شهدت السنوات الأخيرة تحولات اجتماعية خطيرة تهدد كيان المجتمع المصرى وقيم الأسرة المصرية ، التى أصبحت أكثر عرضة للتفكك والانهيار وسط انتشار غير مسبوق لحالات الطلاق . كشف إحصاء صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، عن وقوع حالة طلاق كل 6 دقائق، وأن هناك 88 ألف حالة طلاق تحدث كل عام. ورصدت الإحصاءات 240 حكماً بالطلاق تصدر كل يوم في محاكم الأحوال الشخصية، وطبقا لأحدث إحصاء سكاني تم إصداره مؤخراً فإن النسبة الأكبر من حالات الطلاق تقع بين المتزوجين حديثاً حيث تصل نسبة الطلاق في العام الأول 34% ، بينما تقل النسبة إلي 21.5 % خلال العام الثاني من الزواج، كما حذر الخبراء من تنامي ظاهرة "الطلاق السريع" مطالبين في الوقت ذاته بالبحث عن سبل سريعة لمواجهتها، وإلا فالبديل هو تفكك وانهيار عشرات الآلاف من الأسر والتي تنتهي أغلبها بالطلاق أو الخلع في محاكم الأسرة وأمام منصة القضاء، واعتبر د. علي جمعة مفتي مصر تهميش دور الدين في الحياة الاجتماعي السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات الطلاق، حتى صارت أقل مشكلة بين الزوجين تنتهي به ولو كان الأمر مجرد اختلاف في وجهات النظر. وقالت د.فيروز عمر، طبيبة نفسية ورئيسة جمعية "قلب كبير" المتخصصة في مجال الاستشارات ومشكلات الأسرة والشباب بالقاهرة إن هناك عدة أسباب تقف وراء مشكلة "الطلاق السريع"، أولها إن معنى الزواج ليس واضحاً في ذهن الشباب المقبلين على الزواج سواء كانوا رجال أو فتيات، فالكثير من الفتيات تتخيل إن الزواج هو الجنة الواسعة التي ستهرب فيها من سيطرة الأهل وقيود الأسرة، وكذلك الأمر بالنسبة للشباب الذين ينظرون للزواج بشكل مثالي وأنه مملوء بالرومانسية والهدوء وأن شريكة الحياة هي مخلوق بدون عيوب أو سلبيات. وتضيف أن ثاني أسباب "الطلاق السريع" هو ضعف مستوى الذكاء الاجتماعي عند الكثير من الناس، وهو ما أدى بالتالي إلي ضعف فنون العلاقات الاجتماعية وخاصة العلاقات التي فيها مسئولية، فالأزواج والزوجات ينظرون للعلاقات الاجتماعية بشكل خاطئ تماماً، ولا يعرفون أدني الوسائل لإدارة الحياة والعلاقة الزوجية حتى أنه لم يعد هناك صبر على قبول شريك الحياة أو التفاعل وإقامة حوار بناء معه، وتؤكد د.فيروز عمر أن ثالث وأهم أسباب للطلاق السريع هو الخلط بين المواصفات الأساسية والفرعية المطلوبة في شريك الحياة، فكلا الطرفان يضع عدة شروط ومواصفات يختار على أساسها شريكه، ويفاجأ بعد الزواج أن أغلب هذه المواصفات غير موجودة، فمثلاً الزوج يشترط أن تكون زوجته متدينة ولا يعرف ماهية هذا التدين هل هو الصلاة أم كثرة قراءة القرآن، أم الدعوة إلي الله. من جانبه يرجع د.على جمعة مفتي الديار المصرية أن السبب وراء حالات الطلاق السريع إلي فقدان الأصول الضابطة التي تحكم العلاقة بين الزوجين، ويؤكد أن أغلب المشاكل الزوجية تبدأ من الاختلاف في وجهات النظر، وكأن كل واحد من الزوجين يفكر بمفرده، وذلك مرجعه إختلاف البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها كل منهما، وتحت ضغط أعباء الحياة والمشكلات الأخرى يحدث الطلاق والانفصال. كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن زيادة عدد إشهارات الطلاق إلى حوالى 151 ألف إشهار عام 2011 مقابل 149376 إشهارا عام 2010 بزيادة قدرها 2557 إشهاراً بنسبة 1,7٪، و بلغ عدد إشهارات الطلاق فى الحضر 87091 إشهاراً وتمثل 57,3٪ من جملة الإشهارات مقابل 85686 إشهاراً عام 2010 بزيادة قدرها 1405 إشهاراً بنسبة 1,6٪. فيما بلغ عدد إشهارات الطلاق فى الريف 64842 إشهاراً وتمثل 42,7٪ من جملة الإشهارات مقابل 63690 إشهاراً عام 2010 بزيادة قدرها 1152 إشهاداً بنسبة 1,8٪. سجلت أعلى نسبة طلاق فى الفئة العمرية من 30 إلى أقل من 35 سنة حيث بلغ عدد الإشهارات بها 29925 إشهاراً بنسبة 19,7٪ بينما سجلت أقل نسبة طلاق فى الفئة العمرية من 18 إلى أقل من 20 سنة حيث بلغ عدد الإشهارات بها 572 إشهاداً بنسبة 0,4٪ من جملة الإشهارات. وبالنسبة للمطلقات سجلت أعلى نسبة طلاق فى الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة حيث بلغ عدد الإشهارات بها 35397 إشهاداً بنسبة 23,3٪ بينما سجلت أقل نسبة طلاق فى الفئة العمرية من 65 سنة فأكثر حيث بلغ عدد الإشهارات بها 893 إشهاداً بنسبة 0,6٪ من جملة الإشهارات. وطبقا للحالة التعليمية سجلت أعلى نسبة طلاق فى الحاصلين على شهادة متوسطة حيث بلغ عدد الإشهارات بها 49299 إشهاراً تمثل 32,4٪ بينما سجلت أقل نسبة طلاق فى الحاصلين على درجة جامعية عليا حيث بلغ عدد الإشهارات بها 600 إشهاراً بنسبة 0.4٪ من جملة الإشهارات. وبالنسبة للمطلقات سجلت أعلى نسبة طلاق فى الحاصلات على شهادة متوسطة حيث بلغ عدد الإشهارات بها 48415 إشهاراً تمثل 31.9٪ بينما سجلت أقل نسبة طلاق فى الحاصلات على درجة جامعية عليا، حيث بلغ عدد الإشهارات بها 413 إشهاراً تمثل 0.3 ٪ من جملة الإشهارات. وقال الجهاز إن عقود الزواج ارتفعت إلى حوالى 897 ألف عقد عام 2011 مقابل حوالى 864 ألف عقد عام 2010 بزيادة قدرها حوالى 331 عقداً بنسبة 3,8٪. وأشار الجهاز خلال النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق عام 2011 إلى أعلى نسبة زواج فى الأزواج سجلت فى الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة، حيث بلغ عدد العقود بها حوالى 385 عقداً تمثل 42,9٪ بينما كانت أقل نسبة زواج فى الفئة العمرية 65 سنة فأكثر حيث بلغ عدد العقود بها 6144 عقداً تمثل 0,7٪ من جملة العقود. والسؤال ما الحلول والمخارج لهذه الظاهرة المدمرة للأسرة،والقاتلة للمجتمع؟ للطلاق أسباب كثيرة اجتمعت متضافرة لتعطينا تلك النتيجة المؤسفة ، وهناك حلول كثيرة منها المتعلق بالزوجين أو الاهل أو التدريب،أو تعامل المجتمع مع هذه الظاهرة. يذكر د.يحيى الرخاوى استاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة ان هناك حلول يجب اتباعها بصورة او بأخرى لمواجهة هذه الكارثة وذلك بأن يكون هناك معرفة وعلم كل من الزوجين بطبيعة طرفه الآخرمحاوله التفاهم والتاقلم والتنازل بعض الشئ لان لا يوجد اتنين متطابقين ولكن متكاملين،وألا يفرض أحد الزوجين على الآخر تغيير شخصيته،وأضاف ان التسامح بين الزوجين مهم جداً، لأن الزوجين إذا حاسب كل منهما الآخر على كل صغيرة وكبيرة فستحدث الكثير من المشكلات لا محالة. span lang="AR-SA" dir="RTL" style="font-size:16.0pt;font-family:"Simplified Arabic"; font-weight:normal" span lang="AR-SA" dir="RTL" style="font-size:16.0pt;font-family:"Simplified Arabic"; font-weight:normal"وترى د.غادة الخولى استشارى الطب النفسى ان إن ما تحتاجه الأسرة والمجتمع بشكل عام هو العودة للأصول في مجال العلاقات الاجتماعية وأول الطرق لذلك هو الاستفادة من آراء العلماء والمتخصصين في علاج الخلافات الزوجية، وتضيف اننا نحتاج إلي تكريس دور الدين من أجل الفهم واتخاذ القرار الواعي للعودة إلي الأصول في الحياة والتعامل بين الزوجين، وهذه الأصول لا يمكن الاتفاق عليها إلا عن طريق الدين، وذلك من أجل معرفة العيوب أو الأخطاء التي تحدث وعلاجها حتى لا نصل في النهاية إلي التفكك الأسري والهدم وليس البناء.span lang="AR-SA" dir="RTL" style="font-size:16.0pt;font-family:"Simplified Arabic"; font-weight:normal" span lang="AR-SA" dir="RTL" style="font-size:16.0pt;font-family:"Simplified Arabic"; font-weight:normal"يعد الطلاق أزمة في المجتمع ، تبدو هذه الأزمة قانونية في لحظة، وقد تبدو اقتصادية في لحظة أخرى، ولكنها في الواقع أزمة اجتماعية لابد من التكاتف على مستوى المجتمع والاسرة والفرد للتصدى لها للحفاظ على استقرار الاسرة المصرية.span lang="AR-SA" style="font-size:16.0pt;font-family: "Simplified Arabic""