حلم انجاب الولد يشغل الكثير من الأسر لاعتبارات كثيرة منها الفوز بالارث والحفاظ علي اسم العائلة .. والنظر إليه كسند للابوين عندما يتقدم بهما العمر. عشرات المراكز الطبية انتشرت مستغلة هذه النقطة لتعلن عن نفسها أنها تستطيع ان تتحكم في جنس المولود وتحقيق رغبة الأسرة في انجاب الذكور أو الاناث. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تملك هذه المراكز التقنيات التي تمكنها من تحقيق ذلك وما هي المعايير الدينية والأخلاقية والطبية التي تحكم هذه العمليات ومعدلات نجاحها وتكلفتها والمحاذير التي يجب اتباعها. أسئلة كثيرة طرحناها علي الخبراء والعلماء فكان هذا التحقيق: يقول د. أسامة عزمي رئيس قسم الصحة الانجابية بالمركز القومي للبحوث : السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن تحديد نوع الجنين؟.. والاجابة نعم. وسؤال آخر: هل نضمن حدوث الحمل؟.. واجابته لا. أضاف أن الإنسان منذ قديم الأزل وهو يسعي للحصول علي نوع ما بكل الطرق لاشباع رغباته في وجود الجنسين بدافع بعض العصبيات والقبليات والمواريث التي تتدخل في الرغبة في الحصول علي نوع معين. أضاف: هناك أحاديث نبوية تؤكد أنه لو سبق ماء المرأة .. ماء الرجل كان الجنين ذكراً أو العكس صحيح أي أنه منذ أيام الرسول وهناك محاولات للحصول علي نوع معين. معتقدات خاطئة وفي عصرنا الحديث هناك بأن هناك علاقة بين تغذية المرأة وانجاب الذكور والاناث فإذا تناولت اللحوم الحمراء وتجنبت الألبان والخضراوات كان المولود ذكراً وإذا اعتمد غذاؤها علي الألبان والخضراوات كان المولود أنثي وهناك الجدول الصيني المرتبط بعمر المرأة والشهر الذي تم فيه الحمل وهناك اعتقادات بأن استخدام المرأة لنوع ما من التشطيف المهبلي حمضي أو قلوي يؤثر علي نوع الجنين كلها محاولات غير صادقة وغير آمنة ونسبة نجاحها لا تتجاوز 10 أو 20% وهي النسبة الطبيعية للحمل العادي وهي أيضاً محاولات وطرق غير علمية وغير مبنية علي أساس صحيح حتي بدأ استخدام وسائل أطفال الأنابيب لمساعدة الأزواج في الحصول علي طفل من صلبهم وتم استخدام هذه الطريقة لفحص بعض التشوهات وخلل الكروموسومات التي قد تنجح في الأجنة في بعض الحالات المرضية ومن ضمن هذه العيوب .. عيوب قد تكون مرتبطة بجنس المولود منها: الهيموفبليا "سيولة الدم" الذي يصيب الذكور فقط ولا يصيب الاناث واستخدمت طريقة أطفال الأنابيب في فصل الأجنة الذكور عن الأجنة الاناث ليتم زرع الأجنة الاناث فقط في رحم الأم لتجنب المرض وعلي هذا الأساس بدأت فكرة تحليل الكرموسومات لمعرفة نوع الجنين فإذا رغب الزوجان في الحصول علي نوع معين يتم زرع الاجنة من ذات الجنس ولا يتم زرع الأجنة الاخري وقد يري البعض أن هذا الأمر سهل وبسيط ولكن بغض النظر عن الجوانب الدينية والفقهية والاجتماعية والاخلاقية في الموضوع إلا أنها تتناول الجانب العلمي والطبي ونقول إنه لا يستطيع مركز من مراكز أطفال الأنابيب أن يضمن حدوث الحمل بنسبة 100% أي أنه قد يتم زرع الأجنة من نوع الجنس ولا يحدث حمل علي الاطلاق وهناك العديد من الحالات التي مرت بنا وحاولت اجراء هذه العمليات وفشلت فشلا ذريعا رغم أنها أنجبت بشكل طبيعي من قبل. عمليات تجارية أشار إلي أن التفسير العلمي لذلك هو أن جدار رحم الأم يحمل شحنات كهربائية أو يكون متعادلا والاجنة تحمل شحنات متتفاوتة .. فإذا كانت شحنات الأم متعادلة فإنها تحمل النوع الذي تمت زراعته فإذا كانت تحمل شحنة ما فستحمل جنينا من النوع المغاير لها. أضاف أن عمليات أطفال الأنابيب مكلفة للغاية فتبلغ قيمتها 10آلاف جنيه وتحديد أنواع الأجنة أيضاً مكلف فتحديد نوع كل جنين 2000جنيه فإذا تم فحص 10 أجنة أصبحت التكلفة 20ألف جنيه بالإضافة إلي تكلفة عملية أطفال الأنابيب 10آلاف ليصبح اجمالي التكلفة 30ألف جنيه لتحديد نوع الجنين وليس لضمان الحصول علي هذا النوع وهذا يوضح أن الأمر ليس بالسهولة التي تشير إليها هذه المراكز . أضاف: علي الرغم من الاعتراضات الفقهية والدينية علي هذا الموضوع إلا أننا لا نستطيع ضمان الحصول علي جنس معين نحن لا نغير نوع الجنين ولكننا نزرع داخل الرحم النوع الذي ترغب فيه الأسرة ثم تتدخل مشيئة الله في حدوث الحمل من عدمه وفي استمرار الحمل من عدمه. أكد أن هذا التوجه مفيد فقط في منع حدوث الأمراض الوراثية وعلاج بعض الحالات النفسية والاجتماعية للأسر المحرومة. أضاف أن 90% من هذه المراكز تجارية لا تخضع لوزارة الصحة وللاسف مهنة الطب تحولت إلي سلعة وليست خدمة. أضاف: أنا لست ضد عمليات تحديد نوع الجنين ولكن ضد أن تتم المتاجرة بهذا الأمر. طالب الاعلام بتوعية المواطنين وألا يجروا وراء الاعلانات البراقة بهذه المراكز التي انتشرت في كل مكان مشددا علي ضرورة احكام الرقابة علي هذه المراكز. قواعد وضوابط لكن د. أحمد رشدي مدرس أطفال الأنابيب بكلية الطب جامعة الأزهر يري أن تقنية اختيار جنس المولود تتم بنجاح في مصر من خلال الحقن المجهري خارج رحم الأم بتلقيح الحيوان المنوي للزوج لبويضة الزوجة وانقسامها عدة مرات ثم الفحص الجيني لها للتعرف هل الجنين ذكر أم أنثي خاصة أننا نعلم أن الحيوان المنوي هو المسئول عن انجاب الذكر أو الأنثي فهو يضم كروموسومات X و Y أما المرأة فتحمل كروموسومات X فقط .. وبالفحص الجيني للاجنة المتكونة يمكن التعرف علي النوع دون اللعب والتدخل في الصفات الوراثية ووفقاً لرغبة الزوجين يتم حقن الزوجة بالمولود والنوع المرغوب فيه. وقال إن هناك ضوابط دينية وأخلاقية تحكم مثل هذه العمليات اضاف أن نسبة نجاح هذه العمليات مائة في المائة ولا مخاطر منها طالما يتم اتباع المعايير الدينية والاخلاقية وبالمناسبة فإن المراكز تعمل بناء علي فتوي شرعية بعد أن أثارت هذه العمليات نوعاً من الجدل. وعن أسعار هذه العمليات قال إنها في متناول الجميع وأن كانت تختلف من مركز لآخر وتكاليف الفحص الجيني ففحص ثلاثة أجنة مثلاً يختلف عن فحص عشرة أجنة وهكذا للوصول إلي النوع المطلوب موضحاً أن جميع الفئات تقبل علي اجراء هذه العمليات. وقال إن هذه التقنية تتم في مصر منذ سنوات وهي تمثل تقدما علمياً لخدمة الانسانية وتحقيق رغبة الانسان. أما د. مصطفي إبراهيم إبراهيم . مدرس النساء والتوليد بكلية الطب جامعة عين شمس فقال إن هذه التقنية مفيدة في حالة الاصابة ببعض الأمراض المرتبطة بالنوع فمثلا نجد أن بعض الذكور مهددون بالإصابة بضمور في العضلات وهنا يكون انجاب الاناث هو الحل. أضاف أن هذه العمليات تجري في مصر منذ 10 سنوات وتكلفتها تتراوح بين 20 و25ألف جنيه ويتفاوت نجاحها من مركز لآخر حيث تعتمد علي كفاءة المركز وكفاءة الاجنة د. عبدالله الصبان رئيس قسم الحديث والدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر اعتبر ذلك تدخلاً في إرادة الله وعدم التسليم المطلق بها رغم أن الأمر بيد الله وليس بيد الأطباء ولو أمعنا التركيز لوجدنا أن الاتجاه السائد هو رغبة الجميع في انجاب الذكور وهذا معناه اختلال ناموس الطبيعة مشيراً إلي الآية الكريمة "وما خلق الذكر والأنثي أن سعيكم لشتي" قائلا نعم هناك اعتقادات سائدة بأن وجود الولد هو نوع من أنواع الأمان العائلي خاصة اذا كان لدي العائلة إناث وأن الولد يحمل اسم العائلة ويضمن استمرار اسم الأب في الوجود لتتناقله الأجيال وأنا أقول أنها كلها مفاهيم خاطئة فكم من ذكور كانوا مصدر عذاب لأسرهم وكم من إناث رفعن شأن أسرهن والدليل المتميزات في المناصب المختلفة سواء طبيبات أو مهندسات أو قاضيات. وأكد أن الطفل السليم صحياً هو أفضل نعمة للزوجين . طابع عالمي وتقول د. سامية خضر استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إن الاهتمام بانجاب الذكر سمة تأخذ طابعا عالميا في عدة دول منها الصين التي تلزم حكومتها الأسر بانجاب طفل واحد فإذا جاءت انثي اهملوها ومنعوا عنها الطعام حتي تموت وصولا إلي المولود الذكر. أشارت إلي أن هناك فترات تاريخية شهدت اختلالا في أعداد الذكور مقارنة بالاناث لافتة إلي ما حدث في الحربين العالميين ومصرع ملايين الرجال وهو ما أدي إلي اختلال في المنظومة الالهية مما خلق العديد من المشاكل الاجتماعية. قالت في مصر الكثير يجهلون اننا مجتمع ذكوري نسبة الذكور فيه 51% أما الاناث 49% إضافة إلي ذلك أن وفيات الاناث حديثي الولادة أكثر من وفيات الذكور وفقاً لاحصائيات رسمية. وأشارت إلي أن التدخل الطبي الانساني لتحديد جنس المولود يهدد المنظومة الحياتية الانسانية.