أثارت تصريحات كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، عباس عراقجي، حول الوصول لتفاهم يسمح للمفتشين بزيارة المراكز العسكرية الإيرانية، جدلًا كبيرًا وردود أفعال غاضبة من نواب مجلس الشورى الإيراني وبعض السياسيين الإيرانيين مؤخرًا، حيث عارضت تصريحات "عراقجي" الأخيرة التعليمات السابقة لمرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، بعدم السماح للمفتشين بتفتيش المواقع العسكرية. وتسعى دول 5+1 لإيجاد نوع من المراقبة على المواقع العسكرية الإيرانية، لكن طالما واجه الفريق النووي الإيراني هذه المقترحات بالإضافة إلى رجال الجيش والحرس الثوري الإيراني بالرفض، حيث هدد نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، العميد حسين سلامي، في أبريل الماضي، بحرق المفتشين الدوليين ب"الرصاص الساخن"، معتبرًا زيارة مفتشين أجانب للمواقع العسكرية بمثابة "احتلال" لإيران، لكن يبدو أن الفريق النووي ساير الضغوط الأمريكية المطالبة بالتفتيش مؤخرًا، ما دفع سيد حسين نقوي، عضو البرلمان الإيراني، والمتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان، للرد قائلاً: "إننا أعلنا أن عمليات التفتيش خط أحمر وفقاً لتعليمات الإمام خامنئي.. إن أي اتفاق حول تفتيش الأماكن العسكرية هو باطل في نظرنا، والجمهورية الإسلامية قطعًا لن تخضع لهذا النوع من عمليات التفتيش". في المقابل، قال عراقجي، إن تفتيش المنشآت غير النووية التي تشمل أيضًا منشآت عسكرية سيجري في ظروف خاصة وفقًا للبروتوكول الإضافي، وتجري هذه العملية لأخذ عينات بيئية وهذا العمل يختلف كليًا مع ما يدور في أذهان الآخرين حول تفتيش المنشآت العسكرية، وأن عمليات التفتيش ستكون في إطار البروتوكول الإضافي وليس أكثر". وفي هذا الإطار يقول الخبير في الشؤون الإيرانية، بنده يوسف: "بالنسبة للبروتكول الإضافي، إيران تأخرت في التوقيع والموافقة عليه، حتى يكون ثمرة تفاوض، ولا تفرض عليها بنوده، والبروتوكول هو تعويض للنقص في اتفاقية (إن بي تي) لحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل؛ إذ يسمح بالتفتيش المفاجئ والفور للمواقع النووية، والتفتيش لا يكون إلا للأماكن المدرجة تحت تصنيف منشآت نووية، ولذلك بعيدًا عن أن إيران توافق على تفتيش مواقعها العسكرية أم لا توافق، لا يحق تفتيش هذه الأماكن لأنها غير مدرجة تحت تصنيف منشآت نووية تخضع للرقابة من الوكالة الدولية". وحول سبب إصرار الغرب على عمليات التفتيش للمواقع العسكرية، يقول "بنده": "ما يقلق منه الغرب هو عدم التزام إيران بتعهداتها النووية، أو أن يكون هناك عدم شفافية في وجود أماكن نووية سرية، لا تُفصح عنها طهران ضمن برنامجها النووي، وهذا تكرر في السابق". وحول موقف إيران، يوضح "بنده" أن من المرجح أن توقع إيران على البروتوكول ضمن 124 دولة وقَّعت من قبل، إلا أن إيران لن تسمح بأي تفتيش خارج الأماكن المعلنة نوويًا لعدم ثقتها في الوكالة الدولية في تسريب أسرار عسكرية وتقنية وهذا تكرر من قبل، إلى جانب الظروف التي تمر بها المنطقة والتنافس التقني والاقتصادي والدفاعي الذي لا يسمح لطهران أن تكون أكثر شفافية وإنما أكثر دفاعًا عن أمنها، ولذلك هي رفضت من قبل دخول المفتشين إلى موقع (بارتشين) العسكري حتى لا يصبح من الممكن تخطي التفتيش إلى أماكن غير نووية، لا سيما أن إيران تقوم بتطوير قدراتها العسكرية لا سيما في مجال الصواريخ بعيدة المدى وهو ما تخشى من تسريب أسراره". ويضيف الخبير في الشؤون الإيرانية: "وواقعيًا إن جئنا لمسألة السلاح النووي، فالعلاقة بين الغرب وإيران تتخطى مسألة السلاح النووي، والاتفاق يذهب إلى أبعد من مجرد الاطمئنان لعدم امتلاك إيران للسلاح النووي، ويصل إلى تفاهمات فيما يخص المنطقة والتوجه نحو آسيا".