قضت محكمة الأمور المستعجلة بعابدين، الإثنين الماضى ، بحظر جميع أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين والجماعة المنبثقة عنه وجمعيته وأى مؤسسة متفرعة عنه أو تابعة للجماعة أو تتلقى منها دعمًا ماليًا، كما أمرت بالتحفظ على جميع أموال الجماعة السائلة والمنقولة والعقارية، على أن يتم تشكيل لجنة مستقلة من مجلس الوزراء تتولى إدارة هذه الأموال، لحين صدور أحكام قضائية نهائية تتعلق بالجماعة، التى ينتمى إليها الرئيس المعزول محمد مرسى وبالطبع هذه ليست المرة الأولى التى يصدر فيه مثل هذا الحكم فرغم أحكام سابقة بحل الجماعة ما يجعلها جماعة محظورة وغير شرعية إلا أن قيادات الجماعة وعلى رأسهم عصام العريان روجوا طوال السنوات الماضية لمقولة إنهم يكتسبون شرعيتهم من « شرعية الواقع التى هى أهم من الشرعية القانونية بحسب العريان فكيف تمضى الأمور هذه المرة وكيف سترد الجماعة هذا ما تجيب عنه السطور التالية .. فى البداية نشير إلى أن الإخوان المسلمون، جماعة إسلامية تصف نفسها بأنها إصلاحية شاملة، أسسها حسن البنا فى مصر مارس عام 1928، ولكن سرعان ما انتشر فكرها فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان فى العديد من الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولًا إسلامية وغير إسلامية فى القارات الست، وتعتبر أكبر حركة سياسية معارضة فى كثير من الدول العربية، وعلى رأسها مصر وتونس، وسبق وتم حظر كل أنشطتها مرتين. بداية الصدام اتخذت الجماعة فى البداية صفة الحركة الجامعة الشاملة التى تهدف إلى الإصلاح الاجتماعى والسياسي، قبل أن تنشر توجهاتها وتصبح تيارًا سياسيًا ، وكان أول صدام لها مع الدولة عقب عودة كتائب الإخوان من الجهاد فى فلسطين عام 1948، ليصدر قرارًا بحل الجماعة عقب عشرين عامًا من العمل، وجاء قرار حلها بالتزامن مع حملة اعتقالات لأفرادها، لتعيش الجماعة قرابة العامين محظورة للمرة الأولى، ثم تم رفع الحظر عنها مطلع الخمسينيات لتساهم بقوة فى الحراك الشعبى والعسكرى الذى أدى لجلاء الاستعمار الإنجليزى وقيام ثورة يوليو 1952، التى كان الإخوان داعمًا أساسيًا لها. حل «الجماعة» للمرة الثانية ولكن حالة الوفاق لم تستمر كثيرًا، حيث أصدر مجلس قيادة الثورة قرارًا بحل الجماعة مطلع عام 1954، وهو القرار الذى أُلغى بعد أشهر عمليًا، ولكنه ظل قائمًا نظريًا، وبالرغم من قسوة عهد جمال عبد الناصر على الإخوان وحظرهم، إلا أنهم خرجوا إلى دائرة الضوء وشاركوا فى الانتخابات النيابية والمحلية والنقابية والطلابية، ليس فى عهد الزعيم فقط، بل فى عهدى محمد أنور السادات ومحمد حسنى مبارك أيضًا. الحظر للمرة الثالثة جاءت ثورة 25 يناير كطوق نجاة للإخوان، للانصهار فى الشارع المصري، حيث شاركوا بقوة فى الثورة، ووجدوا أنفسهم للمرة الأولى دون لقب «الجماعة المحظورة»، ثم أسسوا حزب «الحرية والعدالة»، برئاسة محمد مرسي، قبل أن يترشح للانتخابات الرئاسية ويصل إلى سُدة الحكم، ولكن تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن، حيث جاءت ثورة 30 يونيو، التى طالبت برحيل مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لتُذكر المواطنين بأن الإخوان جماعة محظورة، ليسدل الستار الإثنين على هذا الموضوع بصدور حكم بحظر الجماعة والمؤسسات المنبثقة منها. ولاقى قرار حظر أنشطة تنظيم جمعية وجماعة الإخوان المسلمين، وكل المؤسسات التابعة لهما، والتحفظ على جميع أموالهما ومقراتهما، قبولًا واسعًا لدى الشارع السياسى المصري، مُعتبرين أن هذا القرار استكمالًا لعمليات مكافحة الإرهاب. فى البداية، أوضح عبد الغفار شُكر، رئيس حزب «التحالف الاشتراكي»، أن هذا الحكم كان أحد أهداف ثورة 30 يونيو، بعد أعمال العنف والتخريب التى قامت بها جماعة الإخوان المسلمين ضد المواطنين، مما يدل على أنهم يصروا على أن يكونوا فى جانب وباقى المصريون فى الجانب الآخر، وهذا ما ظهر من خلال اعتدائهم على الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، فى جامعة القاهرة، فهذه تصرفات غير مسئولة. وأضاف: «يجب أن يتزامن مع هذا الحكم، إزالة التربة الخصبة التى تعتمد عليها الجماعة عبر العمل السرى من تحت الأرض ومنعها من ذلك أيضًا، فيجب التعامل بجدية أكثر، للقضاء على الجماعة نهائيًا من داخل المشهد المصري»، مُشيرًا إلى أن الشعبية التى تتمتع بها الجماعة أكبر من الأحكام القضائية، حيث أنها تستطيع حشد المواطنين والتأثير عليهم، لذا يجب التصدى لهم خلال الفترة المقبلة ليس عن طريق الإقصاء، ولكن من خلال دمجها داخل المجتمع وفق أسس جديدة قائمة على نبذ العنف وعدم توظيف الدين فى السياسة. الجماعة تسخر فيما قال محمود عادل، القيادى فى حزب «الدستور»، أن الجماعة أخطأت بعدم النزول على الإرادة الشعبية بضرورة الابتعاد عن المشهد السياسي، عقب ثورة 30 يونيو، إلا أنها لم تفعل ذلك وسخرت كل إمكانتها التنظيمية والمادية، لأعمال العنف والوقوف ضد رغبة الملايين، لذلك سبق وطالبنا بضررورة اتباع إجراءات احترازية ضد القوى المعارضة والرافضة للتغييرات التى حدثت بعد 30 يونيو، ومنها التحفظ على أموال وقيادات الجماعة ومقراتها. وأضاف: «طالبنا أن تكون تلك الإجراءات ضمن قواعد الشرعية الثورية الجديدة، ولكن الدولة والحكومة رفضت فى ذلك الوقت لأسباب سياسية، وفضلت أن تكون تلك الإجراءات وفقًا للشرعية القانونية، وأرى أن قرار حل الجماعة جاء مُتأخرًا كثيرًا، وبعد إراقة دماء المصريين، فى اعتقادنا أنه كان لازمًا على الدولة اتخاذ تلك الإجراءات بعد 30 يونيو مباشرةً، ورغم تأخر القرار إلا أننا نرحب به». فيما اعتبرت حركة شباب 6 إبريل «الجبهة الديمقراطية» الحكم، أن القرار قد تأخر، خاصًة وأنه كان من الممكن أن يصدر قبل ذلك بشهور، لحقن الدماء التى سالت فى الشارع المصري، مؤكدًا أن الحركة كانت قد طالبت منذ حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، بضرورة تقنين أوضاع الجماعة مع أحكام القانون الذى ينظم العمل الأهلي، ومنع خلط العمل السياسى بالعمل الأهلي، باعتبار أن الجماعة ليس لها كيان قانونى مُعترف به ولا أحد يعرف مصادر تمويلها، لذا فالحكم أعاد الأمور لنصابها الطبيعي. مخطط ليلى بينما أشاد الدكتور محمد شوقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بهذا الحكم، وقال: «الجماعة انتهجت طريق الأعمال الإرهابية وأضرت بالأمن القومى المصري، وبالتالى كان قرارًا منطقيًا بحظرها ومصاردة أموالها وأموال الجمعيات التابعة لها»، فيما أكد الدكتور محمد الجوادي، المؤرخ والمحلل السياسي، أن الحكم الصادر بحظر جماعة الإخوان المسلمين، منحهم شرعية مُتجددة تفوق شرعياتهم السابقة، وقال: «لو أنفق الإخوان مال قارون فى الإعلام؛ ما استطاعوا أن يحققوا عُشر النجاح الذى تحقق لهم بعد قرار المحكمة بحظرهم». من جانبها، اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين، الحكم الصادر بحظر نشاطها «سياسيًا»، وأكدت أنها ستظل دائمًا «متواجدة على الأرض»، وقالت الجماعة عبر حسابها الرسمى باللغة الإنجليزية على موقع «تويتر»، أن الحكم له دوافع سياسية، وقالت: «الإخوان المسلمين كتنظيم سيظل متواجدًا على الأرض حتى بعد حله وسيستمر فى خدمة الشعب المصري، وسيبقى الإخوان المسلمون مهما حاولت النظم الفاشية إقصاءهم والحل لن يؤثر على التنظيم». فيما تخطط الجماعة لمواجهة هذا الحكم بمسيرات ليلية لكسر الحظرفى القاهرة والجيزة والأسكندرية والقليوبية والبحيرة والشرقية وبنى سويف والفيوم والمنيا وبورسعيد وشمال سيناء وتكثيف هذه التحركات فى المناطق الملتهبة مثل كرداسة و» دلجا «كما تخطط الجماعة لمزيد من الصدامات فى الجامعات ولكن يبقى السؤال هل سينجح الحظر فى وقف نشاط الإخوان أم ستواصل الجماعة نشاطها تحت أى مُسمى مثلما اعتادت فى السابق ؟.أم ستكون» التالتة تابته « كما يقول المثل الشعبى.