تقرير: أحمد طارقتحت أقدام تمثال سعد زغلول الشامخ بنظره إليالبحر المتوسط اختلفت آراء معتصمي الإسكندرية في تحديد مطالبهم الرئيسية منالاعتصام الذي دخل يومه الخامس علي التوالي، وقفزوا من مناقشة مطالب غير محددةإلي الحديث عن إجراءات تصعيدية لم يتفقوا عليها.وشهد محيط تمثال سعد زغلول الكثير من السجال السياسي بين القوي والتياراتالحزبية والسياسية، والمواطنين غير المنتمين إلي أيا من تلك التيارات لم يسفر عنأي جديد يضيف إلي تطورات الأوضاع للاعتصام الذي يقام بالإسكندرية علي غرار غيرهمن الاعتصامات بميدان التحرير وبمحافظة السويس.بدأ المشهد قبل انتصاف ليل المدينة الساحلية مع بدء جلسة عقدت بحضور مختلفالتيارات والقوي السياسية والحزبية والمشاركين في اعتصام حديقة ميدان سعد زغلولبالإسكندرية لعرض مسودة لمطالب ثوار الإسكندرية التي تضمنت عشر مطالب رئيسية.وشملت مطالب المسودة التعجيل بمحاكمة الرئيس السابق ورموز الفساد من المسئولينالسابقين، ونظر قضايا قتل وإصابة الثوار أمام دوائر جنائية وتقديم الرعايةالفورية لأسرهم، بالإضافة إلي إقالة الحكومة الحالية واستبدالها بحكومة ثورية(ليست تكنوقراطية أو إئتلافية)، وإقالة النائب العام والمحافظين وعدد من القياداتالأمنية.كما شملت المسودة مطالب بتطهير وزارة الداخلية، ومنع القيادات العليا والوسطيبالحزب الوطني المنحل من المشاركة في الحياة السياسية خلال الدورتينالبرلمانيتين المقبلتين، فضلا عن سرعة وضع الحد الأدنى للأجور وربطها بمستويالأسعار، إلي جانب إرجاء الحديث عن الدستور أو الانتخابات إلي ما بعد تحقيق مطالبالثورة.وعقب طرح المسودة علي المشاركين في الاجتماع الذي عقد بالجانب الغربي من ساحةالاعتصام تم إضافة مجموعة من التعديلات الشكلية علي بعض بنود إعلان المطالب ولكنتحولت التعديلات إلي اختلافات في الآراء والتوجهات، وعبر ممثلو اعتصام القائدإبراهيم وهو اعتصام أصغر حجما وكثافة يقام بالقرب من ساحة مسجد القائد إبراهيموعلي بعد 500 متر من ميدان سعد زغلول - عن ضرورة عرض المطالب الخاصة باعتصامهمإلي جانب المسودة التي قدمها معتصمو سعد زغلول.وتطور النقاش إلي شكل الإجراءات التصعيدية التي سيتخذها الاعتصام للضغط بهدفتنفيذ المطالب التي لم يتم إقرارها خلال الاجتماع -؛ حيث أختلف المشاركون حولأشكال التصعيد ورفض الإضرار بالصالح العام.وقد حاول المحامي عبد الرحمن الجوهري - وممثل حزب الكرامة وحركة كفاية احتواءالاجتماع بهدف إعادة النظام واستكمال إعلان مطالب الإسكندرية بوصفه أبرز الكوادرالسياسية المشاركة في الاعتصام، وطالب بالتصويت علي التضامن مع المطالب السبعةللمعتصمين بميدان التحرير، حيث وافق المشاركون بأغلبية الأصوات.وعقب ذلك أستعرض أحد المشاركين بنود مطالب المعتصمين بميدان التحرير بالقاهرةوعرضها علي المشاركين، ثم تعثر النقاش بسبب إعادة النظر في الإجراءات التصعيدية؛حيث بدأ ممثلو القوي السياسية والائتلافات الانسحاب بشكل تدريجي وغير معلن منالاجتماع وتحول الاجتماع إلي دوائر نقاشية صغيرة امتدت إلي مختلف أرجاء الاعتصامحول الأشكال التصعيدية بين موافق ومعارض، واقتراحات التصعيد.وأبدي عدد من ممثلي القوي السياسية والحزبية استياءهم من عدم الوصول إلي مطالبمعلنة وواضحة لحالة الاعتصام، وعدم قدرة المشاركين في الاجتماع علي صياغة بيانيجمع كافة التيارات والتوجهات المشاركة، مجمعين علي رفضهم لأشكال التصعيد التي تمطرحها لما فيها من إضرار للصالح العام.واختلفت آراء المعتصمين عن شكل التصعيد للضغط بهدف تنفيذ واستكمال مطالبالثورة وكان أشدها حدة يرتبط بالسيطرة علي بعض المنشآت والمرافق العامة، وأكثرهاطرافة بعدم سداد رسوم المواصلات العامة كشكل من أشكال الاعتراض، فيما كان قطعالطريق المروري هو شكل التصعيد الذي حظي بالكثير من النقاش والجدل حول مديفاعليته وإمكانية تطبيقه بصفة مستمرة.ورأت بعض القوي السياسية أن تصعيد الاحتجاج يمكن الوصول إليه من خلال المسيراتالاحتجاجية والدعوة إلي مظاهرات تصاعدية تبدأ بيومين في الأسبوع ثم ثلاثة أياموصولا إلي الثالث والعشرين من الشهر الجاري لاتخاذ تدابير تصعيدية أخري في حالةعدم تنفيذ المطالب وهي المهلة الزمنية التي أجمع عليها كافة المشاركين فيالاجتماع.وشملت مقترحات الإجراءات التصعيدية التي ناقشها الاعتصام تنظيم وقفة إحتجاجيةحول (منشآت مجمع المحاكم، أو بورصة الإسكندرية) ومنع العمل بها، كشكل من أشكالالتصعيد لتنفيذ مطالب الثورة.ووسط عزف الآلات الموسيقية غير المتجانسة لمختلف التيارات والتوجهات السياسيةالمشاركة في الاعتصام وصولا إلي نقطة اللا أتفاق سوي علي استمرار الاعتصام، حاولعدد من المشاركين في الاعتصام استخدام آلات موسيقية حقيقية لعزف مقطوعات وطنيةوأخري عاطفية في حلقات سمر صيفية بالقرب من كورنيش المدينة الساحلية.وانتشر بساحة الاعتصام العديد من المصطافين الذين هربوا من حرارة الصيف إليالإسكندرية وأتوا إلي حديقة سعد زغلول التاريخية كمزار سياحي وللوقوف علي مستجداتالأحداث.وعلي الجانب الآخر تمكن الناشطون الإلكترونيون من التواصل مع العالم الخارجيباستخدام شبكات التواصل الاجتماعي لنقل مجريات الأحداث والنقاش الذي أستمر حتىالساعات الأولي من صباح اليوم ومعرفة ردود أفعال غير المشاركين في الاعتصام.ومع تصاعد وتيرة الجدال بين التيارات السياسية مع المستقلين من المشاركين فيالاعتصام تراجعت التيارات الحزبية إلي مواقعها بالاعتصام بسبب عدم التوصل إليإجراءات واضحة أو مطالب مصاغة، بالإضافة إلي عدم الاتفاق علي شكل إطاري للاعتصام،فيما حاول المستقلون إلي التعبير عن آرائهم السياسية من خلال النقاش السياسيوإبداء تطلعاتهم إلي المرحلة المقبلة من خلال مجموعة من المقترحات.وشارك في الاعتصام الذي دخل يومه الخامس العديد من التيارات السياسية ومنهاالائتلاف المدني الديمقراطي الذي يضم نحو 30 حزبا وحركة سياسية -، وائتلاف شبابالثورة بالإسكندرية وعدد من الأحزاب الأخري بالإضافة إلي بعض الحملات الانتخابيةلعددد من مرشحي الرئاسة المحتملين.وتحول فهم المشاركين في الاعتصام إلي نظرة تمثال سعد زغلول المتوسط للميدان منكونها نظرة ثقة وخطوات ثابتة نحو المستقبل إلي الاقتناع بأنها نظرة يأس وخاصةوأنه أدار ظهره للمدينة بكل مشاكلها ووجه نظره إلي البحر.