في عصر الأمبراطورية الرومانية.. كان يقال: كل الطرق تؤدي إلي روما.. في اشارة إلي رحلات حكام الدول والأقاليم التابعة للامبراطورية إلي العاصمة من أجل التعرف علي السياسات والأهداف العامة للامبراطورية حتي تكون قراراتهم وسياساتهم متسقة مع هذه الأهداف. الآن.. أصبحت كل الطرق تؤدي إلي واشنطن.. بمعني ان الامبراطورية الأمريكية أصبحت تبسط هيمنتها علي أغلب مساحات كوكب الأرض وبالتالي فإن الكثير من الدول والحكومات تسعي لطمأنة الولاياتالمتحدة إلي عدم تأثر مصالحها في المناطق الاستراتيجية ومن أهمها منطقة الشرق الأوسط وهذا لا يتأتي من فراغ فأمريكا تملك الكثير من أدوات الضغط وأوراق اللعب لعل اكثرها بروزا القوة العسكرية وهي واضحة لكل ذي عينين.. لكن هناك أوراقا أخري أهمها الضغوط الاقتصادية ممثلة في القروض والمعونات والاستثمارات المشتركة اضافة إلي ورقة حقوق الإنسان واللعب علي أوتار الأقليات العرقية والدينية ومنظمات المجتمع المدني. "المساء الأسبوعية" تستعرض هذه الأوراق مع الخبراء والمختصين. الولاياتالمتحدة تلعب في المنطقة ..لإحياء "الشرق الأوسط الجديد" تتواصل من جديد الجهود الأمريكية لإقامة منطقة الشرق الأوسط الجديد لحساب إسرائيل علي انقاض العديد من الدول العربية تنفيذاً للمخطط الأمريكي الإسرائيلي. الخبراء يرون أن المخطط يعتمد علي اقامة دول علي أسس مذهبية يسهل تفكيكها في أي وقت لاكمال الصورة وأننا نعيش حالياً حالة المخاض قبل ميلاد هذا الكيان الجديد. راهنوا علي أن مقاومة الشعوب واجبار الحكومات علي المقاومة هو السبيل للوقوف في وجه تلك المحاولات. أوضحوا أن المعونات بأشكالها المختلفة هي الأداء للضغط وفرض السيطرة.. خاصة أن شروط هذه المعونة تكون دائماً لصالح أمريكا. راهن الخبراء علي أن مقاومة الشعوب لهذه المخططات واجبار الحكومات علي عدم الرضوخ للدول المانحة.. والاعتماد علي النفس هو السبيل للوقوف علي أقدامنا.. عملاً بالمثل الصيني القائل لا تعطني سمكة ولكن علمني الصيد. * د. مصطفي كامل السيد استاذ العلوم السياسية يري أن الرؤية الجديدة لإعادة ترسيم بلدان الشرق الأوسط ليست وليدة اليوم ولكنها تعود إلي كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عندما أطلقت مصطلحات الفوضي الخلاقة والشرق الأوسط الجديد وهذا الطرح لا يقوم علي أساس خرائط معدة بشكل مسبق بل أعدت علي أساس وقائع ديموجرافية تشمل الدين والقومية والمذهبية. أضاف أن الأخذ بهذا الأسلوب سيسهل من تفتيت بلدان الشرق الأوسط لتكون البلدان الجديدة متجانسة في الداخل علي المستوي العرقي والديني والمذهبي ولكن فتيل الاختلاف والتناحر المذهبي والطائفي بينها وبين جيرانها قابل للاشتعال لأقل الأسباب وهو الأمر الذي سيضمن الحفاظ علي المصالح الغربية في المنطقة والحد من امكانية قيام كيان قوي وكبير في المنطقة يهدد أمن ووجود إسرائيل. أوضح أنه رغم أن هذه الخطة ليست جديدة ولكنها وجدت الفرصة الآن من أجل التنفيذ حيث جاءت ثورات الربيع العربي التي اندلعت في مصر وليبيا وتونس واليمن ومؤخراً سوريا لتفرض متغيراً جديداً يعجل بتنفيذ مخطط التقسيم السابق لميلاد شرق أوسط جديد. تفكيك الدول * د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع يري أن الخطة للشرق الأوسط الجديد أن يقوم علي انقاض تفكيك الدول العربية وخاصة الدول ذات الثقل في المنطقة والموقع الجغرافي المتميز حيث يسعون ويروجون إلي تقسيم مصر علي سبيل المثال إلي دولة قبطية في الصعيد وإسلامية في الشمال. ويمتد المخطط إلي سوريا بتفكيكها إلي دولة شيعية علي طول الساحل ودولة سنية في حلب ودمشق وكيان درزي في الجولان كذلك تحجيم سوريا واقامة تحالف دولي ضد إيران وتمزيق فلسطين وتأجيج الصراع دائماً بين السودان وجنوب السودان والتلويح دائماً بقضية الفتنة الطائفية في مصر وغيرها من الدول العربية. أوضح أن الفكرة بهذا الشكل تعني تذويب المنطقة في شرق أوسط واسع كبير وما يحدث الآن يمكن أن نطلق عليه حالة المخاض التي تسبق الولادة استعداداً للكيان الجديد. أوضح أن الهدف من ذلك اقامة منطقة جديدة للهيمنة الأمريكية في المنطقة وتنصيب إسرائيل كدولة إقليمية كبري تتحكم في المنطقة عسكرياً واقتصادياً مع التلويح باستخدام القوي مثلما حدث في العراق من قبل وما يقال من امكانية تدخل غربي في سوريا أو ما أعلنته هيلاري كلينتون من أن الموقف الأمريكي تجاه مصر سيتحدد من خلال تصرفات وأفعال القوي الرئيسية في الساحة وتقصدها تيار الإسلام السياسي أي الإخوان. رشاوي اقتصادية 1⁄4 سعد عبود وكيل مؤسس حزب الكرامة وعضو مجلس الشعب يقول أن الجهود لاقامة امبراطورية أمريكية جديدة في المنطقة تعود إلي سنوات ماضية وتأخذ اشكالاً عديدة من بينها اتفاقيات التجارة الحرة بين الدول المكونة للشرق الأوسط وأمريكا من جانب لتقديم ما يشبه الرشاوي الاقتصادية. أشاف: هناك الاتفاقيات الثنائية والثلاثية والرباعية ومنها اتفاقية الكويز التي تضم أمريكا ومصر والأردن وإسرائيل لخلق مصالح اقتصادية مشتركة بين الدول المشاركة فيها وارتباط حتي لو كانت ماتقدمه أمريكا وإسرائيل فيها يمثل الفتات ولكنه يسعي لجذب الآخر استعداداً لتنفيذ المخطط المرسوم بدقة. راهن علي أن مواجهة هذه المخططات يأتي من الشعوب العربية نفسها التي ترفض هذه المشاريع الأمريكية وهناك مقاومة تمارس ضدها بالفعل وأيضاً جانب من بعض الأنظمة العربية ترفضها ليس لموقف مبدئي ولكن تحت الضغوط التي تمارسها الشعوب والقوي الوطنية رغم ما يمارس من جهود لتفريغ المنطقة من أي روح مقاومة للمد الصهيوأمريكي ولمشاريع تكريس الوجود الصهيوني في المنطقة. * د. علي عبدالوهاب أستاذ العلوم السياسية يري أن الغرب وأمريكا تحديداً ستظل في محاولات دائمة مع حليفها الرئيسي في المنطقة إسرائيل إقامة منطقة جديدة في الشرق الأوسط أو علي الأقل إقامة توازنات تحمي مصالحها ومصالح إسرائيل. أضاف أن حالة الارتباك التي سادت المنطقة بعد ثورات الربيع العربي تساعد كثيراً علي تنفيذ هذا المخطط وعلينا أن نتنبه جيداً لها ولا نبدد جهودنا في الخلافات لأن البديل سيكون في منتهي السوء وهو فرض السيطرة الأمريكية.