تحدثت في مقالي الأخير عن تنظيمات الألتراس.. وكيف أن قرار اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية بضرورة قيام الأندية بتنفيذ وتوفير شروط الأمن والسلامة للجماهير باستادات كرة القدم كشرط لاستئناف النشاط الكروي اعتباراً من الموسم القادم.. وكيف أن التراس الأهلي طلب من مجلس ادارة النادي الضغط علي اتحاد الكرة ووزارة الداخلية لإقامة مباراة الأهلي والبن الاثيوبي في بطولة الملايين الافريقية من أجل السماح لهم بحضور المباراة ووصلوا في طلبهم لأبعد من ذلك بترك عملية تأمين المباراة لهم.. وهو كلام مثير للدهشة والعجب معاً.. لأن السؤال الذي يفرض نفسه أمام هذا المطلب الغريب والمستفز من أعطاهم هذا الحق حتي يأمروا وينهوا في مجلس ادارة الأهلي كما يحلو لهم.. وكان من الطبيعي أن يرفض الأمن حضور الجماهير بل إن وزارة الداخلية رفضت اقامة اللقاء بالقاهرة لانها تعلم مدي خطورة الأجواء وحالة الاضطراب التي يعيش فيها الوطن وعدم الاستقرار نتيجة للانفلات الاخلاقي قبل الامني الذي يعاني منه المجتمع منذ قيام ثورة 25 يناير.. وبالطبع فإن وزارة الداخلية ومن ورائها باقي قيادات الدولة سيبذلون قصاري جهدهم في المرحلة القادمة لعدم تكرار كارثة مباراة الموت ببورسعيد واتخاذ كل التدابير والإجراءات التي تحافظ علي دماء المصريين لانها أغلي من مباراة في كرة القدم أو أي لعبة مهما كانت أهميتها وتحت أي مسمي كما يحلو للبعض قول مهمة قومية وكأننا سنغزو الفضاء مثلا أو سنحرر القدس الشريف.. ومن الآن فصاعدا لتعلم الأندية أن الدولة لن تتحمل مستقبلا مسئولية إهدار دماء المصريين وسقوط قتلي وشغب وعنف وبلطجة بعض المنحرفين والمهووسين في ملاعب الكرة وصالاتها المغطاة.. واذا كانت لائحة الاتحاد الافريقي "الكاف" قد انقذت الأهلي من اقامة مباراة البن خارج القاهرة.. مما دفع وزارة الداخلية للموافقة علي اقامتها باستاد الكلية الحربية ولكن بدون جماهير التراس الأهلي.. فإن الشيء اللافت للنظر والمستفز ايضا في قضية مباراة البن فإن التراس الأهلي أعلنوا اعتصامهم حول مجلس الشعب ورفضهم اقامة اي نشاط محلي حتي يتم القصاص لشهداء كارثة بورسعيد.. واليوم يطلبون حضور مباراة البن بل وتأمينها.. وكأنهم هم مجلس ادارة الأهلي واتحاد كرة القدم نفسه.. واصحاب القرار في ادارة اللعبة.. كيف ..ومتي ..وأين ضاربين بهيبة الدولة عرض الحائط. وأري أن ذلك الاحساس الذي يمتلك تنظيمات الالتراس بالقوة والتضخم هو محصلة طبيعية لتهاون الدولة مع تلك التنظيمات قبل الثورة وبعدها رغم اختراقها سياسياً من المتآمرين علي مصر من الداخل وعملاء الخارج لاضعاف هذا الوطن.. وكان يجب محاربتها وهي مازالت في المهد والقضاء عليها مبكراً مثلما حدث في المملكة العربية السعودية.. كما جاء علي لسان الأمير سعود بن العزيز نائب وزير الشباب السعودي أثناء رئاسته لبعثه بلده بالإسكندرية في أسبوع الصداقة الرياضي المصري السعودي حينما أعلن إنه تم إلغاء تنظيمات الألتراس من التشجيع في المباريات قبل ان تبدأ وتستفحل وتشكل خطورة علي أمن المجتمع السعودي مثلما هو الحال عندنا الآن.. وكلنا يتفق أن ضعف مجالس ادارة الأندية واستسلامها لرغبات الالتراس في مختلف المحافظات كانت سببا في جنوحها للعنف وفي توحشها ودخولها في صراعات ومشاحنات واحتقان بين التراس الاتحاد السكندري والأهلي والزمالك والمصري والاسماعيلي حتي وقعت كارثة مباراة الموت.. وكل الخطورة الآن أن يتحول اعتصامهم السلمي امام مجلس الشعب إلي شغب وعنف في قلب العاصمة عندما يصيبهم الزهق من طول الاقامة في الشارع وعدم تلبيه مطالبهم بالقصاص السريع من قتلة شهداء المجزرة والذي يحتاج لشهور حتي يصدر القضاء أحكامه علي الجناه.