فجرت الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم الأربعاء قنبلة رياضية قد يتردد صداها لأجيال طويلة ويذهب ضحيتها بعض حيتان كرة القدم العالمية في العقود الماضية، لكن أسباب إطلاقها بهذا التوقيت لا تزال غامضة. استيقط العالم فجرا على اتهام 14 شخصا وإيقاف ستة من كبار مسئولي الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، ارتفع عددهم لاحقا إلى سبعة، المستعدين في زيوريخ لانتخابات رئاسة المنظمة الدولية بين السويسري جوزيف بلاتر (79 عاما) الباحث عن ولاية خامسة متتالية والمدعوم آسيويا وإفريقيا، والأمير الأردني علي بن الحسين (39 عاما) الداعي إلى التغيير والمدعوم أوروبيا. رجال شرطة بملابس مدنية دهموا السادسة صباحا فندق "بور او لاك" الفخم، حصلوا على مفاتيح غرف مسئولين قبل أن يقتحموها لإلقاء القبض عليهم، بطلب من القضاء الأمريكي الذي يرى أن التهم تتعلق بالتآمر والابتزاز والفساد ورشاوى بقيمة 150 مليون دولار أمريكي منذ عام 1990 وبمنح حقوق نقل بطولات كأس العالم، حقوق التسويق والبث. وزارة العدل السويسرية وبطلب من نيابة منطقة شرق نيويورك كشفت أن ممثلين لوسائل إعلام رياضية أو شركات للتسويق الرياضي متورطون أيضا في دفع أموال لموظفين كبار في منظمات لكرة القدم مقابل حقوق في وسائل الإعلام وحقوق للتسويق لمباريات تقام في الولاياتالمتحدةوأمريكا الجنوبية. وبحسب وزارة العدل الأمريكية فإن المتهمين هم: جيفري ويب (نائب رئيس فيفا، رئيس اتحاد كونكاكاف)، وإدواردو لي (عضو منتخب في اللجنة التنفيذية لفيفا واللجنة التنفيذية لكونكاكاف)، وجوليو روشا (المسئول عن شئون التنمية في فيفا)، وكوستاس تاكاس (أحد معاوني رئيس اتحاد كونكاكاف)، وجاك وورنر (نائب رئيس فيفا ورئيس اتحاد كونكاكاف سابقا)، واوجينيو فيغويريدو (نائب رئيس فيفا حاليا وعضو اللجنة التنفيذية)، ورافايل ايسكيفيل (عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد أمريكا الجنوبية)، وجوزيه ماريا مارين (العضو الممثل لفيفا في اللجنة التنظيمية للألعاب الأوليمبية) ونيكولاس ليوز (عضو اللجنة التنفيذية لفيفا سابقا). أما بالنسبة للمسئولين الأربعة الكبار في شركات التسويق الرياضية فهم اليخاندرو بورزاكو، أرون دايفيدسون، هوغو جينكيس وماريانو جينكيس. ووجهت التهمة أيضا إلى خوسيه مارجيليس الوسيط الذي سهل عملية الدفع غير القانونية. وأضافت أن أربعة أفراد وشركتين اعترفوا بالتهم الموجهة إليهم في هذه القضية وهم: داريل وارنر (نجل الترينيدادي جاك وارنر والمسؤول السابق عن شؤون التنمية في فيفا)، والترينيدادي الآخر داريان وارنر وتشاك بليزر (الأمين العام السابق لاتحاد كونكاكاف وعضو اللجنة التنفيذية لفيفا سابقا)، وخوسيه هاويا (مالك المجموعة البرازيلية للتسويق الرياضي ترافيك غروب). النائبة العامة الأمريكية لوريتا لينش وفي مؤتمر صحفي حاشد في نيويورك يرافقها عدة مسؤولين أمنيين وماليين رأت أن مسؤولي الاتحاد الدولي "أفسدوا" اللعبة معتبرة إن الخطوة المقبلة في الملف ستكون طلب تسليمهم من أجل محاكمتهم في الولاياتالمتحدة: "لقد أفسدوا كرة القدم العالمية لخدمة مصالحهم الخاصة وإثراء أنفسهم. أساء كل المتهمين إلى النظام المالي الأمريكي وانتهكوا القوانين الأمريكية، ونحن عازمون على محاسبتهم". لكن وزارة العدل السويسرية أوضحت ان ستة من مسؤولي الفيفا السبعة الذين تم توقيفهم رفضوا أن يتم تسليمهم إلى الولاياتالمتحدة: "بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص الذين رفضوا أن يتم تسليمهم، فإن وزارة العدل ستطلب من الولاياتالمتحدة الآن تقديم طلبات التسليم الرسمية خلال فترة 40 يوما بحسب المعاهدة الثنائية بهذا الشأن". اعتبرت لينش أن مسؤولي "فيفا" حصلوا على رشاوى في عملية منح كأس العالم لجنوب إفريقيا عام 2010، اعتبرها الاتحاد المحلي مجرد مزاعم، وتحدثت عن النسخة المئوية من كوباأمريكا 2016 والمقررة في الولاياتالمتحدة بحصول رشاوى فيها تقدر بنحو 110 ملايين دولار، مضيفة أن الرشاوى أمتدت إلى حملة انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي 2011 وإلى "اتفاقات حول رعاية المنتخب البرازيلي لكرة القدم من شركة ملابس أمريكية كبرى". وبموازاة الحملة الأمريكية، تحرك القضاء السويسري مجددا في ملفي مونديالي روسيا 2018 وقطر 2022 اللذين خضعا لجولات طويلة من التحقيقات أشهرها ما عرف بتقرير جارسيا، المحقق الأمريكي السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "إف بي آي" والذي رفض الاتحاد الدولي نشره حتى الآن. وفتح المدعي العام السويسري تحقيقا جنائيا بملفي استضافة 2018 و2022 في روسياقطر، بعد أن صادر وثائق إلكترونية من مقر "فيفا" لكنه امتنع عن تسمية الأشخاص العشرة الذين ينوي التحقيق معهم في قضايا فساد وتبييض الأموال وإساءة أمانة. لكن عدة تقارير بريطانية على غرار "ذي غارديان" و"تيليغراف"، أشارت إلى أن الأشخاص العشرة هم: الكاميروني عيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الإسباني انخل ماريا فيار، وزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو، البلجيكي ميشال دهوغ، التركي سينيس ارزيك، التايلاندي وراوي ماكودي، القبرصي ماريوس ليفكاريتيس، العاجي جاك أنوما، الغواتيمالي رافايل سالغويرو والمصري هاني أبو ريدة. إعادة فتح ملفي المونديالين دفع بوزارة الخارجية الروسية إلى إصدار بيان دعت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى وقف محاولاتها لفرض العدالة خارج حدودها: "ندعو واشنطن بإصرار لوقف محاولاتها بفرض العدالة بعيدا عن حدودها وفقا لمعاييرها القانونية، وباتباع الإجراءات القانونية الدولية المقبولة بشكل عام". في خضم الحملة القضائية خرج وولتر دي غريغوريو، المتحدث باسم الاتحاد الدولي ليؤكد أن كونجرس وانتخابات الفيفا سيقامان في الموعد المحدد بعد غد الجمعة، معلنا أن بلاتر والأمين العام الفرنسي جيروم فالكه ليسا متورطين: "فيفا يعاني، إنها لحظات صعبة بالنسبة إلينا، لكن لن يطرأ أي تعديل على أعمال الكونجرس"، بيد أن الاتحاد الأوروبي الذي يدعم رئيسه الفرنسي ميشال بلاتيني الأمير علي بن الحسين، طالب بتأجيل الكونجرس والانتخابات حتى ستة أشهر. وشدد دي غريغوريو على واقع أن فيفا بنفسه كان خلف انطلاق هذه الحملة القضائية عندما قرر في 18 نوفمبر 2014 التقدم بشكوى أمام المدعي العام السويسري بسبب "شكوك" في عمليات نقل أموال على صعيد دولي انطلاقا من سويسرا كنقطة، وذلك في إطار اختيار البلدين المضيفين لمونديالي 2018 و2022. بعد ساعات على توقيف سبعة مسئولين، أعلنت لجنة الأخلاقيات في فيفا إيقاف 11 مسئولا "موقتا" عن ممارسة أي نشاط كروي، فقال رئيسها هانز يواكيم ايكرت: "الاتهامات مرتبطة بشكل واضح بكرة القدم، وطبيعتها خطرة لدرجة دفعتنا إلى اتخاذ إجراءات سريعة وفورية". والموقوفون ال11 هم: جيفري ويب، ادورادو لي، جوليو روشا، كوستاس تاكاس، جاك وارنر، اوجينيو فيغويريدو، رافايل ايسكيفيل، جوزيه ماريا مارين، نيكولاس ليوز، تشاك بليزر وداريل وارنر. بعد ذلك، وفي أول رد فعل اقر بلاتر إن الفيفا يعيش "وقتا صعبا": "هذا وقت صعب لكرة القدم، المشجعين والاتحاد الدولي كمنظمة. نتفهم خيبة الأمل التي عبر عنها كثيرون وأعرف إن أحداث اليوم ستؤثر على نظرة الناس إلينا". وتابع: "دعوني أكون واضحا، سلوك مماثل لا مكان له في عالم كرة القدم وسنعمل على ضمان وضع الضالعين بهذا الأمر خارج اللعبة". الأمير علي بن الحسين اعتبر أن الازمة لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل في فيفا، مشيرا إلى أن الاتحاد الدولي في حاجة إلى قيادة تتقبل تحمل المسؤولية لأفعال المؤسسة وعدم القاء اللوم على الآخرين: "لا يمكن لأزمة الفيفا أن تستمر بهذا الشكل، إنها أزمة مستمرة منذ فترة ولا تتعلق فقط بأحداث اليوم". وأضاف بعد أن قال: إن ما حصل هو "يوم حزين لكرة القدم": "يحتاج الفيفا إلى قيادة تحكم، تعتني وتحمي اتحاداتنا الوطنية. قيادة تتقبل تحمل المسئولية لأفعال مؤسستها ولا تحمل المسئولية إلى الآخرين. قيادة تعيد الثقة إلى مئات الآلاف من أنصار اللعبة حول العالم".