وصل عدد المسجلين الخطر فى مصر إلى ما يقرب من المائة والثلاثين ألف كما أعلنت مصلحة الأمن العام والتى أكدت تزايد أعدادهم بمقدار عشرة آلاف كل عام ! وهى نفس المعلومات التى ذكرتها الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى بحث علمى ودراسة ميدانية عن المسجلين خطر حيث أشارت فى البداية إلى أن أهمية الدراسة تنبع عن أكثر من سبب أولها: ضخامة العدد الذى يمثله المسجلون خطر بالإضافة للزيادة المطردة كل عام ثانيها: أن هذه الفئة تحمل لقب يجعل من الصعب أن يقترب أى شخص منها لذلك قررت أن يكون بحثها عن المسجلين خطر. وقد عرفت الدكتورة فادية للمسجل الخطر من الجهة الأمنية بأنه كل من يرتكب أو يشتهر عنه ارتكاب ما يخل بالأمن العام أو أنه الشخص الذى أتى أو اشترك فى أفعال يجرمها القانون وتنم عن نزعة إجرامية ضد الأمن العام ويتخذ من الوسائل غير المشروعة مصدرا للعيش والكسب.وتضيف أن المسجل الخطر ينقسم لثلاث فئات ، الأولى ( أ ) ويكون المتهم رئيس عصابة وهى أخطرهم أما الفئة (ب) ويكون الشخص المسجل خطر أحد أفراد العصابة بينما الفئة ( ج ) تكون عبارة عن حالات فردية. وقد أجريت الدراسة بمحافظات (القاهرة وبور سعيد والشرقية وأسيوط ومطروح ) حيث يوجد بتلك المحافظات غالبية المسجلين خطر على مستوى الجمهورية.وتضيف أنها تقابلت مع الكثير من المسجلين خطر وكان أبرزهم وأخطرهم فى ذات الوقت.. مسجل خطر اسمه (فارس غنم) ويشتهر بخطورته الشديدة حتى أنه تم تسجيله كمسجل خطر وهو فى سن ال 16 !! ويحكى غنم كيف أصبح مسجلا خطر عندما توفيت والدته وهو فى سن صغيرة وتزوج والده من امرأة أخرى كانت تسىء معاملته حتى هرب من المنزل وهو فى التاسعة من عمره خوفا من زوجة أبيه.. وقسوة أبيه نفسه وانتقل لقرية مجاورة ليجد امرأة عجوز عاش معها اعتبرها مثل أمه حتى جاء يوم وتطاول شخص عليها وكاد أن يضربها فقام بقتله بسكين وهو فى ال 9 من عمره ليبدأ رحلة الإجرام ليلتقطه رئيس عصابة يعلمه كل فنون الإجرام ويصبح فارس بعد ذلك رئيس عصابة لقطع الطرق وهو فى سن ال 16 من عمره!! وخلصت الدراسة لنتائج غاية فى الأهمية منها: أن المرأة أصبح لها نصيبا لا بأس به من جرائم العنف فى المجتمع كما أن معظم المسجلين خطر يكونوا من فئة الشباب بالإضافة لدخول نسبة من المتعلمين فى فئة المسجلين خطر!ونستطيع أن نتفهم أكثر.. تزايد أعداد المسجلين خطر إذا أدركنا أن البطالة والفقر من أهم أسباب تحول الأشخاص للجريمة داخل مجتمعاتنا فمع اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء زاد أعداد المستعدين لارتكاب الجريمة ومع ارتفاع نسبة البطالة فى المجتمع.. ووسط تعتيم حكومى وإعلامى عن الأعداد الحقيقية للعاطلين وإهمال حقيقى لأبسط حقوق هؤلاء الشباب فى العمل نجد أن هؤلاء الشباب العاطلين يتجهون للمخدرات والخمور التى تسوقهم فى النهاية للجريمة والعنف. أما عن أهم أسباب عودة هؤلاء الشباب للجريمة مرة أخرى تقول د. فادية إن الوصمة الجنائية التى توصف الشخص بأنه مسجل خطر هى من أهم أسباب عودتهم للجريمة.. فمع أن المجتمع هو المسئول عن جعل هذا الشخص موصوما بأنه مسجل خطر نجد أن المجتمع مرة أخرى يرفضه بعد قضاء عقوبته ليكون المجتمع مسئول مرتين.. مرة حينما دفعه للجريمة ومرة أخرى ليعاود الكره لأن الشخص المسجل خطر يتجنبه المجتمع فلا يجد عملا شريفا أو استقرارا أسريا وبالتالى لا يجد أمامه سوى العودة للجريمة وتقول د. فادية أن هناك تجارب ناجحة فى بلدان كثيرة لإعادة تأهيل هؤلاء الشباب المسجلين خطر بعد خروجهم من السجن مثل تجربة إنجلترا التى أوجدت جزيرة يزرعها ويعمرها هؤلاء المسجلين خطر ونجحت التجربة بالفعل وكذلك فى أستراليا.. فالدولة مسئولة عنهم بعد خروجهم.وتستطرد د. فادية قائلة إن ما تفعله الحكومة هنا عكس ذلك تماما فهى تلاحق المسجون بعد الإفراج عنه بتقارير المتابعة الجنائية أما داخل السجن نفسه فلا توجد أساليب صحيحة للتأهيل.. فيحرم المسجل خطر من العمل داخل السجن ولا توجد أنشطة حقيقية أو تعليم فينتشر تعاطى المخدرات والشذوذ الجنسى ونجد انتشارا للأمراض الخطيرة داخل السجون المصرية مثل الإيدز والأمراض الجلدية والدرن بسبب الزحام داخل السجون كما أنه يتم مخالطة المساجين بعضهم ببعض بدون تفرقة. هذا بالإضافة لمشاكل المعتقلين جنائيا للاشتباه وهؤلاء يسجنون لمدة غير محددة ويعتقلون بقرار من وزير الداخلية نفسه! لذلك يجب على الدولة أن تتناول بجدية المشاكل التى يعانى منها الشباب حتى لا نجد شبابنا كله مسجل خطر. بقى أن نشير أن الدراسة تناولت فى نهايتها اعداد السيدات المسجلات خطر خلال السنوات الأخيرة واشرت أنهن فى ازدياد مستمر وأضافت الدراسة أن 75٪ من هؤلاء المسجلات يعملن بمفردهن بينما 43٪ منهن يعملن ضمن تشكيلات عصابية والنسبة المتبقية تشترك ما بين الجرائم الفردية والجماعية.. أما الأنشطة الاجرامية التي يمارسها المسجل خطر فعلي رأسها الإتجار في المخدرات 72٪ ثم السرقة بالإكراه 81٪ والبلطجة 11٪ والقتل العمد 01٪ ثم الآداب 4٪ واخيرا تهريب الأثار 2٪.. وذكرت الدراسة أن 56٪ من المسجلين غير متزوجين و 72٪ منهم متزوجون و 8.6٪ مطلقون و 9.0٪ أرامل.