ليس جديداً أن يتوجه أحد المحامين لرفع قضية ضد عمل فني مطالباً بمصادرته ووقف عرضه أو ضد فنان مطالباً بتغريمه أو حبسه لقد شهدت ساحات المحاكم عشرات من هذه القضايا في عهد مبارك ولم تقم الدنيا وتقعد كما حدث مؤخراً في قضية الفنان النجم عادل إمام ولا أعتقد أنا شخصياً أن كل هذه الضجة المثارة بهذا الحجم من أجل عادل إمام كممثل كبير له تاريخ ووضع علي الساحة ولكن لأن الظرف السياسي والمناخ الذي تتنافس فيه القوي السياسية هو الذي جعل الأمور بهذه السخونة وأضاف للقضية أبعادا غير أبعادها واتخذتها بعض القوي السياسية ذريعة لالقاء كرة نار مشتعلة في صدر قوي أخري بهدف اضعافها أو تخويف الناس منها. كل ما حدث أن أحد المحامين تطوع نيابة عن المجتمع وادعي أن بعض أعمال النجم الكبير عادل إمام تحتوي مشاهد ومضامين تعد ازدراء للدين الإسلامي وحكم أحد القضاة بالحبس والغرامة علي الفنان وتم تأييد الحكم ومازالت اجراءات التقاضي مفتوحة أمام الفنان عادل إمام الذي حصل علي براءة في قضية أخري مشابهة رفعها محام آخر ضده وأكد فيها القاضي ان مقدم الدعوي ليس له صفة ومثل هذه القضايا التي تدعي قضايا الحسبة لا يقوم بها افراد ولكن تتصدي لها النيابة العامة. وهنا مربط الفرس فالمسألة كلها لا تخرج عن القوانين والقضاء والمحاكم وان هناك اصلاحاً أو اعادة ترتيب فيجب ان يكون في القوانين التي هي قائمة وموروثة من العهد البائد ويجب بعد الثورة اعادة النظر فيها بما لا يتناقض مع حرية الابداع التي لم يذكرها أحد حتي من التيارات السياسية الدينية التي لم يكن لها دخل من قريب أو بعيد بهذه القضية ولكن بعض القوي السياسية المناوئة لها ارادت ان تلبسها العمة وتلصق بها تهمة محاربة الابداع وتقييد حرية الفكر والفن.. بل وصل الأمر بالبعض إلي بث الرعب والخوف في صدور أهل الفن بان الحكم الذي صدر علي عادل إمام ما هو الا مقدمة لملاحقة المبدعين واحداث دورة ثقافية وحضارية. باختصار يمكن القول ان هناك مغالطات مقصودة تحاول وضع الاخوان المسلمين والسلفيين في موضع المتهم وكأن الحكم الصادر ضد عادل امام صدر عنهم مع انهم لا سلطة لهم ولا سلطان لهم علي القضاء او غيره بل انهم كانوا من اوائل الذين وقعوا علي وثيقة الازهر التي تؤكد علي حرية الفكر والابداع وصرحوا كثيرا بأنهم لا يقفون مطلقا ضد حرية الابداع والفكر في الفن وغيره وانهم لم ولن يفكروا في فرض قيود علي الفنون أو غيرها.. وكل ما قاله الاخوان انهم سيقدمون اعمالا فنية من خلال شركات إنتاج تابعة لهم تقدم اعمالا وفق فكرهم وحرية ابداعهم كما يرونها وحددوا مواقفهم من الفن والابداع بشكل إيجابي والمدهش في الأمر أن الإخوان والسلفيين الذين حصدوا الاغلبية في البرلمان بالانتخاب واصبحوا قوة سياسية لا يستهان بها لم يبدأوا بعد مهام عملهم ولم يشكلوا حكومة ولم يتم وضعهم بشكل واضح في معترك العمل اليومي ولم ينتجوا بالاساس القوانين التي اتاحت للمحامي اياه برفع دعوي حسبة ولم يعينوا القاضي الذي حكم بالسجن علي عادل إمام ولا يملكون التدخل في حكم قضائي. لا ادافع عن الإخوان ولا علي التيارات الدينية ولكن افضل ان يأخذوا فرصتهم للعمل فهم في النهاية جاءوا عبر صناديق الانتخابات ولم يغتصبوا البرلمان ولا يمكن الحكم عليهم وشن هجوما ضاريا في مسألة لا علاقة لهم بها.. فما حدث طوال الاسبوع الماضي وحتي الآن لا يعد ضربات استباقية من اجل حرية الابداع ولكن حملات مقصودة لتشبه فصيل سياسي من اجل اضعاف موقفه في الشارع وقد حاول كل خصومه ركوب هذه الموجة الوهمية.. موجة وهوجة عادل امام.