مسجد عباد الرحمن قيمة تاريخية كتب أسمه بحروف من ذهب يعرفه كل الثوار الأحرار بأعتباره أول مستشفى يؤسس داخل ميدان التحرير منذ اليوم الأول لثورة 25 يناير بدأت فكرتها عندما تركت منال مصطفى مركز التجميل الذي كانت تعمل فيه واتجهت إلى ميدان التحرير عندما عادت لمنزلها ولم تجد أبنائها،عرفت أنهم في مظاهرات جمعة الغضب فذهبت لتشاركهم هذا الغضب، وهناك وجدت لنفسها دورا أخر،فأمام مسجد عباد الرحمن أول مستشفى ميداني في التحرير كانت تمتلك منال "فرشة" أدوات كهربائية يقف عليها أبنائها وعندما وصلت إلى هناك وجدت الجرحى يملئون المسجد فقررت أن تغير عملها مؤقتا من عاملة في مركز تجميل إلى ممرضة متطوعة في المستشفى الميداني،ليكن بذلك يوم الجمعة يوم فاصل في حياتها حولها لشاهد على العصر. تروى منال شهادتها: كنا نستقبل كل ثانية جريح،حتى نحن لم نسلم كانت الشرطة تطلق علينا النيران داخل المسجد ومجرد انسحاب الشرطة وقف النزيف وعاد مرة أخرى في الأربعاء الأسود. تضيف منال: قسمنا المسجد لأقسام، جراحة ورمد وعظام وسكر وحتى الرعاية المركزة خصصنا لها جزئا من المسجد. الإصابات التى كانت تتلقاها منال بعد كل خطاب كانت بلا دم ولكنها كانت خطيرة،تقول منال: بعد كل خطاب كانت تمتلأ المستشفى بحالات السكر والضغط ووصل الأمر لدرجة اصابة امرأة بجلطة في المخ. ظنت منال ان خطاب الرئيس بالتنحي قد يرحم مرضى السكر والضغط من الاصابة بارتفاع او انخفاض لكن ظنها لم يكن في محله،تؤكد منال: بعد خطاب التنحى برضه استقبلنا إصابات "من كثر الفرحة". يؤكد أحمد سيد – طالب في عامه الثاني بكلية الطب-: الهيستيريا كانت إحدى الحالات التى كنا نصاب بها نحن أيضا كأطباء لأن أعصابنا كانت من أهم ما أصيب في هذه الثورة. يواصل أحمد شهادته على مصابي الثورة: كانوا لا يكلون ولا يغفلون رغم إصابتهم،ولا انسى ذلك المتظاهر الذي أصابني بالارتباك أثناء قيامي بإسعافه لأنه كان متعجلا ويقول لى " بسرعة بسرعة" ، كنت أظن انه يريد ان يخرج سريعا حتى يعود إلى المنزل أو خوفا من أحدا ما يطارده، لكنه فاجئني بأنه يريد ان ينتهى سريعا من تلك الإسعافات حتى يعود للميدان في أسرع وقت حتى انه كاد يهتف وهو داخل المستشفى. أما الدكتور محمد بسيوني أخصائي العلاج الطبيعي ،فلم يترك مسجد عباد الرحمن طوال أيام الثورة، كان شاهدا على كل مصاب فيها ومات على يده 5 شهداء. أكد بسيوني انه كان واحدا من ضمن 300 طبيب تم توزيعهم على 10 وحدات طبية فرعية في ميدان التحرير،الرئيسية كانت في ميدان التحرير وكانت تستقبل الحالات الخطيرة لأنها مجهزة،فيما اختصت الوحدات العشر الأخرى بالإصابات البسيطة. يروى بسيوني حالة المصابين في جمعة الغضب: كانت أكثر الإصابات إغماءات وضيق تنفس من جراء القنابل المسيلة للدموع،معظمهم كانوا من الشباب وترواحت أعمارهم ما بين 14 و30 عاما،تلتها الإصابة بالرصاص المطاطي في العين والرأس خصيصا،حتى أننى استقبلت مصابا دخل في عين 65 رصاصة مطاطية. يواصل بسيوني: التبرعات لم تكن أدوية فقط،كان هناك من يتبرعون بسياراتهم لتنقل الحالات الخطيرة للمستشفى،أما الأطفال فقد نالهم نوعا أخر من الإصابات نتيجة ضآلة أجسامهم حيث كان يتم دهسهم بالارجل بسبب الزحام. المصابين لم يكونوا من المتظاهرين فقط،يقول بسيوني: كنا نستقبل مصابين من الحزب الوطني أو مؤيدين مبارك يوم موقعة الجمال وكنا نعالجهم ونتحفظ عليهم حتى تسليمهم للجيش. يضيف بسيوني: حالة المصابين عامة كانت سيئة جدا وكانوا يعتبروا انفسهم توفوا،وتبدل لون أرضية المسجد التى كانت خضراء إلى حمراء بسبب كثرة الدماء. لجأ اطباء المستشفى الميداني إلى الدروع البشرية لإتمام عملهم كما يؤكد بسيوني،حيث كان يختص بعضهم بالالتفاف حول الأطباء أثناء العمل حتى لا تهتز أيدي الأطباء أثناء العمل بسبب الازدحام،بالإضافة إلى دورا أخر من الدروع البشرية التى كانت تلتف حول الاطباء وحماتهم من الازدحام ليقوهم من الطلقات النارية.