هدأت قاعة "محاكمة القرن" وغادر الجميع كل إلى وجهته، ذهب العادلى إلى السجن برفقة نجلى مبارك وذهب مساعدوه إلى منازلهم وأقلعت طائرة مبارك عائدة به إلى مستشفى المعادى العسكرى، وذهب أهالى الشهداء يحملون صورا هى كل ما تبقى من أبنائهم فى انتظار الحكم بعد 62 يوما من الآن.. الحكم الذى سيكون إما إنصافا لمظلومين أو قصاصا من ظالمين. وذلك بعد قرار مفاجئ اتخذته محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدى، بتأجيل الحكم فى قضية القرن المتهم فيها الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته اللواء حبيب العادلى ومساعديه لجلسة 29 نوفمبر لمزيد من الدراسة والفحص. وقبل قرار تأجيل الحكم وفور اعتلاء المحكمة المنصة، تحدث المستشار محمود الرشيدي بعد قسمه باسم الله الحق وباسم الشعب قائلا إن "القضاء والاقتناع بعدم القضاء في نظري المتواضع يقوم على شيئين مظهر وجوهر، في المظهر تلتزم المحكمة بقانون الإجراءات القضائية وتطبقه، وتستعين في بعض الحالات بما يسمى أدبيات القضاء، في الأدبيات يجب في نظري أن توجد في لحظة النطق بالحكم على المنصة أوراق القضية الأصلية، لتدلل للمواطن والمتقاضي أن المحكمة فرغت من نظر القضية". وأضاف قاضي المحكمة أنه "كان من الصعب نقل جميع أوراق القضية التي تضم 160 ألف ورقة"، مشيرا إلى أنه لن يصدر حكما إلا إذا كتب الأسباب أولا، موضحا أن أسباب الحكم تلخصت فيما يقرب من 2000 ورقة تم وضعها خلال 44 يوما. وأكد أنه لم يكن من الممكن أن يقف هو وزملاؤه أمام محراب العدالة بدون هذه الأسباب لأنها قضية وطن، لذلك وعملا بالمادة 14 من قانون العقوبات قررت المحكمة مد أجل الحكم إلى جلسة 29 نوفمبر. وقبل ذلك بحوالى خمسة عشر دقيقة هى الوقت الذى قضاه نجلا مبارك والعادلى بقفص الاتهام قبل أن يلحق بهم الرئيس الأسبق، حيث بدا مبارك بنظارته الشمسية هادئا مخفيا خلفها أى مشاعر، ونجله جمال يهمس فى أذنه بين الحين والآخر، أما نجله علاء فقد بدا فى عالم بعيد تتحرك شفتاه بالدعاء إلى الله. وكان المشهد العام داخل القفص والقاعة متوترا فى انتظار قرار حاسم ومصيرى من المحكمة، فى حين وقف أهالى الشهداء وأنصار مبارك فى الخارج كل منهم ينتظر ما يثلج به صدره، ورغم أنه لم يصدر حكم فى القضية إلا أنه نشبت مشادات بسبب قرار التأجيل فكل طرف أصابته حالة من الإحباط. كان فريق الدفاع الكويتى المتطوع للدفاع عن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وصل فى بداية الجلسة الأخيرة، ذلك الفريق الذى طلب الدفاع عنه منذ أولى جلسات محاكمته، إلا أن مبارك شكرهم وترك الأمر برمته فى يد دفاعه المحامى فريد الديب. وقد أكد المحامى الكويتى فيصل العيبى، أحد أعضاء الهيئة، أنهم واثقون من براءة مبارك بنسبة 99%، وأن الحكم سواء بالإدانة أو البراءة فهو إرادة من الله. ظهر أيضا فى الصورة الفنان تامر عبد المنعم واللاعب السابق مصطفى يونس داخل قاعة المحاكمة انتظارا لحكم البراءة لمبارك. عقب قرار التأجيل أكد محمد الجندى، دفاع المتهم حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، أن المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على انتهاء الدعوى بوفاة المتهم ولا يمنع ذلك من الحكم بالمصادرة فى الحالة المنصوص عليها من الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات إذا حدثت الوفاة أثناء نظر الدعوى. وقال الجندى إنه "إذا حدثت وفاة لأحد المتهمين فى هذه القضية كما تداولت وسائل الإعلام عن الحالة الصحية للرئيس مبارك وأن حالته فى تدهور مستمر وقد يتعرض للوفاة فى أى وقت، فهذا لا يمنع المحكمة من أن تبين فى أسباب حكمها إن كان بريئا أو مدانا وأن تقضى بالمصادرة فى حالة الاتهام المالى، ولا يمنع ذلك من الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم، وذلك حتى لا يكون هناك ضغط أيا كان مقداره على المحكمة فى حكمها أو تأثير على قرارها". وأضاف: "لأجل ذلك قامت المحكمة بمد أجل لحكم لجلسة 29 نوفمبر حتى الانتهاء تماما من كتابة أسبابها، حيث إن المستشار رئيس المحكمة لا يريد أن يخرج بالحكم ثم يكتب أسبابه، بل يأتى بالحكم والأسباب معا فى جلسة واحدة، وإن كان القانون أعطاه 30 يوما، إلا أن القاضى رأى أن يأتى بالحكم والأسباب فى جلسة واحدة، وإذا ما حدثت وفاة لأحد المتهمين خلال حجز القضية للحكم، فإنها سوف توضح أسبابها فى الحكم الذى كان سوف يصدر على المتهم ليعلم الشعب جميعا براءته أو إدانته".