بسم الله الرحمن الرحيم في قوله تعالى : " مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " بعض اللفتات البديعة الجميلة وهذا بعضها : 1- تسمية السورة الكريمة بصياغة الإفراد (العنكبوت ) يشير إلى الحياة الفردية لهذه الدويبة فيما عدا لحظات التزاوج وأوقات فقس البيض ، وذلك في مقابلة كل من سورتي النحل والنمل والتي جاءت التسمية فيها بالجمع للحياة الجماعية لتلك الحشرات . 2- في هذا النص القرآني الكريم إشارة واضحة إلى أن الذي يقوم ببناء البيت أساساً هي أنثى العنكبوت ، وعلى ذلك فإن مهمة بناء بيت العنكبوت هي مهمة تقوم بها إناث العناكب التي تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية التي ينسج منها بيت العنكبوت . ومن هنا كان الإعجاز العملي في قوله تعالى (اتخذت بيتاً) . 3- إن بيت العنكبوت ضعيف من الناحية المادية والمعنوية أ- هو من الناحية المادية البحتة أضعف بيت على الإطلاق ؛ لأنه مكون من مجموعة خيوط حريرية غاية في الدقة تتشابك مع بعضها البعض تاركة مسافات بينية كبيرة في أغلب الأحيان ، ولذلك فهي ولا تقي من مطر هاطل ولا رياح عاصفة ولا من أخطار المهاجمين . ب- إن بيت العنكبوت من الناحية المعنوية هو أوهن بيت على الإطلاق لأنه بيت محروم من معاني المودة والرحمة التي يقوم على أساسها كل بيت سعيد ، وذلك لأن الأنثى في بعض أنواع العنكبوت تقضي على ذكرها بمجرد إتمام عملية الإخصاب ، وذلك بقتله وافتراس جسده ، لأنها أكبر حجماً وأكثر شراسة منه ، وفي بعض الحالات تلتهم الأنثى صغارها دون أدنى رحمة. ومن هنا ضرب الله تعالى به المثل في الوهن والضعف لافتقاره إلى أبسط معاني التراحم بين الزوج وزوجته والأم وصغارها .