لا أظن أن الكرة المصرية بشكلها الزاهي ووزنها الطبيعي. ستري النور قريبا. أو تسترد عافيتها.. وإن حالة الضبابية الغامضة والتخبط الشديد سوف تستمر لفترة مقبلة غير قصيرة.. وقد تمتد هذه الحالة لتعطل انطلاق الموسم الكروي الجديد. بعد أن فشل الموسم الحالي فشلا كبيرا ومؤلمًا وداميًا بعد أن دفعنا ثمنه غاليا من أبنائنا وأعصابنا وأمننا أيضا.. وهذا التشاؤم ليس مجرد شعور عابر. ولكنه رصد لواقع الأمور. ولأن بيننا من لا يريد الخير لهذا البلد. ويتمني لو أن يزول عنها الوصف القرآني الكريم. ب"البلد الأمين".. وجعله بلدًا يسوده الخراب والتشتت وعدم الاستقرار.. هؤلاء -للأسف- يعيشون بيننا ويتكلمون كلامنا ويأكلون أكلنا. ولكنهم في مكنون ضمائرهم أعداء لهذا المجتمع.. ووجدوا في كرة القدم غايتهم التي فشلوا فيها قبل ذلك في قطاعات ومجالات أخري.. فالكرة هي الكيان الشعبي والجماهيري الأكبر والأعظم. والذي تسوده بطبيعة الحال روح التنافس التي يمكن بسهولة تحويلها إلي التعصب والكراهية والعدوانية.. وقد نجحوا بالفعل في خلق هذه العداوة والكراهية في نفوس جماهير الكرة ضد رجال الأمن والشرطة وكل من يسعي إلي ضبط وربط الملاعب والمدرجات. وهي مسألة لا تهاون فيها.. ونتيجة لهذا النجاح الشيطاني وقعت كارثة ستاد بورسعيد وسقط فيها من سقط من أبنائنا الشهداء ولكنهم يريدون في الحقيقة إسقاط مصر. وأن يفرحوا بتمزيقها أربا. حتي يبيعوها بالقطاعي.. ما فشلوا فيه في كل الأزمات السابقة علي مدار 14 شهرا نجحوا فيه مع ساحة الكرة المصرية. ولعبوا بحماسة شبابنا الصغير. وها هم يواصلون مخططهم الشيطاني بالإعلان عن فتح باب الانضمام لجيش أو التراس مصر.. وهو مصيبة سوداء أشرت إليها في مقالي الأسبوع الماضي وتوقعت أن يتحرك أحد سواء من الأمن الوطني أو مكتب النائب العام أو حتي يخرج تعليق واحد من رئيس نادي أو مسئول رياضي ليقول كلمة لوجه الله في مواجهة هذا الخطر وهذا الجيش المزعوم الذي يحمل من عنوانه مضامين قتالية وعدوانية ومن الآخر هو ميليشيا مأجورة وسيكون عدوها الأول هو جيش مصر وأمن مصر وشعب مصر.. فانتبهوا أيها السادة. * * * الالتراس.. مصيبة كبري حلت علي شعبنا. وارتدت زي التشجيع الرياضي. والحماسة الكروية. فكر ماسوني صهيوني يتلاعب بعقلية الشباب ويدفعهم إلي معاداة الآخرين حتي لو كانوا أخوة أو أبناء عم.. وحدث هذا الغزو تحت مسمي الالتراس قبل 5 سنوات في بداية المخطط العالمي لتفتيت المجتمع المصري وإغراقه في أزمات متلاحقة وقودها هم شبابنا.. وليسأل كل واحد منا. ألم يكن لدينا روابط مشجعين لكل الأندية في مصر وكانت روابط محترمة ومنظمة وعاشقة لناديها والأهم أنها كانت تضع كل اهتمامها في مساندة لاعبيها وفريقها وتحترم في ذات الوقت الفريق الآخر.. هل كنا في حاجة إلي هذا الالتراس عندما فاز منتخب مصر ببطولة كأس الأمم الأفريقية عام 2006 وحشد وراءه كل ملايين المصريين. الالتراس.. ثقافة غريبة علينا لا تصلح بأي حال للمجتمع المصري الذي يمتاز عبر عصوره أنه نسيج واحد. ثقافة عدوانية دمرت وحرقت وقتلت.. فالقاتل جاء منهم والمقتول جاء منهم أيضا.. أما "المحروق" فهو شعب مصر الذي يبكي أبناءه حتي اليوم.. هذه الثقافة هي التي أهانت مجلس إدارة الأهلي وهتفت ضد رئيسه وأعضائه وهي التي اعتدت -بلا مبرر علي أمن مصر في أكثر من واقعة أبرزها يوم مباراة كيما أسوان.. وهي التي تتمسح الآن بحماية الثورة المصرية بينما وقود الثورة كان كل شباب مصر وليس فئة معينة بلون معين وثقافة عميلة.. وهم الذين يمثلون الآن خطرا علي المجتمع لا يقل عن خطر البلطجية والهاربين من السجون لأن أغلب أعضاء جماعات الالتراس مخدوعون في أهدافها ولا يعرفون أنهم مجني عليهم من اليوم الأول وأنهم يعادون -دون علم- المجتمع بدعوي عشقهم لناديهم. وهكذا يكون السم في العسل.