تراكم القمامة وعدم الاهتمام بنظافة المكان وتهالك الصرف الصحي.. الرعاية الطبية معدومة ولايوجد أنشطة للاطفال.. إهمال الادارة والاعتداءات المتكررة تسببت في هروب الاطفال.. الأطفال يطالبون بتغير المسؤولين عن الدار بآخرين يعرفون حقوقهم.. عندما تتجول داخل دار الرعاية الاجتماعية للبنين بطنطا، تكتشف حجم الإهمال والمعاناة التي يعيشها الأطفال المقيمين بالدار، وترى بعينك انعدام الرقابة من القائمين على الدار، والمكلّفين بحماية الأطفال الأيتام التي من المفترض أن يكونوا سببًا لتخفيف آلامهم وأوجاعهم. الواقع عكس ذلك تمامًا، فقد زادت معاناة الأطفال داخل الدار نتيجة الاعتداء عليهم ومعاملتهم معاملة غير إنسانية، تتمثل في الضرب المبرح والحرمان من المصروف. وتختلف صور ومظاهر الإهمال داخل الدار بداية من عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية للأطفال، مرورًا بعدم نظافة المكان، وعندما تتجول داخل عنابر النوم، تجد زجاج نوافذ العنابر محطّمة، والأسرّة ودواليب الملابس مُهملة وغير صالحة للاستخدام، والحمامات غير نظيفة، إضافة إلى تهالك شبكة الصرف الصحي، ما يُعرّض حياة الأطفال للخطر، ويؤدّي إلى انتشار الأمراض والأوبئة المعدية بين الأطفال. أمّا غرفة إعداد الطعام «المطبخ» فغير نظيف تمامًا، وتتراكم في جوانبه القمامة والقذورات والحشرات، فضلاً عن عدم الاهتمام بالطعام المُقدّم للأطفال، فتجده عُرضةً للتلوث، مما يضرّ بهولاء الأطفال . IMG_2082 وبالنسبة للرعاية الطبيّة فحدّث ولا حرج، فليست هناك وحدة طبية داخل الدار، ولا حتى طبيب، مما يعرّض حياة الأطفال إلى الخطر، خصوصًا من الأمراض المعدية نتيجة عدم النظافة وانتشار البكتريا، ولا يوجود أخصائي نفسي لمتابعة الأطفال لضمان تأهيلهم للقيام بدورهم في المجتمع. عندما تتجول في الدّار، تجد كل غرف الأنشطة مُغلقة، وبسؤال الأطفال قالوا إنهم لم يمارسوا أي نوع من الأنشطة، وحجراتها مُغلقة، ولا يعرفون ما يوجد بداخلها، وكل الأنشطة معطّلة، سواء الرياضية أوالاجتماعية، علاوة على غلق المسرح، وعدم وجود أي فعاليات تربوية وتثقيفية أو تكنولوجية. وقال عددٌ من الطلاب المقيمين في الدار-الذين يدرسون بمراحل التعليم المختلفة- إنهم قاموا بالعمل في ورش خاصة لكي يستيطعوا الإنفاق على أنفسهم في التعليم، وقالوا إن البعض الآخر هربوا من الدار نتيجة الاعتداءات المتكررة عليهم، وتوجهوا إلى الشارع، وتوجّهوا للانحراف نتيجة اعتقادهم أن الدار تخلّت عنهم. وطلب الأطفال من النزلاء والمسؤولين الحكوميين ومنظمات حقوق الإنسان؛ ضرورة تغيير مسؤولي الدار بآخرين يعرفون حقوق الطفل ويحترمونها. اشتكى موظفون الدار من جانبهم، من عدم صرف العلاوات السنوية، وخصم منحة تقدر ب300 جنيه من رواتبهم وإدعاء إدارة الدار بأنها ستهدم، وليس بها مكان، وسيتم نقل الأبناء إلى مدينة المحلة الكبرى . وعن التجاوزات التي تحدث داخل الدار، يقول أحمد حسن -مشرف بالدار- إن الإدارة خالفت القانون، وأسند الإشراف على الابناء لعامل تم تغيير عقده إلى مشرف، مع العلم أنه غير متعلم ولايحمل أي مؤهل، وبالرغم من وجود قرار من الوزارة باستبعاده لسوء معاملته للأطفال وعدم قدرته على التعامل معهم، خاصة وأنه لايجيد القراءة والكتابة، واتُّهم بالإهمال المفرط . ويقول حسن إن مجلس الإدارة خالف التعليمات واللوائح والقانون، وعيّن مديرًا للمؤسسة على المعاش، واشتكى من تأخر اجتماعات اللّجنة المشرفة على الدار، وعدم حضور مندوب من الشؤون الاجتماعية باللجنة، وأنه لا يوجد ما يعرف بتقسيم الأطفال وفقًا للمراحل العمرية. يقول الدكتور خالد الوكيل -أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر- عن قضية الإهمال داخل دور الرعاية الاجتماعية، إن السبب الرئيسي في ذلك، غياب الدور الرقابي للشؤون الاجتماعية والدور المجتمعي للمؤسسات الحقوقية. مشيرًا إلى ضرورة وجود رقابة مستمرة من قبل الشؤون الاجتماعية ووزارة التضامن الاجتماعي على تلك الدور، وتعيين عددًا من المراقبين المؤهلين من قبل الشئون الاجتماعية على دور الأيتام، لمراقبة وضع النزلاء، والإدارة أولاً بأول، لأنه إذا لم يحدث ذلك، فسوف يهرب الأطفال نتيجة الإهمال والاعتداءات المتكررة التي يتعرضون لها، ويتّجهون إلى الشارع، ويصبحون خطرًا يهدّد المجتمع.