كان سعيد عبدالخالق نموذجاً مثالياً للصحفي المعارض. توسم فيه هذه الصفة فؤاد سراج الدين عندما اختاره مع زميله عباس الطرابيلي رئيسين لتحرير صحيفة الوفد. ولم يدَّخر سعيد عبدالخالق جهداً في المعارضة. وقيل له في كثير من الأحيان: أنت تحرق كل خيوطك وخطوطك مع الحكومة ومع الصحافة المعارضة نفسها. ولكنه لم يعبأ بذلك وظل معارضاً حتي النفس الأخير. ولم يتردد في دخول معارك كثيرة. وعندما شاء القدر أن يتولي رئاسة حزب الوفد بعد سراج الدين كثيرون أجمعوا علي أن رئيس التحرير لصحيفتهم هو سعيد عبدالخالق. ولم يتردد هو في اختيار طريقه. هاجم بعنف الحكومة والحزب الوطني والمعارضين الذين يختارون أنصاف الحلول أو الحلول الوسطي. عاتبه كثير من الصحفيين. وكنت أحد هؤلاء. قلت له: ما أكثر المعارك التي خضتها. ولا تحصل علي هدنة أو فترة راحة. المحاربون يستريحون. ولكنه كان يحس بأنه لن يعيش طويلاً ويجب أن يقول كل ما لديه. فوجئت يوماً عندما طلبت الاتصال به فرد عليّ ابنه في تليفونه المحمول: لقد دخل أمس غرفة العناية المركزة. وعرفت أنه أصيب بأزمة قلبية. وذهبت أزوره في مستشفي الفؤاد فقيل لي: ذهب في رحلته الأخيرة. يرحمه الله فقد ترك للصحفيين المعارضين ما يقتبسونه منه وما لا يستطيعون أن يقلدوه حرارة الهجوم والتصميم عليه حتي آخر مقال وآخر كلمة. يرحمه الله