لم تولد أغاني الحب والهيام بسهولة، ولكن بالتأكيد وراء كل ولادة أغنية قصة وموقف، قد يكون هذا الموقف داعما ومحفزا لمشاعر المحب حتى تفيض وتنساب عبر السطور لتكتمل قصة الحب والعشق أو العذاب والشجن والوجع، ومن أشهر هذه الأغاني في دنيا العذاب والشجن قصيدة "الأطلال"، التي تحولت لتصبح الأغنية الأشهر والتي كتبها وسطر أبياتها الشاعر الحالم الدكتور إبراهيم ناجي، وأيضا كان لولادة أغنية "لا تكذبي" ملابسات وتجربة شخصية عاشها المؤلف وتجرع معها مرارة الفشل والألم. * قصيدة الأطلال لقد أثارت قصيدة الأطلال جدلا كبيرا في الأوساط الفنية، وتغنت بها كوكب الشرق ولاقت نجاحا كبيرا، وذلك بعد أن لحنها الموسيقار رياض السنباطي، فالكل يعرف أن ملهمة إبراهيم ناجي لكتابة هذه القصيدة هى الفنانة زوزو حمدي الحكيم، بينما ظلت زوزو ماضي تؤكد وتصر على أنها هى ملهمته الحقيقية. ويأتي اليقين والتأكيد من الكاتب الراحل صالح مرسي، الذى قال: "كنت أشغل منصب رئيس تحرير مجلة "الهلال"، التي كانت تصدر عن دار الهلال عام 1948، وذات يوم كنت أجلس أنا وناجي والفنان محمود السباع والمطربة فتحية أحمد وآخرون، وإذا بناجي يتحدث عن زوزو ماضي بشكل خاص وملفت، وأدركنا جميعا أن هناك شيئا يكنه لها ناجي، ولم يستطع كتمانه أو التحكم في مشاعره، وهكذا حال العشاق"، على حد قول مرسي. وأضاف صالح مرسي: "وبعد عام من هذه الواقعة، وجدت ناجي في حالة من الغيظ الشديد عندما علم بزواج ماضي من مليونير أجنبي، ولكنه لم يستمر طويلا، وقبل رحيل ماضي بعامين، أي عام 1980، التقى بها الناقد الفني طارق الشناوي بمجلة "روز اليوسف"، حسبما نشر في "السياسة" الكويتية، حيث أعادت إليه ماضي التأكيد على أنها من ألهمت إبراهيم ناجي كتابة "الأطلال" وطلبت منه الاستشهاد بابنة ناجي "أميرة" التي أعلنت في أكثر من مناسبة أن زوزو ماضي هى ملهمة والدها لقصيدة "الأطلال" ولقصائد أخرى، وليس زوزو حمدي الحكيم كما هو شائع. * لا تكذبي "لا لا تكذبي.. إني رأيتكما معا.. دعي البكاء فقد كرهت الأدمعا.. ماذا أقول لأدمع مسحتها أشواقي إليك.. ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفا عليك"، بهذه الكلمات المليئة بالعتاب واللوم، ألقى الشاعر كامل الشناوي قصيدته على نجاة الصغيرة حينما شاهدها مع رجل آخر. ويقول الكاتب الراحل مصطفى أمين في كتابه "شخصيات لا تنسى": "لقد كتبت هذه السطور داخل حجرة مكتبي بمنزلي بالزمالك"، ويضيف: "دخل "كامل الشناوي" علينا أنا والموجي البيت مسرعا إلى غرفة المكتب وسمعناه أنا والموجي يتحدث لسيدة ويتلو عليها هذه الأبيات وهو متوتر ومضطرب مهللا، وصوته يملؤه الشجن والألم. وتابع "أمين": "بعد انتهائه من الأبيات عرفنا ان هذه السيدة التي كانت على الطرف الآخر من الهاتف، هى المطربة الواعدة نجاة الصغيرة، وانبرت قائلة "كلمات حلوة يا كامل.. تنفع أغنيها"، وحبا فيها وللوقوف بجانبها، ودعما لمسيرتها الفنية، وافق الشناوي على أن تكون هذه المشاعر الصادقة أغنية لها، وبالفعل لحنها محمد عبد الوهاب ووزعها الموسيقار على إسماعيل، وغنتها نجاة في فيلم "الشموع السوداء" مع الكابتن صالح سليم وأمينة رزق. وغدت أغنية "لا تكذبي" علامة فارقة في تاريخ الفنانة نجاة الفني، وأصبحت أيضا تغنى لكل محب عاش وتجرع مرارة الخيانة والفشل والوجع مع من أحب وعاش متيما عاشقا ولهانا.