لايستطيع أحد أن ينكر أن الشرطة بدأت تسترد عافيتها وتنشر ولو بصورة جزئية الأمن في ربوع مصر. من خلال مطاردتها للبلطجية والقاء القبض علي العصابات المسلحة التي تروع المواطنين. فعلت ذلك مع قتلة نيرمين خليل مديرة الموارد البشرية في أحد أكبر معامل التحاليل بمصر.. ومع مختطفي الملحن صلاح الشرنوبي.. ومع قتلة النقيب أسامة كامل ضابط الشرطة الشاب بالقليوبية.. ومن قبل ذلك مع الذين اعترضوا مرشح الرئاسة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح.. وغيرهم من المجرمين الذين انتشروا في ارجاء مصر بعد اندلاع ثورة 25 يناير والهجمة الشرسة علي اقسام الشرطة. لكن.. هل نستطيع أن نؤكد أن الأمن انتشر تماما في مصر.. وأن كل شئ عاد الي وضعه الطبيعي؟! الاجابة : بالتأكيد .. لا .. فالسلاح الذي تم نهبه من أقسام الشرطة.. والسلاح المهرب من الحدود مع ليبيا والسودان وفلسطين مازال منتشرا ويحوزه مئات الآلاف من الخارجين علي القانون.. ومازالت للاسف هذه الاسلحة يتم تهريبها من تلك الحدود. وطالما امتلكها المجرمون فسيظل الأمن مخترقا في كل انحاء البلاد. رجال الشرطة الذين القوا القبض علي مختطفي الملحن الشرنوبي طالبوا أثناء استضافتهم في إحدي الفنوات الفضائية بتحديث أسلحتهم ومدهم بالدروع الواقية من الرصاص لأنهم يتعاملون مع عصابات تستهين بأرواح الناس وتسارع باطلاق الرصاص عشوائيا عند تعرضها لمحاصرة رجال الأمن. الشيء الخطير أن يمتد نشاط المجرمين الي التعامل في المواد المشعة حيث تم ضبط عصابة أرادت بيع أمبول ملئ بالزئبق الأحمر مسروق من محطة الضبعة وعرضته علي تاجر عاديات في بورسعيد بمبلغ 150 مليون دولار. وقام التاجر بالابلاغ عنهم وتم ضبطهم. واذا كانت الشرطة بدأت تسترد عافيتها كما قلنا والقت القبض علي المئات وربما الآلاف من المجرمين القتلة وحائزي الاسلحة وافراد العصابات.. فاننا نري أن هذه الجهود تذهب هباء ولا تردع المجرمين بسبب البطء الشديد والروتين الذي تتعامل به النيابة العامة مع هؤلاء المجرمين. النيابة العامة تأمر بحبس المجرمين المقبوض عليهم أربعة أيام علي ذمة التحقيقات.. ثم يتجدد الحبس مرة بعد أخري.. أو تأمر بالحبس 15 يوما.. وتجدده مرة بعد أخري قبل أن تحيل القضية الي القضاء لينظرها.. وهو لا يصدر حكمه فيها علي الفور ليكون رادعا للآخرين لكن تظل القضية تتداول شهورا وربما سنوات حتي ينساها الناس تماما. إنها العدالة البطيئة التي تتسبب في انتشار الجريمة أكثر وأكثر.. ومن هنا طالب الدكتور جودة عبدالخالق وزير التموين والتجارة الداخلية أو هو علي الأصح تمني أن يتم اعدام واحد كل أسبوع مرة في ميدان عام ممن يتسببون في الانفلات الأمني ومن هم وراء أزمات البنزين والسولار والبوتاجاز. ومطلب الوزير وهو حق سبق ان طالبنا نحن به مرات عديدة وقلنا إن الردع لن يتحقق الا بمحاكمات عاجلة جدا للمجرمين واعدامهم في ميدان عام. والا ستظل الفوضي تضرب أطنابها في أرجاء مصر. لقد أكد اللواء محمد ابراهيم يوسف وزير الداخلية أن قوات الأمن تستطيع القضاء علي البلطجية واللصوص والباعة الجائلين في ميدان التحرير خلال أقل من ساعة اذا طلبت ذلك الائتلافات والقوي السياسية. لأن الداخلية تتعامل مع الميدان باعتباره رمزا للثورة. ولذلك فإن السؤال هنا: لماذا لايبادر مجلس الشعب باعطاء الضوء الأخضر للداخلية لتطهير هذا الميدان من بؤر الجريمة التي انتشرت فيه وفتحه للمرور تيسيرا علي المواطنين الذين اعطوهم أصواتهم ليمثلوهم في هذا المجلس؟ الواضح من مجريات الأمور أن ميدان التحرير وما يحيط به من شوارع ووزارة الداخلية والطرق المؤدية لها ستظل مرفوعة من الخدمة لحين انتخاب رئيس جديد. لأن كلا من المجلس العسكري والحكومة والبرلمان والقوي السياسية ينظر الي "التحرير" باعتباره ميدانا مقدسا حتي لو تحول إلي بؤر إجرامية!!