فتاة مصرية من نبت تلك الأرض الطاهرة ، ، نموذج حى للفتاة المصرية المعاصرة تجمع بين الأصالة والمعاصرة ، عاشقة للحرف والكلمة ، خرجت على الجمهور مؤخراً بكتاب «هات من الآخر» لنقد كافة السلبيات المتواجدة بين صفوف المصريين واليوم نحاورها لمعرفة المزيد من التفاصيل وإلقاء الضوء على هذه التجربة وحول رؤيتها للإبداع والمبدعين ودوره فى هذه المرحلة من تاريخ الوطن فإلى التفاصيل.. من أنت؟ - مواطنة مصرية، كاتبة، درست الإخراج بعد دراسة الجامعة لأعمل بالسينما الوثائقية فى عدة أعمال كمساعد مخرج، ولى من الأفلام «واحد قبطى» وهو على وشك الاكتمال قريبا ان شاء الله. كتابك الأول «هات م الآخر» ما هو تصنيفك الأدبى له؟ ولماذا هذا الاسم؟ - «هات م الآخر» هو مدون ساخر، لأنه عبارة عن خلاصة بعض التجارب الشخصية التى عايشتها وأخرى تعايشت معها من خلال أشخاص أعرفهم شخصيا أو لا أعرفهم على الإطلاق كما ذكرت فى مقدمة الكتاب فهى تجارب أفرج عنها لتكون ضمن مشوار الحياة القصير، اسم المدون كان حث القارئ لاختصارا لأى تطويل نمطى فى أسلوب حياتنا دون أسباب مفهومة، بدءا من طريقة التفكير والتصرفات واتباع المناهج الغريبة على مصرنا دون التعمق فى نتائجها والغرض منها. هل هناك ما يسمى بالكتابة النسوية فى مصر؟ - أحب أن يتميز الدور النسائى فى مصر عموما وليس فى الكتابة فقط، وأفرح كثيرا لظهور عمل أدبى مميز لأى كاتبة فى مصر أو الوطن العربى فى العموم، لكنى لا أحب أن نعنصر الكتابة فتكون مرة نسوية ومرة رجولية، الكتابة هى العمل الأدبى المميز بما وراءه من جهد ومشقة واحترام لعقلية القارئ مع ضرورة الحرص على الابداع المستمر وعدم اقصاء عامل الترفيه والمتعة فى العمل ككل. لماذا الكتابة باللغة العامية لا تحصل على جوائز أدبية؟ - فى الآونة الأخيرة تطورت اللغة العامية عند المصريين بشكل خاص تطور سريع مذهل، حتى أن الأجيال المختلفة عندنا لا تفهم بعضها أحيانا، ورغم أنى لا أجيد من العامية إلا المصرية.. أقصد أننى لا أجيد مثلا العامية المغربية أو اليمنية إلا أنى أتصور أن عاميتهم تطورت بالتبعية أيضا، فشبكات الاتصال جعلت من العالم بيت صغير، كل هذه التطورات السريعة جدا فى الوطن العربى جعلت المقيمين على إعطاء الجوائز الأدبية منحازين بشكل أو بآخر للغة العربية الفصحى خوفا عليها من اللغات العامية المختلفة، لكنى مع شدة الاحترام للغتنا العربية الفصحى وحبى لها لا أستطيع الا أن أعطى عاميتنا المصرية حقها هنا أيضا، فالعامية تصل الى قلب القارئ البسيط بشكل أسرع كما أنى أراها توثيق للغة العامية للفترة الزمنية التى نعيشها، فاذا شاهدت مثلا فيلما من الثلاثينيات فستجد عاميته مختلفة عن عامية الخمسينيات أو السبعينيات أو الآن بالطبع، رؤيتى لكتاب باللغة العامية هى رؤيتى لفيلم وثائقى يحكى فترة زمنية محددة بمشاكلها وأحلامها ولغتها وأتوقع أن ينتبه المقيمون على هذه الجوائز باشراك الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة العامية، يحدث هذا مع اتساع الرؤية وآفاق التفكير فى الوطن العربى. لماذا كل تلك القوة والقسوة فى نقدك الفلسفى للمجتمع المصرى من خلال كتاباتك؟ - هل تحترمنى عندما أشجعك على العوم وأفتخر بك سباحا عظيما بينما أنت فى الحقيقة تغرق؟ بالطبع لا، أنقد أمى وابنتى «مصر» من فرط الحب، فلا أنا أملك عصا سحرية لتصحيح الأوضاع ولا أستطيع أن أقف عاجزة أمام ما نمر به من سلبيات تزداد يوميا وتكبر معنا كل يوم.. كل ما أملك هو قلمى الذى أعتبره أداة من بين أدوات كثيرة لتشريح الجسد المريض فى محاولة لاستخراج ما به من سموم وأمراض مزمنة، يجب مواجهة حقيقتنا مهما كانت صادمة، فقد يأتى الشفاء آجلا لكنه بالتأكيد سيأتى اذا ما تمت اكثر من عملية جراحية ناجحة. لماذا تبدو الفتاة المصرية العاملة والمثقفة أكثر توحشا وقسوة فى التعامل مع الرجل المصرى وفكرة الاستغناء حاضرة بقوة؟ - كانت الفتاة فى زمن أجدادى وحتى آبائى مثالا صارخا للأنوثة والجمال والرقة، لم يكن هذا اختيارها فقد عاشت وتربت فى ظروف ساعدتها على ذلك وكان الرجل المصرى رجل أنيق ملتزم يأخذ الحياة على محمل الجد، مع بساطة الحياة وبساطة متطلباتها مر الزمن جميلا ناعما لا نذكر منه شيء إلا الموضة الأنيقة وسهولة المواصلات و خلاء الشوارع من السيارات والمارة أحيانا وغيرها، دعنا ننتقل الى 2013 الفتاة المصرية تدرس إلى أن تنتهى من كامل دراستها ثم تبدأ رحلة البحث عن عمل مناسب وغالبا ما ينتهى الأمر بها إلى عمل لا يمت بصلة إلى دراستها، وهناك العديد من الحالات المسئولة عن عائلة كاملة، تركب الأتوبيس والميكروباص والتاكسى وتتعامل مع جميع أصناف البشر المختلفة، فمنهم من يحمل الخير ومنهم الذئب فى ملابس الحمل، بمرور الوقت وتراكم الخبرات تتعلم أن تحيط نفسها بهالة مزيفة من القوة لحماية نفسها دون تمييز، فاذا كانت مجموع خبرات هذه الفتاة لا يحمل الا الانتكاسات كانت فكرة الاستغناء حاضرة بقوة، الأمر فقط يحتاج الى كثير من الاتزان النفسى. لماذا دوما نجد الفتاة المثقفة رافضة للحياة الأسرية أو هناك تخوف شديد من رجل المستقبل؟ - مهما بلغت أى فتاة فى أى مكان على الأرض أعلى الدرجات من الثقافة والعلم لن تستطيع رفض الفطرة التى خلقنا عليها وهى احتياج المرأة للرجل واحتياج الرجل للمرأة، من تقول أنها ترفض الحياة الأسرية أو ترفض الرجل بوجه عام فهذا فى الحقيقة ما هو الا عدة تجارب سيئة كما ذكرت سابقا تراكمت لأخذ وضع الاستعداد لرد أى هجمات خارجية من أى رجل أو حتى الهجوم دون سبب واضح لحماية إضافية، هذا هو الإطار الخارجي، أما فطرتها الأولى تتمنى تكوين حياة مسالمة طبيعية تشعر فيها بالاطمئنان والمودة والرحمة والسكينة والسكن الذى ذكرهم القرآن الكريم. لماذا من وجهة نظرك أصبحت النظرة النسائية للرجال اليوم سيئة للغاية؟ - لكل فعل رد فعل مساوى له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه، فاذا كانت حقا نظرة انسان لإنسان آخر سيئة للغاية، فهذا ما هو إلا انعكاس لأفعاله التى لا يراها المجتمع الذى دائما ما يحكم غيبا على الناس مستندا على المظاهر الخادعة والقيل والقال، ثم أن هناك نظرة سيئة للغاية أيضا من الرجل للمرأة اليوم! فلماذا نتغاضى عنها ونركز على سلبيات المرأة؟ كل منا له خلفيته المختلفة تماما حتى عن أخيه لكننا دائما ما ننصب أنفسنا قضاة على بعضنا البعض ونحن أجهل من أن نكون. هل الرواية المصرية مازالت هى الأقوى عربيا؟ - التراث المصرى كالنهر الجارى، تستطيع أن تمد يدك لتشرب أو تستحم، فأنت تملك من الأساطير الكثير، وتملك نجيب محفوظ والعقاد وتملك أيضا الخال الأبنودى وتملك صلاح جاهين وإبراهيم أصلان ... أقصد أنك شعب ذو حضارة متنوعة فريدة التركيبة، شديدة التعقيد والبساطة وهذا هو سر نجاحنا واستمرارنا وصمودنا إلى الآن فى ظل هذه الظروف القاسية التى نمر بها جميعا.