يتوجه الاتراك في 30 مارس/آذار الى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات البلدية، التي من المتوقع أن تكون امتحانا صعباً لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وللمعارضة، على حد سواء. ويرى المتابعون للشؤون التركية أن هذه الانتخابات بعيدة كل البعد عن ان تكون انتخابات بلدية فحسب ، اذ يخيم عليها جو استفتاء على مستقبل اردوغان السياسي وعلى شعبيته وعلى حزبه الحاكم. . ويشار الى أن هذه الانتخابات أول اختبار في صندوق الاقتراع لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، منذ اندلاع مظاهرات مناهضة للحكومة في الصيف الماضي، وبعد فضيحة فساد كبيرة تفجرت في ديسمبر الماضي، وشهدت تدفقاً مستمراً لتسجيلات مسربة على مواقع التواصل الاجتماعي تكشف عن فساد في حكومة اردوغان. وحجبت الحكومة مؤخرا موقعي "تويتر" و"يوتيوب"، إثر تسريب تسجيل صوتي نُسب إلى وزير الخارجية أحمد داود أوغلو ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان ومسؤولَين آخرَين يناقشون سبل دعم المعارضة السورية المسلحة ودور الجيش التركي في تدخل عسكري محتمل في سورية لحماية ضريح سليمان شاه جدّ مؤسس الإمبراطورية العثمانية. واعتبر أردوغان أن نشر تسجيل ل "اجتماع حول أمننا القومي عمل دنيء وجبان ولاأخلاقي ويشكّل خيانة للأمانة" وبهذا الشأن اعتبر الباحث التركي سينان أولجن من مركز إيدام للأبحاث في اسطنبول ان اردوغان "استراتيجيته بسيطة، وهي غسل اتهامات الفساد في صناديق الاقتراع". ففي حال حقق حزب أردوغان فوزاً كبيراً الأحد فإن ذلك قد يشجع رئيس الوزراء على الترشح للانتخابات الرئاسية في 10 أغسطس/آب والتي ستجري لأول مرة بالاقتراع المباشر العام . وفي هذا الصدد رأى برنت ساسلي الخبير السياسي في جامعة تكساس الأميركية: إن "أردوغان رجل سياسي ماهر ولا يزال يمارس تأثيرا شديداً على كل المؤسسات التركية" مضيفاً "من الصعب تقدير حجم التراجع الذي سيسجله، لكن الفرص ضئيلة بأن يؤدي إلى ضرب شعبيته". وذهب أردوغان بالقول علنا أنه سينسحب من الحياة السياسية إذا لم يخرج حزب العدالة والتنمية مساء الأحد متصدراً نتائج الانتخابات، ما يعكس ثقة كاملة بنفسه. ففي حال انتقال العاصمة أنقرة أو مدينة اسطنبول، حيث انطلقت مسيرة أردوغان السياسية كرئيس لبلديتها، إلى المعارضة، وهو ما يعتبر ممكناً، فإن ذلك سيكون بمثابة فشل شخصي سينعكس حتماً على مستقبله. ولفتت نيويورك تايمز الأمريكية إلى أن أردوغان يراهن في حملته الانتخابية على أنصاره من إخوان مدينة إسطنبول، وقال أردوغان خلال حملته الدعائية: "من سيفوز بإسطنبول سيفوز بتركيا". وكانت الاحتجاجات قد عمت انحاء كثيرة من تركيا يوم 12 مارس لتشمل 32 مدينة وبلدة تركية على الأقل، وتحولت المظاهرات في العديد من الأماكن الى اشتباكات مع الشرطة، تعتبر الأعنف منذ موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة التركية الصيف الماضي. وشهدت اسطنبول أعنف الاشتباكات، وذلك بعد تشييع الفتى بركين آلفان (15 عاما) الذي توفي متأثرا بجروح أصيب بها في يونيو الماضي خلال مظاهرات مناهضة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. واستخدمت الشرطة خراطيم المياه وأطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المحتجين في شوارع اسطنبول الرئيسية، إذ كان عشرات الآلاف يحاولون الوصول الى "ميدان تقسيم" الذي أصبح رمزا لاحتجاجات الصيف الماضي. كما اندلعت اشتباكات في وسط أنقرة، حيث اعتقلت الشرطة عددا من المحتجين . وينحصر التنافس في إسطنبول بين رئيس البلدية الحالي قدير طوب باش من حزب العدالة والتنمية الحاكم ومصطفى سيرغل من حزب الشعب الجمهوري المعارض