قد تضطر الظروف الفقراء البسطاء من أبناء المجتمع المصرى إلى التخلي عن كثير من عناصر الأمان التى لابد من توافرها فى حياتهم بشكل عام، مما يضطرهم للوقوع ضحية للموت أو المرض. المأساة التي أمامنا اليوم تصور لنا ما حدث لأهالي منوف وسرس الليان والمتمثلة فى حادثتين مروعتين، راح خلالهما ضحايا وأصيب أبرياء، والمتهم الأول والأخير فى هذه الجرائم كل من" الإرهاب والإهمال والفقر والحاجة".. في السطور التالية نحاول سرد معاناة أهالى أبرياء بسطاء لم يرتكبوا جريمة سوى أنهم فقراء! فى البداية كان حادث انفجار أنبوبة بوتاجاز، حيث استيقظ أهالي قرية "درب حجاج" التابعة لسرس الليان بمحافظة المنوفية الأسبوع الماضى على صوت انفجار مزعج، وكعادة البسطاء من أهالى القرية، أسرعوا إلى صوت الانفجار، لنجدة ملهوف ربما يحتاج مساعدتهم، ليجدوا حريقا هائلا بأحد منازل القرية، حيث انفجرت أنبوبة بوتاجاز بأحد العقارات البسيطة المكونة من طابقين على مساحة لا تتعدى 70مترا، وعلى الفور أسرع الأهالى بإبلاغ قوات الحماية المدنية التى تمكنت من السيطرة على الحريق الهائل، ولكن الحريق لم يكن قد توقف عند هذا الحد، لكنه امتد إلى منزلين مجاورين آخرين. لم يجد الحريق أمامه إلا أجساد الفقراء ليلتهمها ويصيبها بحروق شديدة وصلت نسبتها إلى 50%، وتم نقل 3 مصابين إلى مستشفى سرس الليان العام، وخمسة آخرين إلى مستشفى شبين الكوم التعليمي، قسم الحروق لخطورة حالتهم، حيث أصيب "خالد محمود خليف" 40 عاما الذى طالبته مستشفى الجامعة بدفع ألف جنية ثمنا لعلاجه، وزوجته رضا عبد المقصود عبود 35 ونجلاهما أحمد، 12 سنة، ومريم 8 سنوات، الذين تم إخراجهم من تحت الأنقاض، هم وثلاثة من الجيران .. الحريق نتج عن فقر وجهل من الأهالى الذين اضطرتهم الحياة للعيش تحت خط الفقر، وهي نفسها الحياة التي لم تتوقف عن مفاجأتهم، فبعد أن توجه المصابون إلى المستشفى لتلقى العلاج، فوجئوا بالمستشفى العام يطالبهم بسداد مبلغ ألف جنيه تحت الحساب، غير مراعين لحالتهم، وظروفهم. وقام أحد أبناء سرس الليان «الحاج مكاوى زايد الجمال» بالتبرع بشقتين لوكس لنقل أسر المصابين ولولا تدخل أسامة شرشر ابن سرس الليان مع الأهالى والاتصال بالمحافظ الدكتور أحمد شيرين فوزى وبعدها تحرك المسئولين وذهب اللواء أسامة فراج سكرتير عام محافظة المنوفية واللواء عبد الرحمن زينه ورئيس مجلس مدينة سرس الليان لزيارة المصابين. الإرهاب لأول مرة فى منوف الواقعة الثانية التى هزت مدينة منوف لأنها الأولى من نوعها.. قطار الغلابة، هكذا يطلقون عليه لأنه يحمل فى عرباته "ملح الأرض" كما يطلق عليهم، بائعون وبسطاء يحملون بضائعهم يتجهون بها من قرى منوف إلى القاهرة ليعودوا فى نفس اليوم ليلا بعد أن يكونوا باعوا ما معهم وعادوا بعشرات الجنيهات يسدون به رمق أبنائهم، ولكن الإرهاب لا دين له والإرهابيون لا قلب لهم، إذ إنهم انتقلوا من استهداف الجنود على الحدود، إلى استهداف البسطاء في محافظات جديدة لم ترَ الإرهاب من قبل. ويبدو أن محافظة المنوفية أصبحت من المحافظات المستهدفة في عمليات العنف والتفجير الأخيرة التي تجتاح محافظات الجمهورية، والسبب أنها كانت من المحافظات المليونية فى التصويت على الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس السيسي وسبق العرس التصويتى فى الانتخابات خروج مذهل لأهلها فى ثورة 30يونيو, الأمر الذى جعل الإرهاب الأسود يدبر ويكيد للانتقام من أبناء المحافظة، ففى ذلك اليوم استيقظت مدينة منوف على انفجار داخل قطار بمحطة مدينة منوف أدى إلى مصرع أربعة أشخاص وإصابة 12 آخرين. وتجمع المئات من الأهالي أمام محطة قطار منوف وأمام المستشفى العام في حالة استياء شديد من الحادث الذي لم تعهد منوف مثله من قبل، وقامت النيابة العامة بمعاينة مكان الحادث فيما قامت قوات الشرطة بتمشيط المنطقة حيث تم العثور على قنبلة أخرى لم تنفجر وتم تفكيكها. وأسفر الحادث عن مصرع كل من "حسن فتحي عمارة 45 سنة" مقيم بالعامرة متأثرًا بإصابته عقب تحويله إلى مستشفى شبين الكوم التعليمي، و"محمد عبد المقصود الخولي" أمين شرطة من قوة الحماية المدنية، و"أحمد كمال مسعود" أمين شرطة في شرطة النقل والمواصلات و"أمين السيد الحداد 52 سنة" محلة منوف، واكتست المحافظة بالسواد بعد أن شيع آلاف من الأهالي القتلى وعلى رأسهم محمد عبد المقصود الخولى أمين شرطة بالحماية المدنية، الذي تم تكليفه بتمشيط القطار والبحث عن القنبلة التي تم التبليغ عنها دون أن يكون بحوزته أى أجهزة أو سيارة كشف المتفجرات، حيث تم تشييع جثمانه في جنازة عسكرية مهيبة خرجت من مسجد البرقى بقريته وصولا إلى مدافن العائلة. أما والدته الحاجة نفيسة فلم تقل شيئا سوى "ربنا يعوض علينا حرموني منك ينور عنينا ربنا ينتقم منهم.. وفى مدينة الباجور أقيمت جنازة عسكرية للشهيد أحمد كمال مسعود أمين شرطة بإدارة النقل والمواصلات، من المسجد الكبير للقرية, وتحولت الجنازة إلى مظاهرة ضد الإرهاب. وأكد محمد جمال من أهالي القرية أن القتيل متزوج ولديه 3 أولاد، وائل 8 سنوات في الصف الثاني الابتدائي، جنى 5 سنوات، عمر 3سنوات، وكان ينتظر مولودًا جديدًا.. ممتاز فهمى.. شكرا في حالات الألم والكوارث يولد الرجال وتظهر المواقف ويكون المسئول تحت دائرة الضوء الشعبي.. هذه ليست مجاملة ولكنها الحقيقة التي استشعرها المواطن المنوفي بعد تولي ممتاز فهمي مديرا لأمن المنوفية، وهو - بالمناسبة- أصغر مدير أمن على مستوى الجمهورية، استطاع في خلال 3 أشهر أن يغير من خارطة التواجد الأمني في المنوفية ويقتحم المشكلات ويجد لها الحلول السريعة، وهي مشكلات لم يجرؤ مدير أمن سابق على الاقتراب منها، مثل مشكلة الإشغالات في مراكز المنوفية والغياب الأمني، فاستعادت الشرطة ثقة المواطن المنوفي في زمن قياسي ويعاونه في ذلك أكفأ مدير مباحث اللواء جمال شكري ورجاله الذين أصبحوا مصدر ثقة للمواطنين ..هذه رسالة لوزير الداخلية أن الرجل الكفء والمناسب يستحق الإشادة والتقدير والتكريم الشعبي لوجه الله..