هي قرية عظيمة سميت بقرية "العلماء" لكثرة ما أنجبته من عباقرة وعظام . فقد ظهر على أرضها القطب الصوفي الإمام عبد الوهاب الشعراني وهو جمع بين علم الشريعة والطريقة الصوفية، والإمام محمد حجازي الواعظ وإمام الحديث والتفسير والفقه بالجامع الأزهر وكان شيخا لعمود في الأزهر الشريف و صاحب كتاب "شرح الجامع الصغير للسيوطي" وتشرفت بوجود عالم عظيم كأبو العباس القلقشندي إمام علم الإنشاء وصاحب كتاب "صبح الأعشى في صناعة الإنشاء" ذالك العالم الذي تشرفت القرية بالانتساب لاسمه فقد سميت القرية نسبه إليه "قريه قلقشنده" ومازالت تحمل هذا الاسم إلى يومنا هذا وظهر أيضا على أرضها أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن ,إمام أهل مصر في الفقه والحديث. ولد في هذه القرية" قلقشندة" وهي إحدى قرى مركز طوخ التابعة لمحافظة القليوبية بمصر- سنه 94ه"719م". كانت له دار كبيرة في قلقشنده فهدمها ابن رفاعه وهو ابن عمه فأعاد الليث بناءها فقرر الهدم حتى نام الليث غاضبا عليه فرأى في المنام من ينادي عليه قائلا"ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" فلما أصبح علم أن ابن عمه أصيب بالقالج "الشلل" فزاره الليث في بيته ودعا له . كان على صلة كبيرة بأهله فأمضى الليث بن سعد طفولته في تلك القرية التي تتميز كباقي قرى مصر في تلك الفترة بامتداد الخضرة على مرمى البصر بحيث يمكن القول بأنه في طفولته لم يقع بصره إلا على خضره الحقول وزهور البساتين وثمارها, ولم يطرق أذنيه إلا لأصوات تدفق المياه, وتغريد الطيور, وحفيف الأشجار, فشب محبا لجمال خلق الله جل جلاله واكتسب صفاء النفس والعقل والذوق. وكان والده من كبراء البلدة وواحد من أثريائها فنشأ في رغد من العيش وتمتع طوال حياته بما أحله الله من متاع الحياة. وكان من أقران الليث بن سعد في مصر ابن لهيعة وكان حاقدا عليه ولكن الليث الذي تعود علي الكرم والمسامحة كان يصله بالمال عند الحاجة.
نشأ الليث بن سعد طالبا للعلم,حريصا على ما يتلقاه من الشيوخ والعلماء، فقد تعلم في مصر على يد كبار الفقهاء والمحدثين، مثل يزيد بن أبي حبيب، وعمرو بن الحارث قبل أن يطوف ببعض البلاد الإسلامية ليتلقى العلم على يد شيوخ الحجاز والعراق. ويعتبر الإمام الليث بن سعد إمام الأئمة, ولو أن تلاميذه فعلوا معه مثلما فعل تلاميذ ائمة المذاهب الأربعة الاكثر انتشارا بين أهل السنة, فربما أصبحت تلك المذاهب خمسة ولكن قدر الله وما شاء فعل فقد غفل تلاميذه عن تدوين فقهه, وإن كانت هناك رواية أخرى تخالف ذلك وهي أن فقه الإمام الليث بن سعد قد دون ولكن لأسباب سياسية تم طمس ما قد تم تدوينه وبقي منه النذير اليسير.
وذكر أن أحد تلاميذه قال له تحدثنا بأشياء لا نراها في كتبك قال "أوكل علمي في كتبي أن ها هنا علوما وأشار إلى صدره لو كتبت لملأ هذا المركب" لقد شهد الكثير من كبار العلماء والفقهاء للإمام الليث بن سعد "رحمه الله|" بنبوغه وكثره علمه وفقهه , فقد قال عنه الشافعي (رحمه الله ) :"الليث بن سعد افقه من مالك". عرف عن الليث بن سعد صفات كثيرة فقد عرف بكرمه وسخائه فمع كثرة علمه وفقهه وورعه كان الليث بن سعد - رحمه الله - كريما معطاءً حتى عرف بهذه الصفى وصارت من سجاياه التي لا تنفك عنه بحال من الأحوال. قال عنه ابن بكير: كان الليث فقيه البدن عربي اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعر حسن المذاكرة. في عهد المهدي (158-169 ه) تم تكليفه بولاية الديوان ولكنه رفض كان الليث له كل يوم أربعة مجالس يجلس فيها المجلس الأول كان يجلس للسلطان في نوائبه وحوائجه وكان الليث يغشاه السلطان فإذا أنكر من القاضي أمرا أو من السلطان كتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه أمر العزل للقاضي أو السلطان، أما المجلس الثاني كان لأصحاب الحديث النبوي يقرأه عليهم فيحفظونه عنه بالسند الصحيح، بينما المجلس الثالث كان يجلس فيه للمسائل يأتيه الناس فيسألونه في المسائل الفقهية والدينية، وكان المجلس الرابع يجلس فيه لحوائج الناس لا يسأله أحد فيرده كبرت حاجته أو صغرت وروى عنه أنه كان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر وفي الصيف سويق اللوز في السكر . فاجئته امرأة ذات يوم تطلب منه رطلا من العسل لزوجها المريض فأعطاها مرطا -120 رطل - فقيل له طلبت رطلا فأعطيتها مرطا فقال "طلبت علي قدرها فأعطيناها علي قدرنا"