وصفت الجامعة العربية اليوم ردود الأفعال الإسرائيلية المختلفة حول انضمام دولة فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية وموافقة المدّعية العامة للمحكمة ببدء فتح التحقيق حول الاوضاع في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة ، والتي صدرت عن الحكومة الإسرائيلية ممثلة برئيسها وأعضائها والأحزاب السياسية وقيادة جيش الاحتلال، بأنها ردود فعل عصبية ومنفعلة، واتسمت بالعنف والبُعد عن المسؤولية ، وتجاوزت حدود مسؤوليات القيادة السياسية الإسرائيلية، خاصةً فيما يتعلق بالحديث عن "نزع شرعية المحكمة" واعتبرت الجامعة ان ذلك يمثل استمراراً لتعامل اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على أنها دولة فوق القانون وفوق المحاسبة والمساءلة كما أنه يمثل استهانة واستهتار بالمحكمة الدولية وبال123 دولة الموقّعة على نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية. وقالت الجامعة "قطاع فلسطين والاراضي العربية المحتلة " في مذكرة عممتها على المندوبيات والسفارات المختلفة ، ان الحملة الإسرائيلية التي بدأت توجّه ضد المحكمة والمدّعية العامة لا مبرر لها، حيث أن القضايا المطروحة عليها يتم تقييمها والتحقيق فيها بشفافية واستقلالية وتتم من خلال محامين وقضاة وخبراء في القانون الدولي وقد وضع أغلبية الأعضاء في المجتمع الدولي ثقتهم في المحكمة والقائمين عليها، ولا تمثّل ردود الفعل الإسرائيلية العنيفة وغير المسؤولة أو المبررة تفسيراً سوى أنَّ اسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تخشى أن تُتهم أو تتم إدانتها على ارتكابها جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني الذي تحتل أرضه بالقوة العسكرية وتمارس بحقه أبشع الانتهاكات والممارسات، منها على سبيل المثال لا الحصر، القتل والتهجير، والتشريد، وهدم البيوت، وفرض قيود على حرية الحركة، واعتقال وفرض قيود على حرية الوصول إلى أماكن العبادة، وان كانت اسرائيل دولة ديمقراطية ومحبّة للسلام وتقوم على العدالة كما يدّعي مسئولوها بين الفينة والأخرى، فما كان لها أن تتخوّف من فتح تحقيق "مستقل" و"شفّاف" و"محايد" لا يهدف إلا لتحقيق العدالة ومحاولة إنفاذ القانون الدولي لما فيه خير كافة الشعوب المسالمة والمحبّة للسلام. كما استنكرت الجامعة في مذكرتها تصريحات وزير خارجية اسرائيل افيجدور "ليبرمان" ،متسائلة كيف ينصّب نفسه قيّماً على الشعب الفلسطيني و يقرّر ويحدّد له قيادته ويحدد له متى ترحل هذه القيادة، وكذلك نوع السلطة الوطنية التي يرتضيها "ليبرمان" ويصرّح بنقل السكان وتهجيرهم ،معتبرة إن كل هذا يتعارض مع أبسط قواعد القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. ورصدت الجامعة ردود الفعل الاسرائيليه على انضمام فلسطين الى المحكمة الجنائية الدولية
حيث أعلنت المدّعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية "فاتو بنسودا" بدء الدراسة الأوليّة لاحتمال ارتكاب جرائم حرب في دولة فلسطين المُحتَلة بعد انضمامها للمحكمة، وذلك عقب توقّيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، رئيس دولة فلسطين، بتاريخ 31/12/2014 على نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية وقد اتّسمت ردود الفعل الإسرائيلية بالعنف وانتقاد المحكمة والعمل على نزع الشرعية عنها. وتخشى اسرائيل من انضمام فلسطين إلى المحكمة وإعلان المدّعية العامة ببدء الدراسة الأوليّة لاحتمال ارتكاب جرائم حرب في فلسطين، أن يقود إلى بدء تحقيق قضائي دولي يضع قيادات إسرائيلية أمام محاكم دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، ليس فقط في الحروب على غزة وإنما بالأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربيةالمحتلة وتعذيب الأسرى وتقييد الحريات. وقد حذّر خبراء إسرائيليون في القانون الدولي من أن التحقيق الذي أعلنت المدّعية العامة للمحكمة عن فتحه سيشمل اتهام القيادة السياسية الإسرائيلية بارتكاب جرائم حرب، وأن التحقيقات التي قد تنفذها المحكمة في المرحلة الأولى لا تشمل عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في المناطق المحتلة فقط وإنما ستشمل نشاط المستوى السياسي أيضاً الذي لا يخضع لصلاحيات ومسئوليات المدّعي العام العسكري الإسرائيلي، ولفت أحد هؤلاء الخبراء أن بمقدور المحكمة التحقيق في السياسات الثابتة لإسرائيل وليس بعمليات عسكرية كلاسيكية (تقليدية) بالضرورة. ومن بين ردود الفعل الإسرائيلية التي رصدتها مذكرة الجامعة ما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو": حيث قرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شنّ حملة دولية ل"نزع الشرعية" عن المحكمة والمدّعية العامة "بنسودا" رداً على انضمام فلسطين للمحكمة، وذلك بالرغم من توصية وزارة الخارجية الإسرائيلية لنتنياهو بعدم التعامل مع المحكمة و"بنسودا" وعدم مهاجمتهما بصورة مباشرة أو التعامل مع "بنسودا" على أنها عدوّ، وتأتي هذه التوصية من أجل العمل بهدوء وإقناع دول بارزة في العالم بمعارضة المحكمة ومعارضة فتح أي تحقيق، ومن منطلق أن أي مهاجمة للمحكمة والمدّعية من شأنه إلحاق أضرار بمصلحة اسرائيل ويجعل المدّعية "بنسودا" تصرّ على مواقفها، إلا أن "نتنياهو" رفض هذه التوصيات. كما هاجم "نتنياهو" قرار المدّعية العامة بفتح التحقيق باحتمالية ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلتين، وطلب من وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية "جون كيري" العمل ضد أي إجراءات قد تتخذها المحكمة الجنائية الدولية، وقال نتنياهو: "نرفض بشكل قاطع القرار المخزي الذي اتخذته المدّعية العامة، وان هذا الأمر مثير للغضب"، وأضاف :"إلى أي درجة من السخافة تدهورت المحكمة الدولية". وادّعى أن قرار المحكمة الدولية يُعتبر تشويهاً للعدالة بشكلٍ لا مثيل له، وقال: "إن الفلسطينيين يستغلون هذه المحكمة ضد دولة اليهود التي تحمي نفسها من اعتداءات الإرهاب الوحشي الموجّه للعالم أجمع، لا توجد سخافة أكبر من هذه". - كما أنه أعلن خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية أن "اسرائيل لن تسمح أن يمثل أحد جنودها أمام المحكمة، وأن اسرائيل ستراجع الدول المموّلة للمحكمة الجنائية الدولية بطلب قطع أو تقليص مساهماتها في عمل المحكمة".
اما وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي موشي يعلون فقد هاجم قرار المحكمة واعتبره قرار مخزي يساند الإرهاب بدلاً من محاربته (في إشارة للفلسطينيين).
اما وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان فقد هاجم فتح التحقيق الدولي ووصفه بأنه قرار استفزازي وأن هدفه هو محاولة المسّ بحق اسرائيل للدفاع عن نفسها من الإرهاب، وأن اسرائيل لن تقبل ذلك التحقيق وأعلن "ليبرمان" أنه سيوصّي بعدم التعاون معها أو مدّها بالمعلومات كما أعلن أن اسرائيل ستعمل مع المجتمع الدولي من أجل حلّ هذه المحكمة التي تمثل "النفاق". واعتبر "ليبرمان" أن السلطة الفلسطينية ليست دولة وبالتالي فانه لا يحق للمحكمة وفقاً لقواعدها إجراء تحقيق من هذا النوع وأضاف "يجب تفكيك السلطة الفلسطينية بصيغتها الحالية والبحث عن بديل ملائم لها بالتنسيق مع المجتمع الدولي، كما يجب عزل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس"، واستبعد تحقيق أي تقدّم في مفاوضات السلام بوجوده.
اما وزير الاقتصاد الإسرائيلي وزعيم حزب البيت اليهودي "نفتالي بانيت" الاستيطاني: فقد طالب بإطلاق مشاريع استيطانية جديدة في القدس والضفة الغربيةالمحتلة رداً على قرار المحكمة الجنائية الدولية.
اما زعيم حزب ميريتس اليساري الإسرائيلي "يوسي بيلين" فأكد انه لا يوجد مبرر للمخاوف الإسرائيلية من المحكمة، وأنها تبالغ في ردود فعلها تجاه انضمام دولة فلسطين لها وتجاه إعلان البدء في التحقيق التمهيدي في احتمالية ارتكاب جرائم حرب، حيث أن اسرائيل لم تنضم إلى "نظام روما الأساسي" الذي أنشأ المحكمة والذي وقّعته 120 دولة عام 1998، كما يرى "بيلين" أن خلال عمل المحكمة لم تبرهن على وجود مخاوف منها فهي بعيدة عن أن تشكّل محكمة ميدانية تحركها الدوافع السياسية، ويرى أنه وبدلاً من الخوف من المحكمة الدولية بإمكان "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط – في إشارة تهكّمية لإسرائيل" الانضمام إلى المنظمة التي كان لها الدور في إقامتها وأن تحيد بذلك التهديد الفلسطيني.