حذر الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء من أن الوضع السياسي في هذه الأيام يتعدي حدود القلق إلي الخوف الشديد.. فقد فقدت مصر 80% من الاحتياطي النقدي.. مؤكداً علي ضرورة تكاتف جميع القوي السياسية للعبور بمصر إلي بر الأمان.. ومشيرا إلي أن الخطر يكمن في تنازع السلطات وتربص السلطات الثلاثة بعضها ببعض. وأنا أثق تماما في صدق الدكتور الجنزوري وصراحته.. لكنني أتهمه مباشرة.. واتهم كل الأطراف التي تمسك بخيوط اللعبة السياسية الآن بأنهم السبب في التدهور الكبير الذي نراه أمام أعيننا.. فقد تركوا المصلحة العليا وتفرغوا لمعاركهم ونزاعاتهم.. ولم يتعاملوا مع الشعب بالشفافية الكاملة والواجبة. أين ذهبت الأموال المستقطعة من الاحتياطي النقدي.. وكيف تم إنفاقها؟!.. وهل وافق مجلس الشعب علي استنزاف هذا الاحتياطي لسد العجز في الميزانية أم أن الحكومة استعلت علي أن تطلب موافقة المجلس علي بنود الانفاق كما يحدث في كل الدول الديمقراطية؟! وهل كان بإمكان الحكومة أن تتجه إلي الانفاق من الصناديق الخاصة التي يقدر رصيدها بالمليارات من الجنيهات وتطبيق الحد الأقصي للدخل بكل حزم بدلاً من الاستسهال باستنزاف الاحتياطي النقدي؟! لقد خرج الدكتور الجنزوري ذات يوم في غاية الدهشة من اجتماع وزاري وأعلن في مؤتمر صحفي أن قطاع البترول يأخذ من ميزانية الدولة مليارات الجنيهات كل شهر ولا يعطيها .. وقلنا ساعتها هذه ثغرة خطيرة من ثغرات الفساد والإهمال ولدي الدكتور الجنزوري الحل الناجح لكن القضية نامت ولم نسمع عنها شيئاً. ومن واجبنا اليوم أن نأخذ تحذير الرجل علي محمل الجد وفي الوقت ذاته واجبنا ان نسأله عن الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها الحكومة والتي كان قد بشر بها لتشغيل المصانع المغلقة وتطوير المصانع المعطلة حتي تدور عجلة الإنتاج.. أين ذهب الحماس وأين ذهبت روح التعاون بين الحكومة ومجلس الشعب .. ولماذا هذا الصراع والعناد المتبادل؟! لقد خسرتم جميعاً .. وخسرت مصر بالطبع .. أسأتم إلي أنفسكم بأنكم غير قادرين علي تجاوز خلافاتكم والعمل معاً بروح الفريق .. وأسأتم إلي الشعب المصري أن كشفتم للعالم ان ثقافة المصريين لا تسمح لهم باستخدام الحرية وتوظيفها لما ينفع الناس لأنكم جميعاً استخدمتم الحرية في حروبكم الصغيرة والكيد لبعضكم البعض. وبكل صراحة.. فإن ما نراه علي الساحة السياسية الآن لا علاقة له بالتقاليد والقواعد الديمقراطية التي تعازف عليها العالم أجمع.. ولا علاقة له بأصول العمل الوطني الذي يرقي لمتطلبات دولة خارجة للتو من ثورة شعبية قامت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية. نحن لا نستثني أحدا.. كل الأطراف مدانة.. واللعبة وصلت إلي نهاية سخيفة.. ولا ندري ماذا سيحدث غدا في ضوء الاستقطاب الذي يزداد حدة يوما بعد يوم.. فالبرلمان يسعي لإسقاط الحكومة.. والحكومة تتعمد تجاهل البرلمان والاستعلاء عليه.. والإخوان يشعلون معركة الجمعية التأسيسية والليبراليون يردون بالانسحاب وتحريض المجلس العسكري علي الانقلاب ثم يتجه الإخوان للتصعيد بترشيح الشاطر للرئاسة بينما تحتشد القوي المناوئة لإجهاض التمدد الإخواني. وينشر موقع "اليوم السابع" أمس أن مصدرا مسئولا رفيع المستوي كشف أن المجلس العسكري والحكومة سيعقدان خلال الأيام القادمة اجتماعات مع مختلف القوي السياسية في محاولة لمواجهة ما سماه ب"نفوذ الإخوان وغرورهم". وفي الوقت ذاته تنشر مواقع أخري أنباء عن صفقة بين الإخوان والمجلس العسكري لترشيح الشاطر للرئاسة لقطع الطريق علي فوز الشيخ حازم أبو إسماعيل مقابل أن يأتي أيمن نور نائباً للشاطر. وهكذا تبدو مطلوبا أن نعيش في متاهة وصراعات لا نهائية. .. تصدر القرارات والترشيحات نهارا أو تأتي جيوش المحللين والمهيجين مساء في برامج التوك شو لكي نصحو علي غم وننام علي غم أكثر.. ولا أمل في أحد.. ولا أمل في شيء. كل ما نسمعه ونعرفه يقينا أن السفينة تغرق بنا.. والفشل يطاردنا من كل جانب.. ويا رب استر علي ال20% الباقية في الاحتياطي النقدي حتي لا نلحق بالصومال الشقيق. أليس من حقنا أن نخاف؟!