يحفل تاريخ العسكرية المصرية بالكثير من الابطال الذي ضحوا بأنفسهم فى سبيل تحرير الاراضى المصرية من بين هؤلاء الابطال الفريق عبد المنعم رياض الذى سيظل اسمه محفورا فى ذاكرة المصريين . هذا البطل الذهبى الذى فضل الشهادة والموت بين أحضان جنوده على جبهة القتال بعد ان تلقى رصاصة غدر من العدو الصهيونى فى معركة العزة والكرامة . الشهيد البطل لم يتزوج وظل راهبا على الجبهة واكتفى فقط بالارتباط بالارض المصرية حتى يتم تحريرها . الفريق محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله ولد في قرية سبرباي إحدى ضواحي مدينة طنطا محافظة الغربية في 22 أكتوبر 1919، ونزحت أسرته من الفيوم، وكان جده عبد الله طه على الرزيقي من أعيان الفيوم، وكان والده القائم مقام (رتبة عقيد حاليًا) محمد رياض عبد الله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية والتي تخرجت على يديه الكثيرون من قادة المؤسسة العسكرية. كان عبدالمنعم رياض طفلا ذكيا نشيطا لماحًا يمتاز بحب الاستطلاع والاكتشاف؛ مما جعله يسبق أقرانه في تفوقه العمرى بمراحل، وكان والده يتنبأ له بمستقبل باهر، وكان يوجه أسئلة كثيرة لأبيه عن عمله وعن حياته العسكرية. كان عبدالمنعم رياض يذهب للكتاب، ويحفظ أجزاءً من القرآن، وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1931، من مدرسة الرمل بالإسكندرية، وتوفى والده وهو ما زال في الثانية عشرة من عمره، وتولى مسئولية رعاية والده. في 9 أبريل 1958 سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وقد لقب هناك بالجنرال الذهبي. حقق الفريق انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس وذلك في آخر يونيو 1967، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968 وتدمير 60% من تحصينات خط برليف الذي تحول من خط دفاعي إلى مجرد إنذار مبكر. صمم الخطة (200) الحربية التي كانت الأصل في الخطة (جرانيت) التي طُورت بعد ذلك لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت مسمى (بدر). وأشرف الفريق على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969 موعداً لبدء تنفيذ الخطة، وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف واسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973. وفي صبيحة اليوم التالي قرر الفريق أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن كثب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق. ويشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة الفريق، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها الفريق بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه من أقواله المأثورة: - كن دائما بين جنودك في السلم ومعهم في الصفوف الأمامية في الحرب. - حافظ دائما على مسافة كبيرة بينك وبين كل مرءوسيك في تحصيلك ووعيك بالعلم العسكري. - كن قدوة صادقة لجنودك. - احمل معك ميزانا حساسا للثواب والعقاب. - اهتم بشئون جنودك ومشاعرهم. - لا تجعل جنودك حتى في أحلك الظروف واللحظات، يرون عليك علامات القلق والارتباك. - لاتسرع في قراراتك وحينما تقرر لاتتراجع ولا تتردد. - لا تكن تقليديا أو نمطيا واسعَ للإبداع والابتكار. - لاتتكبر ولاترفع الكلفة. - دوِّن خواطرك وتأملاتك في لحظتها. - لاتنس أبدا أن معظم النار من مستصغر الشرر. - وقال أيضًا: أخطاء الصغار صغيرة ويمكن معالجتها، مادامت بغير قصد، وحتى في حدود ممارستهم لحق التجربة والخطأ، أما أخطاء الكبار، فإنها دائمًا كبيرة، وقال ذلك عندما كان ينتقد بعض القادة، وخاصة بعد هزيمة يونيو 1967م.