوات المسلحة تعرض تلك البدائل بأسعار رمزية بل تعرض أيضا اللحوم المجمدة بأسعار أقل كثيرا من اللحوم الطازجة، ومن ثم فلن يحتاج الناس للحوم لفترة لا بأس بها، مما يؤدى الى انخفاض الاسعار بشكل تلقائى، كما اشار الى ضرورة وضع عقوبات رادعة على التجار الذين يلجأون الى رفع الاسعار بدون ابداء أسباب مقنعة.
من جانبه، قال د. إيهاب الدسوقى، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية: إن السبب الرئيسى والأهم لارتفاع اسعار اللحوم قلة المعروض منها الى جانب هامش الربح الكبير الذى يحققه التجار والجزارون، ورأى أنه من آليات مواجهة ارتفاع اسعارها هو العمل على زيادة الكمية المعروضة من اللحوم من خلال تشجيع المربين على زيادة عدد الماشية وتوفير أعلاف لها باسعار منخفضة من بنك الائتمان الزراعى، حيث ان هناك علاقة طردية بين اسعار العلف واسعار اللحوم فارتفاع اسعار العلف وعدم توافرها يؤديان الى ارتفاع تكلفة اللحوم والعكس.
كما اشار الى ضرورة ان تطرح الحكومة لحوما بلدية وليس نوعيات مستوردة فى المجمعات الاستهلاكية بسعر منخفض وبجودة مختلفة فيحدث منافسة ويضطر الجزارون إلى تقليل الأسعار، ورأى ايضا انه من الحلول الواجبة لحل المشكلة اتخاذ إجراءات عاجلة وأخرى آجلة لزيادة المعروض من اللحوم٬ وتعتمد الخطة العاجلة علي تكثيف الاستيراد من الخارج عبر عدة مناشئ متنوعة سواء إفريقية أو أوروبية مثل البرازيل واستراليا قبل عيد الأضحى٬ فإذا لم تتدخل الحكومة في تكثيف المعروض فسيرتفع كيلو اللحم إلى اكثر من مائة جنيه فى عيد الأضحى٬ أما عن الحلول الآجلة فتقوم على شراء الحكومة إناثا من الخارج تنتمى لسلالات جيدة أوروبية ثم تمنحها للفلاحين لتربيتها ثم تأخذ الذكور منها لعمل ثروة حيوانية بلدية فيما بعد.
ويرى ان حل المقاطعة يعتبر من الحلول الجزئية التى من الممكن ان تطبق فى بعض المناطق فمن الممكن ان تنجح فى بعض المناطق والاخرى تفشل وهذا الحل سيعمل على خفض الاسعار بنسبة ضئيلة جدا بسبب التباين فى الاسعار فى المناطق المختلفة مما يؤدى الى رتفاع الاسعار بسبب ارتفاع مستوى معيشة ساكنيها وليس بسبب ارتفاع التكلفة.
ويلفت د. حامد ابوحمزة، الخبير الاقتصادى والمستشار سابقا بالامم المتحدة، إلى أن سبب ارتفاع أسعار اللحوم هو طمع وجشع التجار، وأشار الى ان المشكلة تتطور ويتمادى التجار فى الغلاء بسبب فساد بعض المراقبين والمشرفين على أسعار اللحوم، وأكد ضرورة توسع الجمعيات التعاونية فى امتلاك المواشى وضرورة قيام الدولة بدور تنافسى ولن يتم ذلك بالتسعيرة الجبرية لكن بزيادة المعروض بالمجمعات الاستهلاكية بأسعار مخفضة كذلك قوة دور الجمعيات التعاونية وعودة الجمعيات الفئوية للموظفين ليقل الضغط على القطاع الخاص لينخفض السعر ولكى تعمل على زيادة العرض، ويعتبر شهر رمضان وعيد الاضحى موسما للمربى والجزار فيزيد الطلب ويقل العرض وبالتالى يزداد السعر.
وأشار ايضا الى ان هناك تكاليف إضافية يتم تحميلها على سعر كيلو اللحم٬ فهناك ارتفاع أسعار الكهرباء والمحلات تدفع ضعف المنازل فحسابها تجارى وبالطبع هناك مبردات لحفظ اللحوم وماكينة الفرم وهذه العناصر تعد خدمة معاونة للنشاط٬ وتصب فى مصلحة المستهلك ولا تحقق عائدا للجزار٬ كذلك باقى المستلزمات من أطباق فوم وأكياس وعمالة ارتفعت وكذلك الزيادة السنوية لإيجارات المحلات٬ وأيضاً ارتفاع تكلفة النقل من مكان التربية لتصل إلى محل الجزارة بعد ذبحها بالمدبح وبالتالى كل ذلك يؤدى الى ارتفاع الاسعار.
كما شجع د. حامد على ضرورة مناداة المستهلك بتقليل الطلب على اللحوم لكى تنخفض الاسعار وليست المقاطعة تماما وكذلك اللجوء الى بدائل اللحوم وضرورة وجود دور الاعلام فى حل هذه المشكلة لتقليل الاستهلاك كما يحدث فى الكهرباء لكى لا تنقطع وليس فقط اللحوم فيجب ان يحد ذلك مع كل سلعة ترتفع اسعارها، وضرورة حساب تكاليف التربية وسعر البيع والشراء والمكسب الذى يحققه التاجر.
واقترح أن تقوم الحكومة بتشجيع التربية من خلال توفير مراكز وهيئات لتربية المواشى ومراكز توزيع ويكون إشرافها تابعا للحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة لضمان تحديد الكميات المعروضة والمطلوبة ومراقبة الانتاج ومساعدة المربين.
الجزارون.. لصوص اللحوم المدعمة
أيام ونستقبل عيد الأضحى المبارك، فى ظل الغلاء الفاحش لأسعار اللحوم الحمراء.. وطمع تجار الأضاحى كعادة كل عام.. وغياب الرقابة على الأسواق.
ولا تزال غالبية الأسر المصرية حائرة أمام «نار الأسعار» الذى لا يقابله زيادة موازية فى المرتبات والاجور وارتفعت الأسعار بشكل جنونى لتشمل جميع أنواع اللحوم الحمراء، إثر التلاعب من قبل تجار الأضاحى الحية برفع أسعارها، نتيجة نقص المعروض، وسرقة معظم الجزارين للحوم المدعمة مثلما كان الأمر فى السابق، إضافة إلى عدم وجود تسعيرة موحدة يمكن من خلالها ضبط عملية الأسعار، ومنع التلاعب من قبل هؤلاء المحتكرين الذين يتحكمون فى الأسعار كيفما يشاءون، الأمر الذى يتطلب اتخاذ إجراءات فورية حازمة وحاسمة من قبل الدولة لوقف الزيادة فى الأسعار، وإيجاد البدائل بزيادة الإنتاج حتى يمكن مواجهة الغلاء، وتفعيل الرقابة على الأسواق، ودعم منظومة جهاز حماية المستهلك.
ورغم تصريحات وزيرى التموين والزراعة بضخ كميات من اللحوم البلدية فى منافذ وزارتى التموين والزراعة، إضافة إلى توفير اللحوم المستوردة فى المجمعات الاستهلاكية، لعرض المزيد من اللحوم المذبوحة التى تحتاجها جميع الأسر المصرية، إلا أن الصورة التى بدت عليها أسواق بيع اللحوم من انفلات غير مبرر فى الأسعار تكشف بوضوح أن تصريحات المسئولين ما هى إلا استهلاك إعلامى الغرض منه تهدئة الرأى العام، خاصة مع تنامى دعوات مقاطعة اللحوم الحمراء المبالغ فى أسعارها، والتى تتبنى شعار «بلاها لحمة يا جزارين»، نظراً لعدم قدرة المواطنين على شراء اللحوم.
فأسعار اللحوم البلدية ارتفعت بنسبة 25%، ليصل سعر كيلو اللحوم البلدية إلى 90 جنيها بارتفاع 10 جنيهات، وتخطت حاجز ال100 جنيه فى بعض الأحياء الراقية، كما ارتفعت أسعار اللحوم المستوردة بنسبة 20%، فوصل سعر كيلو اللحم السودانى إلى 40 جنيها بارتفاع 3 جنيهات، بعد أن كان أقصى سعر البيع للمستهلك 37 جنيها فى الكيلو، والبتلو المستورد ل 75 جنيها، بينما زادت أسعار أحشاء الماشية من مكان لآخر بنسبة 10%.
«النهار» قامت بجولة فى‮ بعض الأسواق وكبرى محلات بيع اللحوم بمحافظتى القاهرة والجيزة، ورصدت حركة البيع والشراء وكذلك الأسعار.
شاهدنا الخراف والماشية على أرصفة شارع البحر الأعظم، وفى الشوارع الجانبية بمناطق السيدة زينب والدراسة والهرم والدقى، وعندما توجهنا للتجار أكدوا ضعف حركة البيع والشراء.
وعن أسعار اللحوم البلدية الحية، نجد أن سعر كيلو اللحم الجاموسى‮ القائم للعجل‮ «‬الذكر‮» يتراوح ما بين 03 و31 جنيها بدلاً من 28‮ جنيها للعام الماضى، وسعر كيلو اللحم الجاموسى للأنثى إلى 27 جنيها بدلاً من‮ 25 جنيها، بينما‮ يصل سعر كيلو لحم العجل البقرى «الذكر‮» إلى 35 جنيها بدلاً من 27‮ جنيها، ويتراوح سعر كيلو لحم الخراف‮ القائم ما بين 35 و38‮ جنيها، كان يباع ب27 و28 جنيها العام الماضى، أى يصل سعر إجمالى الخروف القائم ما بين ال0051 جنيه و0052 جنيه بزيادة تراوحت ما بين 2 و3 جنيهات للكيلو مقارنة بالعام الماضى.
اتجهنا نحو تاجر خراف وعجول بشارع البحر الأعظم، استقبلنا عبدالرحمن مسعد، وأكد ل»النهار» أن الإقبال ضعيف من المواطنين على شراء الأضاحى، وحركة البيع والشراء «شبه متوفقة»، رغم أن أسعار الأضاحى معقولة إلى حد ما– حسب قوله- متوقعا أن تنفرج حالة الشراء فى الأيام القادمة مع اقتراب حلول عيد الأضحى.
أما اللحوم البلدية المذبوحة فاشتعلت أسعارها، وتتراوح أسعار كيلو اللحم البتلو المشفى ما بين 85 و90 جنيها، ولحم البفتيك البتلو ل85 جنيها، والعرق الرستو ل 85 جنيها، وتعدى ال100 جنيه فى بعض الأحياء الراقية وفقاً للقطعية المطلوب شراؤها، ولحم الكندوز قطع صغيرة وصل سعره إلى 80 جنيها بعد ما كان يباع ب60 و 65 جنيهاً فى معظم المناطق الشعبية، والكبدة الكندوز بنحو 85 جنيها للكيلو، كما وصل سعر كيلو الفخدة الضأن ل75 جنيها، والريش الضأن ل75 جنيها، والزند الضأن ل 65 جنيها، والرقبة الضأن ل50 جنيها، والسجق البلدى ل50 جنيةها بدلاً من 38 جنيها للكيلو للعام الماضى، والسمان ل 85 جنيها، والقلب والكلاوى بنحو80 جنيها للكيلو.
فيما أكد الحاج على الجزار، صاحب «جزارة أولاد فتحى» بشارع العشرين بالمساكن منطقة فيصل، أن «السوق نايم.. وحركة البيع والشراء محدودة، ومن يشترى أصبح يقلل كمية شرائه.. والأسعار يحددها تجار المواشى». موضحاً أن سعر الكيلو للحم البتلو المشفى يتراوح بين 85 و90 جنيه، والعرق الرستو 85 جنيه، ووصل إلى 100 جنيه فى بعض الأحياء الراقية وفقاً للقطعية المطلوب شراؤها، والكندوز الطازج قطع صغيرة وصل سعره إلى 80 جنيه بعد ما كان يباع ب60 و 65 جنيه فى معظم المناطق الشعبية، والكبدة الكندوز وصل سعرها إلى 85 جنيه للكيلو.
وهذا ما أكده شريف محمد، «جزار» بمنطقة أرض يعقوب بمنطقة السيدة زينب، مرجعا أسباب اشتعال أسعار لحوم الاضاحى إلى نقص المعروض من المواشى، وارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج من الأعلاف وغيرها فى تربية الماشية، بخلاف أعباء النقل والعمالة.
كما اختلفت أسعار اللحوم البلدية فى شارع السد بنفس المنطقة، حيث لاحظنا وجود محل جزارة آخر يبيع اللحوم البلدية بأسعار منخفضة سعر الكيلو ما بين 35 و65 جنيها.
تحدثنا مع أحد الباعة فى المحل– رفض ذكر اسمه– وقال: «إن هذه اللحوم الموجودة بالمحل تأتى من المزارع الخاصة بصاحب محل الجزارة، وإن سر انخفاض أسعارها يرجع إلى أن صاحب محل الجزارة رجل طيب، ويخاف الله ويراعى الغلابة، ومن ثم يقبل الناس على شراء اللحوم من المحل».
كما لاحظنا أن ارتفاع أسعار اللحوم لم يفرق بين المستورد والمحلى، حيث وصل سعر كيلو اللحوم البتلو إلى 75 جنيها، اللحم الأرجوانى ب57 جنيها، وكذلك ارتفعت أسعار اللحوم السودانية ل40 جنيها بعد ما كان يباع ب 37 جنيها، والموزة البرازيلى ب37 جنيها للكيلو، ولحوم صوابع القشرة البرازيلى ب42 جنيها، وأيضاً اللحوم المجمدة من 45 جنيها إلى 57 جنيها لكيلو اللحم الأسترالى.
ويقول حازم محمد عبدالحميد، مدير مجمع استراند التابع للأهرام للمجمعات الاستهلاكية بمنطقة باب اللوق: «أسعار اللحوم بجميع أنواعها فى متناول يد محدودى الدخل، وبالتالى الإقبال طبيعى على شراء اللحوم المستوردة، نظراً لرخص أسعارها بل يتزايد فى بعض الأحيان.
وعن الأسعار يشير «عبدالحميد» إلى أن اللحوم السودانية وصلت إلى 40 جنيها، والموزة البرازيلى ل 37 جنيها، واللحم الأسترالى ل57 جنيها، واللحم البتلو ل75 جنيها.
سوق «الحتت».. ملاذ الفقراء
أسواق «فاكهة» اللحوم بمذبح السيدة زينب تشهد حالياً إقبالاً كبيراً من محدود الدخل، الذى هرب من جشع الجزارين إلى سوق «الحتت» الفشة والكرشة والممبار، رغم أن أسعارها زادت بنسبة 10% عن العام الماضى.
ارتفعت أسعار كيلو اللحم البتلو البلدى إلى 85 جنيها، ولحمة الرأس إلى 30 جنيها ولها زبون خاص، وكذلك الممبار الضانى ب25 جنيها للكيلو، والكرشة ب 10 جنيهات، والكوارع العجالى يباع ب80 جنيها للزوج، ولحم البتلو ب50 جنيها، والعكاوى يباع ب80 جنيها بعد أن كان يباع ب 35 جنيها، والفشة ب25 جنيها بدلاً من 15 جنيها للكيلو، والكبدة والقلب والكلاوى ب75 جنيها بدلاً من 35 جنيها، ورأس العجل البقرى الكبير يباع بنحو 250 جنيها، والرأس الصغير ب50 جنيها.
أما محمد رحيم، «جزار» بمدبح السيدة زينب، فيقول: «إحنا ملناش ذنب فى غلاء الأسعار غير المبرر، فنحن بائعون للحوم المذبوحة والمشكلة فى احتكار التجار الكبار فى المذبح، لأن ما يحكم السعر مسألة العرض والطلب».
وأشار إلى أن حركة البيع والشراء «معقولة»، رغم ارتفاع أسعارها بنسبة 10% عن العام الماضى، ولم نكن نتوقع زيادة الإقبال على الفشة والكرشة والممبار بهذا الشكل، وأن أسعار اللحوم البقرى وصلت إلى 85 جنيها، ولحمة الرأس إلى 30 جنيها، والفشة ب25 جنيها.
الفقراء يمتنعون
وخلال جولتنا التقينا بعدد من المواطنين الذين عبروا عن معاناتهم المستمرة، بسبب الزيادات الملحوظة فى أسعار اللحوم البلدية، خاصة قبيل عيد الأضحى المبارك.. فماذا قالوا؟
يقول ممدوح على، «45 عاماً»، قابلناه فى ميدان السيدة زينب: ارتفاع أسعار اللحوم تصيبنا بالصدمة، بعدما وصل سعر الكيلو ل90 جنيها.. وهو ما جعلنا لا نقدر على شرائها، لكننا سنكتفى بشراء الفشة والكرشة والممبار، بدل ما نتحرم من أكل اللحمة خالص. بينما قال أمجد محمود، «43 سنة»، موظف فى إحدى الشركات الخاصة ، وأب ل»3 أبناء»: مقاطعة اللحوم هى الحل، فى ظل اشتعال أسعار اللحوم البلدية والمستوردة.. فأنا أتقاضى راتباً لا يتعدى 800 جنيه، وهو لا يكفينا، خاصة وأننى أعول أسرة مكونة من 5 أفراد، وأسكن فى شقة إيجارها 300 جنيه، بخلاف مصاريف المعيشة الصعبة.. فمنين هشترى خروف العيد؟
«مش لازم ناكل اللحمة اللى هتخرب بيوتنا».. بهذه العبارة بدأ كلامه الحاج إسماعيل عبدالجليل، «على المعاش»، ومقيم فى منطقة بولاق الدكرور، ويقول: الأسعار «نار»، والمعاش لا يكفى، والمقاطعة تعتبر الحل الأمثل والوحيد أمام المواطنين، لمحاربة استغلال وجشع الجزارين، لأن خسارتهم هى الهدف من حملاتنا، كما أن المقاطعة يجب أن تضغط على الحكومة أيضاً حتى توفر لنا البديل الآمن والسريع، وتنقذنا من أرتفاع أسعار اللحوم المبالغ فيه بلا داع.
أمنية محمد، «ربة منزل»، ولديها «3 أبناء»، قالت: «إننا نعيش حياة غير آدمية، فنحن لا نرى اللحوم إلا كل شهر مرة، وبالتالى المقاطعة هى أنسب الحلول.. لأننا لسنا قادرين على شرائها. وتتساءل: من أين لنا أن ندفع 85 جنيها ثمناً لكيلو اللحم، وزوجى يعمل ساعياً، ومرتبه 120 جنيها؟».
تهريب المستوردة
ورداً على حملة مقاطعة اللحوم والمدشنة بعنوان “بلاها لحمة يا جزارين”، تقول الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك: إن فكرة المقاطعة “جيدة”، لكونها تحد من جشع الجزارين، فى ظل الارتفاع المستمر لأسعار اللحوم، كما أن هناك بلاغات صحية تقدم بها مواطنون عن تسرب لحوم مستوردة مذبوحة فى مجازر البساتين، لإزالة الأختام الدالة على أنها مستوردة واستبدالها بأختام اللحوم البلدية لتباع بأسعارها من قبل الجزارين.
وتطالب الدكتورة “سعاد” الحكومة بضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية من اللجان التفتيشية من التموين على المجازر والجزارين، وذلك لضبط أحكام الأسعار ومواجهة الغلاء، والتجار الجشعين ممن يخالفون القانون.
استراتيجية قومية
من جانبه، اعتبر محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، أن حملات مقاطعة اللحوم ناجحة، لمواجهة جشع المحتكرين، وتكبيدهم خسائر كبيرة، لكى تؤتى ثمارها، وتنخفص أسعار اللحوم وتعود إلى طبيعتها.
وأوضح “وهبة” أننا بحاجة إلى الاتجاة نحو تطوير وتنمية الثروة الحيوانية من خلال دعم المربين لرفع إنتاجية مزارعهم، لما يعد مشروعاً قومية، يساهم فى سد الفجوة بين إنتاج اللحوم والاستهلاك المتزايد، ويحد من عمليات الاستيراد سواء لرءوس الماشية أو اللحوم المذبوحة، ويوفر العملة الصعبة، ويتيح فرص عمل لشباب الخريجين، مؤكداً أن إنتاج مصر من اللحوم البلدية يعادل 40%، ونسبة استيرادنا من اللحوم تعادل 60%.
واستطرد “وهبة” أنه عند ضبط لحوم مستوردة تباع لدى الجزارين على أنها لحوم بلدية، يتم تحرير محاضر غش تجارى لهؤلاء الجزارين، وقد تصل العقوبة إلى حد إغلاق محلاتهم.
التكافل الاجتماعى
ومن جهتها، تقول الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر: التكافل الاجتماعى “فريضة واجبة” فى الإسلام، وهى وسيلة جيدة لإظهار الكرم والجود على الفقراء، الذين لا يجدون ما يأكلونه، فهؤلاء المساكين أحوج من غيرهم إلى لقمة تسد رمقهم وتقويهم على مشقة الحياة، كما أن كثرة التصدق فى هذا العيد المبارك تمكن اليتامى والمحتاجين من شراء مستلزمات الحياة، وهذا بدوره قد يحدث تنشيطا للحركة الاقتصادية داخل المجتمع.
وأضافت الدكتورة “آمنة” أن تلك الفئة المنكوبة لها الحق فى الحياة الكريمة، بل جعل من الإحسان إليها ما يرد النعمة إلى فاعلها، فتعمق قيم التواصل والتكافل والعطاء الاجتماعى فى كل نواحى الحياة، وبأى الوسائل تسعد الفقير والمسكين ويعيش بين إخوانه فرحاً ميسوراً شاكراً لله الذى أنعم عليه بهذا العيد المبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.