"مش مهم تفتكرونى بعد ما أموت.. المهم تفتكرونى وأنا عايش و لسه فيا النبض"، كانت تلك الكلمات البسيطة من آخر ما قال هشام رزق، أحد رسامي أوجه الشهداء على حوائط شارع محمد محمود، قبل أن يختفي بعيدًا عن أصدقائه وأسرته لمدة أسبوع، ليجدوه بعدها فاقدًا للنبض على طاولة باردة بمشرحة زينهم. "هشام رزق" الطالب في السنة الأولى بكلية التربية الفنية وعضو حركة شباب 6 إبريل و حركة شباب من أجل الحرية و العدالة وأحد أعضاء رابطة فناني الثورة ورسامي الجرافيتي بشارع محمد محمود، والذي أكد معظم رفاقه أنه أبدًا لم يترك فعالية ثورية أو مسيرة احتجاجية إلا وكان مشاركًا فيها، يرافقه أصدقاؤه اليوم في آخر مسيرة له، وليس بيدهم سوى تقرير من الطب الشرعي يؤكد أن رفيقهم مات غرقًا بنهر النيل، ويشاركونه اللحظات الأخيرة قبل أن يواريه التراب بمدافن أسرته بالمنوفية مركز قويسنا، ليقدموا العزاء لأسرته بعدها في منزله بشبرا الخيمة. ويصف هشام نفسه قائلاً: "فنان تشكيلي وفيلسوف سأبقى أرسم وإن انتهت ألواني سأرسم بدمي، لي الفخر إني أنتمي لتلك الطبقة الكادحة في مجتمعنا المصري.. لا أخجل من كوني أعيش في مكان فقير أو من كوني فقير ماديًا، ولكن لعلني أكون ذلك الرجل المنتظر.. أنا ميت باستشهادي سأعود للقيام"، موجهًا رسالة إلى أصحابه: "لا تحزنوا يا رفاق إن كنت من الشهداء فإني اصطفيت". ولم يكن رسام الجرافيتي الصغير فقط وإنما كانت لديه الكثير من رسومات الكاريكاتير التي عبر خلالها عن أوضاع بلاده السياسية، فكانت آخر رسمة له يجسد خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية وحوله عشرات الجماجم ليكتب بجانبه "السيسي رئيسًا للجمهورية بنسبة 4000 قتيل".