في الوقت الذي يطالب فيه الغالبية العظمى من الكتاب والنقاد والمثقفين بالإطاحة بالدكتور جابر عصفور وزير الثقافة، بسبب سوء الأداء الذي أثار إحباط المتابعين لأداء الوزارة وعملها، أرجع المراقبون ذلك إلى أن الوزارة بات يحكمها عدد من مراكز القوى والأشخاص الذين يحكمون الوزارة من خلف ستار . وبات اتخاذ القرار في وزارة الثقافة يمثل لغزا كبيرًا يحتاج إلى من يفك رموزه وطلاسمه التي أضحت عصية على الفهم وصار السؤال الذي يطرح نفسه في أعقاب كل قرار اختيار قيادة جديدة بالوزارة من يتخذ هذا القرار أو من يقف وراء هذه القيادة الجديدة ؟! فمن المعروف أن عصفور يعد أكثر القيادات الموجودة بالثقافة خبرة وحنكة وتجربة واحتكاكا بالواقع الثقافي ورغم ذلك فوجئ المتابعون لسياساته بعد توليه الوزارة بأنها تعتمد على إعادة الوزارة للمربع صفر، حيث الانتصار للشللية، ولأصحاب الثقة على أصحاب الكفاءة، وللحرس القديم أمثال على أبو شادي وفاطمة المعدول وعصام السيد وفوزي فهمي وغيرهم ممن يحلمون بأن يضعوا أيديهم على كل أركان الوزارة لتحقيق أهدافهم الخاصة، وبما أنهم أصدقاء عصفور القدماء فإنهم أصبحوا مراكز قوي لا يستهان بها في الوزارة، فيغيرون من لا يروق لهم ويطيحون بمن لا يعجبهم شكله ويأتون بمن يحلو لهم من نفس شلتهم، ويبسطون أيديهم على مجريات الأمور داخل المؤسسات الثقافية، من خلال تمكين أصدقائهم في مناصب قيادية ليكونوا عجينة طيعة في أيديهم حتى ينجزوا مصالحهم داخل الوزارة، وكأنهم بالضبط لم يخرجوا من الخدمة. لدرجة أصبحت معها الوزارة مثارا للنميمة وبات الجميع في حالة لخبطة شديدة ينتظرون كل مطلع شمس فقرة جديدة في فرع السيرك القومي الجديد الكائن في 2 ش شجرة الدر مقر وزارة الثقافة، وهنا يجب أن ننبه أن هذا الموضوع يكشف ما يحدث في الغرف المغلقة دون أن يكون هناك دليل مادي سوى تأكيد المصادر الموثوق منها في الوزارة . محمد أبو سعدة يعتبر محمد أبو سعدة، رئيس صندوق التنمية الثقافية الرجل الأقوى أو سوبر مان وزارة الثقافة فبعد أن تعالت أصوات المثقفين المطالبة بالإطاحة به، بسبب فشله الذريع في إدارة الصندوق منذ أيام فاروق حسنى وحتى خلال فترة الدكتور صابر عرب في الوزارة، ونجح المثقفون في إبعاده واستبداله بالمخرج خالد جلال الذى نجح في إحداث طفرة حقيقية للصندوق في ثلاثة أشهر فقط هي مدة رئاسته للصندوق، تجلى ذلك في مشروع عودة الروح وهو مشروع يصلح أن يكون قومي أعاد فيه المسرح الجامعي للوجود بعد طول ممات، وكان يمكن لهذا المشروع أن يكون طفرة حقيقية في تاريخ الوزارة، لولا إعادة الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة، أبو سعدة لرئاسة الصندوق، ومن ثم إعادة دولة فاروق حسنى مرة أخرى باعتبار صندوق التنمية الثقافية بيت الهدايا والعطايا الذى يرسخ لمفهوم الحظيرة فمن رضيت عنة الوزارة تم دعمه من الصندوق، ومن غضبت عنه حرم من العطايا، ولا يستطيع أحد أن ينفذ ذلك سوى أبو سعدة، ذلك المهندس المعماري الذى لا يمت بصلة للثقافة. فوزي فهمي اللافت في خبايا وكواليس الوزارة أن الرمال التي يقف عليها الجميع متحركة ومتغيرة وأن البساط سريعا ما يتم سحبه من تحت أقدام الزبون دون أن يدري أو يشعر، ذلك أن حتى أنصار عصفور أنفسهم ليسوا شلة واحدة وإنما شلل تتضارب مصالحهم أحيانا كثيرة وهو ما حدث عندما التقى عصفور بالدكتور سيد خطاب ليرأس المركز القومي للمسرح وحسب المعلومات المتاحة فقد أصدر عصفور قرارا وزاريا بذلك، بناء على ترشيح من فاطمة المعدول، وكان من المقرر أن يذهب خطاب لممارسة عمله صباح اليوم التالي لذلك القرار لولا علم الدكتور فوزي فهمي بهذا القرار واتصاله بعصفور وإقناعه أن يختار المخرج عاصم نجاتي رئيسا للمركز على أن يرى منصبا آخر لخطاب، وهو ما حدث بالفعل فبعد حوالي عشرة أيام من ذلك الموقف كان خطاب رئيسا للبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية محل الفنان عماد سعيد . على أبو شادي تغول الناقد علي أبو شادي الذي كان يحتل 9 مناصب بينها إدارة المركز القومي للسينما والرقابة علي المصنفات ومهرجان الإسماعيلية والمهرجان القومي للسينما وغيرها، ثم تواري بعد الثورة كونه أحد رجال فاروق حسني، لنفاجأ بأن صابر عرب ومن بعده جابر عصفور يعيدانه مجددا إلي الصدارة، ليهيمن على لجنة المهرجانات التي استولت علي كل اختصاصات وصلاحيات المؤسسات الثقافية الفاعلة، بل هو أيضا عضو بمجلس إدارة صندوق التنمية الثقافية، في تحد واضح للجميع، كما أصر على تعيين الناقد وليد سيف رئيسا للمركز القومي للسينما وهو ناقد سينمائي له ثقله وتاريخه ناصع البياض ولكنه أحد رجال أبو شادي، حتى يضمن الجانب الأكبر من كعكة المهرجانات والدعم الذي تقدمه الوزارة للسينما، وكانت خطة أبو شادي تتمثل في أن يتم ترشيح سيف عبر د. سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون . فاطمة المعدول تعد فاطمة المعدول الصديقة الشخصية لسوزان مبارك، وتولت رئاسة قطاع الإنتاج الثقافي في عهد فاروق حسنى، ومازالت تسيطر على الوزارة، دون أن يعلم أحد مصدر قوتها ونفوذها، حيث نجحت في أن تفرض صديقها المخرج ناصر عبد المنعم رئيسا لقطاع الإنتاج الثقافي، وقد ظهرت الخلافات جلية بينها وبين عصفور بعد تقديم عبد المنعم استقالته لعدم التورط في قضية المسرح القومي، واللافت في الموضوع أن عبد المنعم كان السبب الرئيسي في الإطاحة بالدكتور عماد سعيد، رئيس البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية ليتم استبداله بالدكتور سيد خطاب رغم النجاحات الكبيرة التي حققها عماد سعيد ففي أول مرة في تاريخ البيت يحقق إيرادات مليونية في موسم واحد وهو أمر غير مسبوق بعد أن كانت الإيرادات لا تتجاوز عشرات الآلاف .