كل الذين اعترضوا علي ترشيح المهندس خيرت الشاطر "ابن الدقهلية" لرئاسة الجمهورية لم يكن اعتراضهم علي شخصه.. فالكل أشاد بالرجل خلقاً واستقامة وسلوكا وتعليما وتاريخا مشرفا في الكفاح ضد النظام السابق وعقلية منظمة. والرجل لم يسع إلي الترشح لهذا المنصب. لأنه سبق وأن نفي نيته لذلك أكثر من مرة وعلناً أمام الجميع.. وأعتقد أنه وأسرته زاهدون فيه لأن أبناءه وصفوا هذا الترشح ب "الابتلاء". كل الاعتراضات إذن لم تكن علي شخص خيرت الشاطر ولكن علي موقف جماعة الإخوان المسلمين الذي تراجعت عنه بإعلانها أولاً وبإصرار أنها لن تدفع بمرشح لها هذه المرة لخوض انتخابات الرئاسة لأنها لا تريد الاستئثار بالسلطة بل المشاركة في هذه الفترة التي تنتقل فيها مصر من نظام ديكتاتوري إلي نظام ديمقراطي. لقد تراجعت جماعة الإخوان عن هذا الموقف ورشحت الشاطر للمنصب بحجة أن الظروف تغيرت وأنها وجدت أن الثورة تتعرض لمخاطر وأن واجبها يحتم ترشيح أحد المنتمين إليها حتي لا تفرغ الثورة من مضمونها ويعود الحال إلي ما كان عليه قبل اندلاعها. هذا التبرير لم يقنع المعترضين من كل الفئات والاتجاهات. وتركز هجومهم علي الجماعة بأنها خالفت وعدها. وأن خلف الوعود والعهود يتناقض مع المبادئ والقيم وخاصة إذا كانت تتعلق بقيم الإسلام ومبادئه. وترد الجماعة بأن الرسول عليه الصلاة والسلام تراجع عن بعض آرائه ومواقفه التي لم ينزل فيها وحي مثلما حدث في غزوتي بدر والأحزاب. ولا غضاضة ولا عيب في ذلك مادام فيه مصلحة الإسلام والمسلمين. وقد ترددت تصريحات بأن الجماعة يمكن أن تتراجع عن موقفها وتعيد النظر في مسألة ترشيح المهندس الشاطر للرئاسة إذا انصاع المجلس العسكري لمطالبها بخلع حكومة الدكتور كمال الجنزوري واعطائها فرصة تشكيل حكومة جديدة بديلة لها.. لكن الجماعة نفت ذلك وأعلنت أن ترشيح الشاطر ليس محل مساومة.. وبدأت بالفعل الإعداد لحملة قوية للترويج والدعاية له في كل مستوياتها التنظيمية. والسؤال هنا: ما هو مدي إمكانية نجاح المهندس خيرت الشاطر واعتلائه كرسي الرئاسة في مصر؟ الذي لا شك فيه أن الجماعة مهما كانت الخلافات الداخلية فيها حول ترشيحه من عدمه ستقف كلها علي قلب رجل واحد معه. وستدعمه بكل ما أوتيت من قوة. وسيكون نجاحه من عدمه اختبارا لقوة الجماعة أو ضعفها. وهي لن ترضي أن تهتز صورتها أمام الرأي العام في مصر وفي العالم كله. من هنا فإن التعليمات ستكون صارمة وجادة لجميع الكوادر علي كل المستويات حتي أصغر قرية في مصر للتحرك بفاعلية في أوساط الجماهير وخاصة البسطاء الذين يأخذون هذا الأمر من وجهة نظر دينية بحتة. إلي جانب الوعود بخدمات شخصية وجماعية لهؤلاء الناس. سؤال: وماذا عن المنافسين الأقوياء أمثال الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل وعمرو موسي وغيرهم؟! والإجابة أن أبوإسماعيل أصبح موقفه متأرجحاً بعد حكاية حصول والدته علي الجنسية الأمريكية وتصريحه الأخير بأنه لا يعرف إن كانت قد حصلت علي هذه الجنسية قبل وفاتها بشهرين أم لا؟ أما الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فأعتقد أن فصيلا كبيرا من شباب الإخوان الذين سبق أن أعلنوا تأييدهم له سوف يتراجعون ويلتزمون بتعليمات الجماعة لدعم انتخاب الشاطر.. لكن الذي لا شك فيه أنه سيكون منافساً بطريقة أو أخري في هذه الانتخابات. وعن عمرو موسي فإن التيار الوطني الذي يعتمد عليه لا شك أنه تيار كبير ولكن ينقصه الالتحام ككتلة قوية في مواجهة التيار الإسلامي. لكن المؤكد في كل الأحوال أنه ستكون هناك إعادة في الانتخابات وسيكون المهندس خيرت الشاطر أحد طرفيها.. وفي الإعادة إفادة كما يقولون.